قد يخلط بعضنا ما بين تبدل القناعات ونضج الفكر وترسيخ المبادئ وبين تلونها وتبدلها كالحرباء التي تتشكل ألوانها حسب الهوى والمصلحة الخاصة، فالأولى طبيعة بشرية تتولد فوضاها وجموحها وكبواتها ونهوضها منذ ولادة الإنسان فتصاحبه طوال معتركه الحياتي فتتبدل قناعاته خلال مراحله العمرية حين تصل به لحقائق تكشفت له من بعد أن كانت خافية عليه بسبب نظره إليها من زوايا معتمة حجبت اكتمال رؤية المشهد الحقيقي وهو ما يسمى اختصارًا بالنضج الفكري، أما الثانية وهي محل مقالي هذا فهي مجرد تمثيل مبتذل وقفز ولعب مفضوح على الحبال السياسية والاجتماعية وبمهارة فائقة لا ينافسه عليها أحد حاملاً شعار لا ضرر من إفلاس الرصيد الأخلاقي مقابل تضخم الرصيد المالي خالقًا منه مصدر دخل وإن كان قذراً ليضمن البقاء تحت صنابير العملات الصعبة فتراه يقفز من حبل إلى آخر بمنتهى الرشاقة رغم «وزنه المثقل بعار المواقف» من دون أي خجل يذكر أو حياء يحمد، فهو يراهن على ضعف ذاكرة الجماهير التي شهدت مسلسله الشهير «الشبيحة والمرأة المثالية» حيث تخللت مشاهده خط الابتزاز الدرامي الرخيص ليتبدل بقدرة قادر بعد شراء كل حلقات المسلسل من قبل «المرأة المثالية» إلى خط كوميدي فكاهي فاشل كشف لنا هشاشة النص ورخص قيمة كاتبه حيث تبين للجمهور أنه ليس أكثر من كومبارس سياسي كل طموحه وأمنياته بيع حلقاته الهابطة وتحويلها لرصيد نقدي، والأدهى من ذلك أنه استطعم طعم الارتزاق الإقليمي بالعملة الصعبة بعد جفاف صنابير الارتزاق المحلي في بلاده وانفضاح أمره لم يخجل ويتوارى خلف الأنظار بل بدأ من فوره بتسويق مسلسله الجديد «اللعب على الحبلين» لعل تفتح له صنابير جديدة في منطقة لا تجهل لا هي ولا جماهيرها أمثاله ممن يبحثون عن ممول «يتصدق» عليه ليشبع «النفس المفجوعة» وكأننا نجهل أدوار هذا الكومبارس بالأمس حين تراقص على أنغام الخصوم وحقق من خلالها جائزة «أوسكار المرتزقة» ليأتي «ذليلاً» يستعطف بلادنا لكن ما غاب عن هذا الكومبارس المرتزق أن جماهير اليوم ليست بجماهير الأمس فلقد أصبحت أكثر وعيًا وتمييزًا للمسلسلات الهابطة والتي لا تحمل بين طياتها إلا قصة ارتزاق «رخيصة جدًا» على حساب أزمات الآخرين, كما أن نفس هذه الجماهير لم تعد تحمل ذاكرة السمكة بل ذاكرة أليكس مولين ودومينيك أوبراين صاحبي أفضل ذاكرتين في العالم لذلك على كل «مرتزق متلون» أن يبحث عن دور «صغير جدًا» يليق بمقامه «الصغير جدًا» وألا يتجرأ على لعب أدوار أكبر من حجمه الحقيقي.. Your browser does not support the video tag.