ابتداع الحلول هو طريق التوطين في الحقيقة، وليس القصر فقط. وبدون أي مزايدات أو فلسفة في الطرح، أسوق ما حصل في توطين سيارات الأجرة والتي صدر بها قرار سامٍ عام 1423ه، أشير فيه إلى قصر العمل في نشاط سيارات الأجرة على السعوديين فقط، وأن يبدأ بالتدرج للمنشآت القائمة 30 % في أول عام 1424 و50 % نهاية العام ذاته، و75 % منتصف عام 1425 على أن تصل إلى نسبة 100 % عام 1425. الجميل في ذلك القرار هو التدرج في التنفيذ حتى يأخذ كل طرف حقه في الاستعداد. ولكن ولأن القرار اعتمد على الإلزام دون وجود حلول كانت النتيجة ما نراه حالياً من أن سائقي سيارات الأجرة السعوديين هم فقط من يعملون على سياراتهم الخاصة. ولكن بعد وجود تطبيقات الهواتف الذكية لسيارات الأجرة في العالم، تم توطين هذه المهنة بنسبة تجاوزت ال 96 % خلال أقل من عام، وبدون جهود كبيرة لمتابعة تطبيق القرار. وهذا الحل خدم الكثير من السعوديين سواءً العاطلين أو منخفضي الدخل، حيث شكل دخلاً إضافياً جيداً للكثيرين. وتجاوز عدد العاملين فيه ال 200 ألف سائق، وهو رقم لم يتم استقطاب 10 % منه في عام 1425ه، والسبب وجود حواجز كثيرة في شركات سيارات الأجرة وملاكها. الحلول الذكية أسهمت في حلحلة المشكلة وأوجدت قطاعاً مستهدفاً يمكن الاستفادة منه أيضاً عبر تقديم سيارات للعاطلين الراغبين بالعمل في هذه المهنة عن طريق صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، ويمكن بسهولة مراقبة جدية السائق بالتنسيق مع مقدمي الخدمة. وتملك السيارة بعد مضي عامين على التزامه، ويسقط من قائمة طالبي العمل ويضم لبرنامج تشجيع السعوديين على العمل الحر، ويتم إشراكه في نظام التأمينات الاجتماعية لتوفير الحماية الاجتماعية له ولأسرته. وفي اعتقادي أن أي قطاع نريد أن نوطنه يجب أن نبحث عن حلول تواكب التغير، فمن يسيطر على السوق حالياً لا يمكن أن يقدم الخبرة للسعودي وهذه طبيعة بشرية ومن الأمثال الحية: توطين سوق بيع الجوالات والذي لا زال يواجه ضغوطاً، ولو أوجدت منصة إلكترونية حكومية موثوقة لبيع وصيانة الجولات تكمن الشباب والشابات من فتح مواقع مرتبطة بهذه الجهة فحتماً ستجد إقبالاً أكبر، وستنخفض تكلفة فتح محلات على العاملين في هذا القطاع في بداية مشوارهم العملي. التوطين يفترض أن يسبقه فكر للاستيعاب وليس فقط قصراً، حتى لا نكرر أخطاء الماضي وتكون النتائج العكسية أكبر. Your browser does not support the video tag.