يصادف الثامن من ديسمبر من كل عام اليوم العالمي للغة العربية، في هذا اليوم الذي اقترحته المملكة العربية السعودية على منظمة اليونسكو ليكون موعدًا سنويًا للغة العربية، وأقرته المنظمة العالمية ليكون يوم احتفاء بها كلغة عالمية لها جذورها الضاربة في عمق التاريخ ومسارات العلم والثقافة والأدب. لغة القرآن الكريم هي لغة لكل شعوب الأرض فلا تكاد تخلو عاصمة من عواصم العالم ومدينة من مدنها من مسلم، وإن لم تكن لغته الأم هي "العربية"، إلا أنها لغته التي يقرأ بها القرآن ويتعبد بها الله. اليوم.. حشدت الجهات الرسمية وغير الرسمية في بلدان كثيرة من هذا العالم المترامي جهودها للاحتفاء بها، المملكة كدولة تعد أرضها مولد اللغة والخط العربي، على كل مستويات مؤسساتها الثقافية الرسمية والخاصة أعدت العدة لهذا اليوم، حيث تقام الندوات التخصصية والمحاضرات العلمية والأمسيات الثقافية احتفاء بها وتخليداً لدورها في بناء الحضارة والفكر والعلوم في تاريخ الإنسانية.."الرياض" وبهذه المناسبة التقى عدد من الأدباء، ليتحدثوا عن اللغة ويومها العالمي.. "قيمة اللغة بأهلها" حيث يقول د. ياسر بابطين عميد معهد اللغة العربية للناطقين بغيرها أستاذ البلاغة والنقد المشارك: تَحيا اللغات على ألسنة أهلها، وتتبوأ مكانتها بقدر فاعليتهم في الحياة المعرفية والسياسية والاقتصادية، وكل ما نمجد به لغتنا لا يكفي لمدافعة لغات الأمم المنتجة للمعرفة والصانعة للاقتصاد، فالتغني بأمجاد العربية ليس أكثر من شرارة للانطلاق، بعد أن فقدنا الثقة بأنفسنا.. تتجدد ذكرى اليوم العالمي للعربية كل عام، فتنبعث معها عزائمنا لنصنع شيئاً للغتنا، ولمستقبلنا، لأنه لا رهان على مستقبل ما لم تكن النهضة اللغوية أولى مقوماته في المعرفة والاقتصاد والإعلام. ففي لغتنا نستقلّ وننتج ونبدع ونحاور وننافس، وفي لغة غيرنا نظل تابعين مستهلكين مقلدين معزولين متخلفين! في هذا اليوم الذي أشعلت قناديله بلاد الحرمين، حين قدمت مقترحها إلى اليونسكو ليكون الثامن عشر من ديسمبر/ كانون الأول موعدًا سنويًا للغة العربية؛ نحتفي بلغتنا، نحرك هممنا ونشحذ عقولنا ونصنع للعربية شيئاً، كل من موقعه، من تخصصه، يقدم ما يستطيع لتكون العربية لغة معرفتنا واقتصادنا وكل شؤون حياتنا؛ لأنها لغتنا ولا مكان لنا بين الأمم إلا بها، هي قَدَرنا ونحن قَدَرها. "اللغة ولاء وانتماء" من ناحيته قال الأستاذ محمد عابس مدير عام الأندية الأدبية: اللغة العربية زادنا وزوادنا اليومي، ولكن حينما تعتمد اليونسكو إقامة الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يوماً عالمياً للغة العربية والاحتفاء بها فهذا تقدير دولي لأهمية اللغة العربية ولكونها أصبحت من اللغات المهمة الأساسية في العالم إلى جانب غيرها من اللغات الشهيرة. يكفي أنها لغة العرب جميعاً، وهي لغة كل من يقول (لاإله إلا الله)، فهو ملتزم أن يتعلم مفرداتها ليقرأ القرآن حينما يريد أن يصلي. فاللغة العربية بالتالي تاريخها عظيم وإنساني عريق والاحتفاء بها ليس إلا محاولة إعادة اهتمام الناس بها في زحمة وسائل التواصل المختلفة والترفيه والانشغالات بالحياه اليومية. ربما ينسون أن اللغة هي الولاء والانتماء وهي لون وجهك وهي حقيقتك وتاريخك وحضارتك هي كل الأشياء التي يجب أن نهتم ونأصلها لدى أبنائنا من الجنسين لدى الشباب والمراهقين لدى كافة فئات المجتمع ليحتفي بها كل إنسان حسب إمكانياته لو بشكل بسيط أيضاً من باب دعم اللغة. يكون في كل بيت لو مكتبة صغيرة لتعويد الصغار على الاهتمام بالكتاب وأن يقوم الآباء والأمهات بزيارة معارض الكتب والمكتبات العامة بصحبة أبنائهم من الجنسين ليغرسوا فيهم حب الكتاب وحب لغتهم لغة الإسلام ولغة العروبة. "ثلاثمائة يوم عالمي" وتحدث الدكتور عبدالمحسن القحطاني الرئيس السابق للنادي الأدبي بجدة، قائلاً: نحن الآن نهتم بالأيام كاليوم العالمي للطفل واليوم العالمي للغة العربية. والمفروض أن اللغة العربية مستمرة معنا ما استمرت الحياة فيجب أن لا نتذكرها في اليوم العالمي وننساها في الأيام الأخرى. فالعام ثلاثمائة وستة وخمسون يوماً كلها يوماً عالمياً للغة العربية، وأنا من المتفائلين بأن اللغة العربية أصبحت في المؤسسات العالمية تعتبر من اللغات الحية ومن اللغات التي تسجل، وهذا دليل على استمرارها إضافة إلى ذلك أن الذين يحسنون اللغة العربية في تزايد مستمر كل يوم عن اليوم الذي قبله، فعلينا أن نكون متفائلين. وأطمئنك أن اللغة العربية بخير ما دام أبناؤها ينطقون بها ويحافظوا عليها، فهي اللغة السهلة الطيعة التي تحمل موسيقى لأنها هي لغة موسيقية. والشخص لا يتعلمها فقط عن طريق الكتابة وإنما عن طريق الأذن، وابن خلدون حينما جاء رجل ليقرأ بيتاً من الشعر فكسره، قال له: يا غلام قم فعلم أذنك لأن الأذن إذا تعلمت تعلم اللسان. ونرجوا أن تكون أيام اللغة مستمرة. د. عبدالمحسن القحطاني د. ياسر بابطين