ما زال المهندس السعودي بمختلف تخصصاته الهندسية ينتظر فرصته لتحقيق حلمه وليقدم لوطنه لمساته ورؤيته وإبداعاته الفنية المعمارية وجهوده وأمانته في بناء بنية تحتية متينة ومكتسبات تتوارثها أجيال من أبناء هذا الوطن. إن مهندسينا يمتلكون مفاتيح الإبداع ورغبة التغيير المعماري الحقيقي الذي يقلب الطاولة على جمود البيئة التقليدية التي فرضت نفسها علينا، فقد التقيت خلال فترات متفاوتة مجموعة من المهندسات والمهندسين السعوديين من الخريجين وغالبهم كان يبهرني أكثر من سابقه بأمنيته هو وجيله من المهندسين الجدد لتحقيق أفكارهم الهندسية لتكون واقعاً على الأرض وبأجود المعايير التي تتناسب مع بيئتنا وأجوائنا الصحراوية، كما أذهلني فيهم حجم إدراكهم لضرورة تغيير النمطية العمرانية السائدة وثقافة التكرار واللون الواحد وسوء التنفيذ والتخطيط الذي جعل من مناطقنا وأماكن معيشتنا غير صديقة للبيئة وللحياة الطبيعية التي بدورها عزلتنا عن نمط المجتمعات الحركية، كما أثارني شغفهم بتغيير تلك النمطية لتصبح واحات هندسية معمارية صحية وفنية تشجع المجتمع على الاستمتاع بحياة قائمة على الحيوية والنشاط والحركة وممارسة جميع أنواع الرياضات والأنشطة الجسدية والاسترخائية. لكن سرعان ما تتجهم وجوههم وهم يشتكون من تحطم أحلامهم على صخور الإحباط حين يواجهون شروط الخبرة المهنية عند بحثهم عن العمل وهو أمر لا يمكن لي ولا لغيري لوم أحد فيه، فشروط الخبرة مطلب أساسي في أي مشروع يتعلق بأرواح البشر حسب الأنظمة والأعراف الهندسية، لكنها ليست نهاية العالم فكل مهندس كان حديث تخرج واكتسب مهاراته وخبرته من فرصة أتيحت له في بدايته، ومن المؤسف أن يتحول هذا الإبداع المدفون في خيال وعقول مهندسينا السعوديين إلى سراب يفقدهم شغفهم الذي سيصنع فارق التغيير في بلادنا، ولا شك في ذلك متى ما أتيحت الفرصة لهم، فهم قد خسروا المساهمة في الطفرة العمرانية السابقة ومن الصعب ألا نعينهم على ركوب موجة انطلاق مشروعات الخير المقبلة، ولنبدأ من فورنا بتأهيلهم وإعدادهم ليوم قريب مقبل، فهؤلاء المهندسون يستحقون منا فرصة وأولوية توظيف في جميع مشروعاتنا العامة والخاصة ويستحقون دعم برامج توظيف المهندسين الجدد بما يتناسب مع سلم رواتب المهنة في سوق العمل. كما على الشركات التضحية بالقليل من أرباحها وتحمل مسؤوليتها الاجتماعية بتشجيع مهندسينا السعوديين على الانضمام لطواقم مهندسيها من خلال توظيف حديثي التخرج ودعمهم وتدريبهم وتأهيلهم وإطلاق مكنونهم الإبداعي فكل ما يحتاجونه بعض التوجيه والصقل لتلك المواهب فهم في واقع الأمر استثمار حقيقي في منجم سيذهلك بثرواته ولا خسارة فيه وغالباً ما تكون عوائده ذهباً لا يصدأ وهم لا يطلبون أكثر من «فرصة» لإثبات حضورهم الإبداعي وحسهم الهندسي وقدرتهم على المنافسة العالمية. Your browser does not support the video tag.