شاهد الناس مقطعاً انتشر في السوشيال ميديا في الأيام القليلة الماضية. نزل رجل من سيارة بيده ساطور، ركض وراء طفل للإمساك به، ظهر طارئ في المشهد خارج حسابات المتهم فنجا الطفل، أعلنت الشرطة القبض على المتهمين في هذه الحادثة في وقت قياسي. أول سؤال قفز إلى ذهني: ما مدى انتشار ظاهرة الاعتداء على الأطفال جنسياً في المملكة؟ تتفاوت الجرائم ضد الأطفال من بلد إلى آخر. تكاد تكون ظاهرة في بعض البلاد وتشكل في بلدان أخرى تجارة مربحة للعصابات الكبرى. دول كثيرة تحولت إلى ما يعرف بالسياحة الجنسية التي تقوم على الاتجار بالأطفال والقصر من الجنسين. أجبرت هذه الظاهرة الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن على إضافة واجب مطاردة الباحثين عن الجنس مع الأطفال من الأمريكيين إلى مهام الأجهزة المفوضة مطاردة الإرهابيين دولياً. تطارد المواطنين الأمريكيين في كل البلاد التي توفر هذا النوع من التجارة. لا تكتفي الحكومة الأمريكية بالحد من هذه الجريمة داخل الولاياتالمتحدة بل رأت أن من واجبها الأخلاقي منع أي أمريكي من استغلال دولاراته للاعتداء على الأطفال في أي مكان في العالم. العوامل المساعدة على الاعتداء على الأطفال لا تختلف كثيراً عن العوامل الأخرى التي تقود إلى الجرائم الكبرى. الفقر وتفكك الأسر وفساد رجال الأمن وتفشي المخدرات.. إلخ. لكن جريمة الاعتداء على الأطفال تتميز بمرض يصاب به بعض الرجال يجعل ميولهم الجنسية تتجه للأطفال الصغار ذكوراً أو إناثاً.. هذا المصدر الإضافي يجعل الاعتداء على الأطفال أمراً ممكناً حتى في البلاد التي تتمتع بشرطة نزيهة وقوية وتقل فيها نسبة المخدرات ومستواها الاقتصادي جيد كالمملكة. هذا العامل وحده يفترض أن يجعلنا يقظين لا نركن إلى قدراتنا الأمنية فالأمر لا يتوقف عند قدرة رجال الأمن. يتحمل المجتمع المسؤولية الكبرى في هكذا جرائم. هل يعرف الإنسان السعودي أن هناك مرضاً يسمى بيدوفيليا (pedophilia) معظم المصابين به يتمتعون بقدرات فائقة على الخداع ويختارون أعمالهم حيث توفر لهم فرصة الاقتراب من الأطفال كالتدريس في المدارس الابتدائية ودور الأيتام وغيرها. وهل يعلم المواطن السعودي أن الأخطر في هذه الظاهرة أن الاعتداء على الأطفال جنسياً يأتي أيضاً من الأقارب الموثوقين جداً. إذا ثبت ما شاهدناه ضد المتهمين في ذلك الشريط فنحن أمام جريمة كبرى سافرة ولكن ما قاموا به لا يرقى في جرميته إلى ما يجري عبر الخداع والتغرير وانتهاك أنبل قوانين الإنسانية: الثقة.