في عصرنا هذا أصبح المرض ضيفاً ثقيلاً على غالبية بيوت المجتمع لا سيما مع كل التحولات المناخية والغذائية والبيئية ولا يكاد يخلو منزل من حالة مرضية ابتلاها الله بأحد الأمراض المزمنة أو العارضة وهو ما استدعى أن يكون لأفراد المجتمع مراجعات طبية في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية العامة والخاصة وهو أمر من البدهي ألا يكون فيه أي متعة أو تسلية تعود على الزائر لتلك الأماكن بالفرح والبهجة، لذا فالمريض لم يذهب هاويًا أو راغباً في تحقيق أمنية من أماني حياته وكان يتمناها منذ صغره وأيضاً لا ليجد في انتظاره طبيباً يتعامل معه بكل تعال وعنجهية وكأنه يقول لمريضه: كم أنت محظوظ يا هذا فلقد حظيت بفرصة لقائي والجلوس أمامي والنظر لبشاعة سوء أخلاقي، وطبيب آخر مهووس بلغة المال والأعمال ويعتبر مرضاه مجرد «زبائن» سيحققون له أعلى نسب الربحية التجارية فيدخلهم في دوامة المراجعات والتحاليل والأشعة الضرورية وغير الضرورية دون أي رادع ديني يحرك سكون خوفه من الله وكأن المريض هو المسؤول الأول عن تحقيق ثراء هذا المستغل الجشع والذي باع قسمه المهني والإنساني لأجل حصد الأموال الطائلة من جيوب المرضى المساكين، بينما نجد طبيباً آخر قد وضع نفسه تحت ضغوط استغلال اليوم كاملًا فتتوالى قفزاته من عيادة عامة لأخرى خاصة بحثًا عن رفع مصادر دخله فلا يعطي للمريض حقه ووقته المستحق ولا الاهتمام والعناية المطلوبة لتشخيص حالته المرضية أو الاطلاع على تقاريره وفحوصاته الطبية فيسقط في دوامة الإهمال وعدم كفاية الوقت مما يضطره لإيكال مهامه الرئيسية لفريق تمريضه. عزيزي الطبيب من الفئات التي ذكرتها أعلاه أن المريض لم يلجأ لك بعد الله إلا لاشتداد سوء حالته الصحية ويرى فيك بلسماً لآلامه وجراحه وبأمر الله سببًا في شفائه واحتواء تساؤلاته وتبديد قلقه وتطمين أهله وأحبابه، فاهبط من على سحب الغرور والطمع والإهمال لملامسة أرض الهموم وواقع اضطرار المرضى مكروهين لزيارتكم فبروا بقسمكم الذي عاهدتم الله عليه في أن تكونوا رسل إنسانية ورحمة، وبما أن مقالي يتناول تلك الفئة المقززة من الأطباء لابد لي من أن أبعث برسالة شكر وتقدير وامتنان لأطباء عظام حملوا على عاتقهم عناء الطبابة الحقيقية بإنسانيتها ورحمتها وثقل رسائلها السامية وقاموا بتخفيف معاناة وآلام مرضاهم واجتهدوا في رسم ابتسامة الأمل على وجوههم، فهؤلاء هم من قدموا لنا أسمى معاني الإنسانية حين جعلوا من حياة مرضاهم بستانًا يزرعون فيه بذور الأمل والرحمة والإنسانية. Your browser does not support the video tag.