مقاومة التغيير سلوك طبيعي يكاد يكون هو الأصل.. وغالبية المقاومين هم في الأصل يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم ليس رفضاً حرفياً للجديد بقدر ما هو توجس وخوف يرافق عدم استيعابهم وتأقلمهم مع متطلباته، والبعض القليل يتعمد المعارضة خوفاً على مكاسبه الشخصية.. ونحن نعيش مرحلة تحولات مهمة وكبيرة.. قد لا يستوعبها البعض فيدخل في معارضة مسيئة لشخصه عندما يدرك لاحقاً أنه كان متوجساً من لا شيء.. وأن هواجسه ليست إلا اجتهادات شخصية لم يكن من الحكمة الجزم بها وتعميمها.. والمملكة كأي بلد محافظ؛ تتوجس فيه بعض المكونات من التغيير وتتعامل معه بحذر إلى حين أن يفرضه صاحب القرار للمصلحة العامة أو يستوعبه المجتمع استجابة لمصالحه الخاصة وحاجاته الطبيعية. وفي مقدمة مشروعات هذه المرحلة التاريخية من التحول تأتي صناعة الترفيه وهي صناعة «الخيارات».. حيث إن الدول المميزة في مجال الترفيه هي تلك التي توفر أكبر قدر ممكن من الخيارات المناسبة للجميع.. وهذا في اعتقادي هو المهمة الرئيسة لهيئة الترفيه؛ أن توفر البيئة الجاذبة لصانعي وممارسي الترفيه بعيداً عن الانزلاق في متاهات التنظيم والترويج. نتفق أنها مرحلة تصحيح مسار وتتطلب دعماً استثنائياً لكن أيضاً هي في ذات الوقت مرحلة تأسيس تاريخية يجب ألا نفوتها وأن لا يصبح معها الترفيه ودعمه عبئاً على الحكومة سيما وأنّ مشروع التحول ورؤية المملكة تسعى لإشراك القطاع الخاص وتهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة لرؤوس الأموال، وليس القيام بمهام القطاع الخاص. ولو بحثنا في التجارب سنجد أن دور الحكومات في صناعة الترفيه يقتصر على تنظيم السوق وضبط العلاقة بين مقدم الخدمة والمستفيد وفق الأنظمة والتشريعات التي تحكم الدولة، بينما يترك للقطاع الخاص مسؤولية تنظيم الفعاليات وفق قاعدة العرض والطلب، حيث إنه ليس من الحكمة أن تتحمّل هيئة حكومية عبء تنظيم المناسبات وجلب المشاركين والترويج للفعاليات.. هذا عمل عظيم لكن ليس بالعمل المؤسسي ولا يساهم في خلق بيئة ترفيهية سليمة.. ومهما مكثت هيئة الترفيه فإنها بذلك ستظلّ هذه الصناعة مرتبطة بحجم إنفاق الهيئة وجهدها الذي قد لا يستمر إلى الأبد. لذلك فإن الوضع الطبيعي هو أن تواصل الهيئة دورها في توفير بيئة الترفيه الجاذبة للمستثمرين وفق قاعدة السوق الحر التي لا تسمح بالاحتكار ولا تسمح بالمنافسة غير العادلة بين الحكومة والقطاع الخاص.