ما كشفه مؤخراً، معالي وزير التجارة والاستثمار، ماجد القصبي، من تفاصيل وأسرار جديدة حول "زلزال الفساد"، الذي يقود مكافحته خادم الحرمين الشريفين ويتابعه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأدى إلى توقيف العديد من المسؤولين.. في القضية التي شغلت الرأي العام وحظيت بتأييد شعبي كاسح. الأرقام التي تحدث عنها الوزير القصبي في مقاله الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية قبل أيام، جدٌّ مفزعة ومخيفة للغاية، خاصة أنها أوضحت أن نتائج الاختلاس المنظم في قضايا الفساد على مدار العقود الأخيرة، بلغت أكثر من 100 مليار دولار، وأن التحقيقات السرية وجمع المعلومات والأدلة في هذه القضايا استمرت على مدار ثلاث سنوات. هذه الأرقام تكشف لنا مدى ما تعرض له وطننا من ظلمٍ واستنزاف مدمر، وضعنا على حافة التساؤل المشروع عن كيفية تسرب غالبية مشروعاتنا الحكومية، وتعثرها وتأخرها، هذا عدا ما يتعرض له المواطن من "نصب" حقيقي وضياع وإهدار لكل ميزانيات الدولة التي رصدتها خاصة في العقد الأخير بمليارات قياسية.. والأهم والأخطر، هو ضرب أحلام المواطن في بنية تحتية سليمة ومشروعات تحقق طموحاته، وخدمات تلبي متطلباته في مقتل، وهذه الأخيرة في رأيي هي الجريمة الكبرى. وبكل ثقة، أستطيع أن أزعم أن زلزال الفساد الذي أعتقد أن ارتداداته العكسية ستنعكس إيجابياً على كافة المحاور إن آجلاً أم عاجلاً، هو ركن أساس ضمن أبرز محاور رؤية 2030 الاستراتيجية التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان قبل أشهر، وهدفها تحقيق الإصلاح التدريجي في المملكة، بالتزامن مع تحقيق نهضة تنموية شاملة تلبي الاستراتيجيات والطموحات المطروحة. يكفي الشعور الشعبي بأن بلادنا أمام مرحلة تغيير حقيقية، برسالة واضحة وأهداف محددة، تدعمها رؤية قيادية ثاقبة تتعامل بكل جدية وحزم وحسم، ودون تهاون مع جميع الملفات الشائكة والحساسة والتي اعتبرت طويلاً من ضمن المسكوت عنها لفترات ليست بالقصيرة. بلادنا تتغير وربما معها المنطقة برمتها، ومعيار الجدية والصرامة الواضح في التعامل مع ملف الفساد، لن يكون الأخير بكل تأكيد، والالتزام بأسس عملية التحول نصاً وروحاً هو الخيط الفاصل بين كل ما سبق وبين المرحلة الراهنة، دون تجنب القرارات الصعبة قصيرة الأجل كما قال معالي الوزير القصبي إذا كانت تعني تحقيق الأهداف الأساسية "طويلة الأجل"، من أجل اقتصاد مزدهر، ومجتمع نابض بالحياة، وأمة مسؤولة. شكراً لهذا الطرح الجميل والواعي.