بعد هدوء عاصفة قضية مهاجم الوحدة السابق علاء الكويكبي، يمكن القول الآن وبهدوء تام إنها لم تكن القضية الأولى التي ينتصر فيها الأمين العام السابق للجنة السعودية للرقابة على المنشطات بدر السعيّد على مناوئيه بعد صدور قرار الهيئة العامة للرياضة بالتأكيد على صحة إجراءات اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات على إثر التحقيق الذي أمر به رئيس الهيئة لدراسة الملف الذي أعيد فتحه بعد سنوات من طيّه.. أهمية ما انتهت إليه القضية ليست في انتصار السعيّد الذي كان واثقاً في كل القضايا التي زج إليها عنوة منذ قضية لاعب الوسط المصري حسام غالي، مروراً بقضية قائد نادي الاتحاد ولاعب الوسط محمد نور، وحتى قضية الكويكبي، وإنما في بعض التعاطي الإعلامي تحديداً مع تلك القضايا، والتي بدا واضحاً غياب المهنية عنها، ما ساهم في تأجيج الشارع الرياضي، وتأليب الجماهير ضد السعيّد ولجنة المنشطات. الانحياز الواضح في مثل تلك القضايا لم يكن انحيازاً للمهنة، وإنما انحيازاً للأشخاص ضد طرف من أطراف القضية، وهو ما وضع المهنية الإعلامية في حالة من الحرج، على الرغم من قوة ملف القضية باعتباره ملفاً إعلامياً محرضاً على الإبداع الصحفي، وهو ما كان يستدعي عملاً استقصائياً، ولو حدث ذلك لكنّا أمام مادة إعلامية ناجحة بامتياز، بحيث يكون الانتصار فيها للمهنية وليس للذوات، أياً تكن مآلات القضية. صدور القرار بالتأكيد على صحة عمل اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات جعل بعض الإعلام أيضاً ينحاز للسعيّد لدوافع كان يشم منها رائحة الميول، وهنا لا ألوم السعيّد فهو لم يكن شريكاً في صراع الميول المفضوح، فاللوم يقع على عاتق المتصارعين في تلك الحلبة، وهو سقوط جديد في اختبار المهنية، وخيبة أمل أخرى في طريقة التعاطي الإعلامي. من المؤسف أن ينظر للقضية سواء قبل صدور نتائج التحقيق، أو بعدها على أنه انتصار لجهة على حساب جهة أخرى، بينما كان المفترض النظر لها من زاوية المهنية الإعلامية، ولو حدث ذلك لخرج الإعلام منتصراً من دون خاسر أياً تكن النتائج. أعجبني بدر السعيّد في قراره باللجوء إلى مقاضاة من أساؤوا له، وإن حدث وكسب مواجهته المقبلة، فلن يكون انتصاراً شخصياً له، وإنما سيكون انتصاراً للمهنية، إذ سيسهم ذلك في إحداث مراجعة ضرورية في طريقة التعاطي الإعلامي مع مثل هذه القضايا، التي ظلت ساحة للردح الإعلامي، ومنصة لتصفية الحسابات، وحلبة للاستقواء واستعراض العضلات.