قلت في الجزء الأول من هذا المقال: إن الهجوم علينا في لبنان ممنهج يتولاه ساسة وإعلاميون ورعاع، معظمه مدفوع الثمن؛ كقناة تحسين خياط التي تمولها قطر وقناة (أو. تي. في) التابعة للمومياء رئيس الجمهورية. التي استضافت منتفخ الأوداج وئام وهّاب، فشنّ حملة ضدنا مستخدماً ألفاظاً سوقية تنبع من نفسه المملوءة حقداً علينا، لأنه حاول بيع بشار علينا مقابل عشرين مليون دولار، ولما رُفض بيعه كأي سلعة رخيصة ناصبنا العداء. نحن الذين عبرنا إلى المستقبل بينما غيرنا يقادون بثقافة الملالي، ثقافة اللطم والخرافة والتجهيل، والعكوف على المقابر والنواح ولبس السواد، وتلقي العزاء في أشخاص قضوا منذ ما يزيد على ألف عام، فهنيئاً لهم هذا التميز! لقد تواطأ القوم كلهم على مباركة الهجوم علينا؛ فها هو وزير إعلامهم يصرح تناغماً مع الحملة التي تستهدف الإعلامي مارسيل غانم لأنه استضاف سعوديين في برنامجه بأن "التطاول على الرموز الوطنية غير جائز في أي ظرف، خصوصاً عبر الإعلام"، وهنا نسأل الوزير الجهبذ إن كان ثمة شرف إعلامي لديه: ماذا عن إعلامكم بأبواقه القذرة الذي يتطاول على رموزنا وتاريخنا وتراثنا وأخلاقنا؟ وقد وصل الفحش حدّ صمت لبنان الرسمي عن مطرب مغمور ألف أغنية يقول فيها "إذا أراد حزب الله سيقتلع الكعبة من أرضها"! فأين وزير العدل اللبناني من هذا العبث القرمطي، وهو الذي أقام دعوى ضد الإعلاميين السعوديين بحجة تطاولهما على رموز لبنانية؟ ولو كنا سنفعل مثل فعله لادعينا على نصف لبنان. وزير العدل جريصاتي يبحث عن أسماء أمهات الأحمري والسبهان وتناسى القبض على مجرمي #حزب_الله المطلوبين للمحكمة الدولية في اغتيال الحريري، وتعليقه على الدعوى المضحكة التي رفعها وزير العدل اللبناني ضدي وضد الزميل إبراهيم آل مرعي. أما وزير خارجيتهم (الصهر المدلل) فيلمز بلادنا بقوله: إن سيادة بلاده ليست للبيع، وإنها سترد على أي محاولة للتدخل الخارجي، وإن الأزمة المتعلقة بالحريري هي محاولة لخلق فوضى في المنطقة. لكنه نسي في حومة انتشائه ببطولة زائفة أن بلاده آخر دولة يحق لها الحديث عن السيادة! وعلى الرغم من جرأته على بلادنا فقد استبعد ترحيل اللبنانيين مشيراً إلى دورهم الفعال في العملية الاقتصادية، والواقع أنه لا دور لهم في اقتصادنا، بل في اقتصاد بلادهم، ولو حدث ورُحلوا عن بلادنا فلن يتضرر أحد سواهم. ولا أجد أكثر فحشاً من قوله: "أنا لست حزب الله ولتحل السعودية مشاكلها مع إيران بعيداً عن لبنان" وكأننا نحن من اصطنع المشكلات وليست بلاده التي تأتمر بأمر الولي السفيه، وتصمت عن اعتداء حسن حزب الشيطان على بلادنا عبر اليمن. يقول الكاتب اللبناني رضوان السيد: "جزاء السعودية أن يستهدف (المتأيرنون) أمنها وأمن لبنان، وأن يسير معهم الرئيس وصهره باسم تحالف الأقليات... ويضطر الرئيس للمزيد من اللجوء إلى الأحضان الحانية، مُظهراً المزيد من التأييد لمحور المقاومة وتكون السعودية والعرب الآخرون هم المذنبون". لم تعد الأحضان الحانية مقصورة على دولة الملالي بل هناك دويلة قطر التي تغدق الأموال على الرئيس الذي لم يتخذ يوماً موقفاً بلا مقابل، فما زلنا نذكر الثمن الذي قبضه ليوافق على اتفاق الدوحة عام 2008، أما هذه المرة فقد كشف مصدر رفيع لصحيفة لوطن عن وصول دعم قطري كبير لحزب الله وميشال عون مقداره 75.2 مليون ريال للعمل ضد بلادنا، وبعد استلام عون المبلغ مناولة عبر مندوب قطري حرّض مباشرة على الطائفة السنية، وألب الإعلام والشارع اللبناني ضد بلادنا، لاتهامها باعتقال الحريري، وهكذا تفعل الأموال القذرة مع الذين لا يقلون قذارة عنها. نلحظ أن المتآمرين علينا حفنة من عملاء وفاشلين فمن وئام وهاب إلى سالم زهران وفيصل عبد الساتر وغسان جواد، وغيرهم، وشيء من البحث في سيرهم سيكشف سرّ انحدارهم في مستنقع الحقد والكراهية، فهكذا هي أخلاق من باعوا أنفسهم في أسواق النخاسة السياسية، فالصحفي شارل أيوب صاحب صحيفة الديار-كمثال- كتب عنواناً يوم الخميس (16 نوفمبر 2017) تطاول فيه على بلادنا وإنها لولا النفط لم تكن سوى دولة جمال وخيم. فمن هو شارل أيوب في الميزان الإعلامي والأخلاقي؟ يقول عنه سعد الحريري -حسب إحدى الصحف اللبنانية- لقاضي التحقيق في مقتل والده، عند حديثه عن الصحفيين اللبنانيين: "طلال سلمان من النوع الذي إذا دفعت له مالا يكتب عنك بشكل جيد... تماماً كما شارل أيوب.. لكن شارل أيوب كان أسوأ.. شارل أيوب عاهر.. شارل أيوب مقامر من وجهة نظري هو باع ضميره بشكل كامل". وشارل أيوب الذي يكتب عنا هذه البذاءة، عندما مرض مرضاً عضالاً منذ سنوات لم يجد في بلده من يصرف على علاجه سوى سفارة بلادنا. أما بلادنا التي يلمزونها بكونها مجرد صحراء وخيم، فهي التي يتهافتون عليها لكي يجدوا فرصة عمل فيها، هي التي أصبحت في مصاف دول العالم تحضراً، دولة مؤثرة تملك قرارها، وإحدى دول العشرين الأكبر اقتصادًا في العالم، وإذا أردنا أن نحتكم إلى المقياس الحضاري فكثيراً من ممارساتهم تدل على تخلفهم عن العصر كإطلاق الرصاص في الاحتفالات والمناسابات القومية، وذبح الخراف على الطرقات عند افتتاح مشروع ما، ناهيكم عن أسلوب العشائر المستحكم في مفاصل الحياة المدنية. ونحمد الله أن شتم بلادنا لم يصدر من دول متحضرة ومتطوره كأميركا أوكندا أو السويد أو اليابان على سبيل المثال، من يشتمنا ينتمون إلى دولة لم تستطع التخلص من نفاياتها، لأن ملوك الطوائف تنازعوا على اقتسامها. نحن الذين عبرنا إلى المستقبل بينما غيرنا يقادون بثقافة الملالي، ثقافة اللطم والخرافة والتجهيل، والعكوف على المقابر والنواح ولبس السواد، وتلقي العزاء في أشخاص قضوا منذ ما يزيد على ألف عام، فهنيئاً لهم هذا التميز! ختاماً إن التكتل العدائي ضد بلادنا أشبه ما يكون بتكتل عصابات يفلت زمامها كلما التفتت، ووجدت من يهدد وجودها واستمرارها في عبثها ومكرها. ولا أجد أليق بهم من قوله تعالى: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ... إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا)!