نجاح رؤية المملكة العربية السعودية مرهون بعوامل عدة أهمها التعليم والأسرة. في مقالي السابق ذكرت أهمية اندماج مراحل التعليم العام بشكل عملي مع مراحل تحقيق الرؤية من خلال المناهج وتطبيقاتها لأن الرؤية لا يمكن أن تتحقق بشكل صحيح مالم يكن انسانها مستوعبا ومتأهبا لها. فإعداد الانسان يبدأ من أسرته ومن ثم تعليمه. دور الأسرة المهم في ترسية دعائم أي نهضة من خلال رؤيتها جعلها من أولويات أي ناهض بأمته فمن خلالها بإمكانه أن يرسم علامات الطريق التي يحتاجها لينير درب شعبه للأهداف التي وضعها لهم. فكيف يمكن أن نحول الأسرة السعودية إلى مصنع منتج لأفراد قادرين على تحقيق الرؤية وأهدافها؟ برمجة الأسرة وتجنيدها بشكل عملي كرافد مهم يعتبر أحد أهم محاور النجاح في أي رؤية أو خطة مستقبلية وهو ليس مستحيلا لكنه ليس بالسهل لأنه يقوم على تقويم واعادة صياغة الثقافة المجتمعية بالتخلص من المفاهيم السلبية في المجتمع السعودي وتقليص العادات السلبية بتجفيف منابعها لتحسين أداء الأسرة في المجتمع. وهذا هو الهدف الذي يجب أن نركز عليه في المرحلة المقبلة وهو تعزيز دور الأسرة في الخطط التنموية التي تمثلها الرؤية الحالية. لأن بناء الإنسان يبدأ منها إذا آمنت الأسرة ببرامج وطنها ربت أبناءها على احترام هذه البرامج وأهَّلتهم للانخراط فيها. التوازن في الأسرة مطلوب ولن يتحقق التوازن مالم يكن هنالك برامج تأهيل ودعم للأسر السعودية تتناسب مع احتياجات جميع شرائح المجتمع. هذه البرامج تتطلب وجود وزارة متخصصة في رعاية شؤون الأسرة في البيت في الحي وفي المجتمع، وحمايتها من أي مخاطر يمكن أن تؤثر على استقرارها ومن ثم على أدائها. المجتمعات الناجحة هي تلك التي تحتضن برامج متنوعة لدعم احتياجات الأسرة المعنوية والمادية. ومعظم مشاكل المجتمع السعودي الحالية سببها قلة البرامج الراعية لسلامة الأسرة ولدعمها. المجتمعات الكبيرة والمتنامية تحتاج دائما إلى وجود رقابة ومتابعة وتأهيل لأفرادها داخل أسرهم. تأهيل نفسي مجتمعي ليستطيع أفراد المجتمع التعاطي مع بعضهم بسلاسة في البرامج المستقبلية. الانتماء والدعم القبلي كانا الراعيين للأسرة السعودية في العقود الماضية هذا الدعم لن يكون كافيا في المستقبل لتغير تطلعات المجتمع والتوسع في الانفتاح على المجتمعات الأخرى. اذا اتفقنا أن المحافظة على الهوية الوطنية وتكريسها يبدآن من الأسرة فمالم تكن هنالك برامج مدروسة لتأهيل الأسرة وأفرادها مع التحولات الحالية وحمايتها من تداعيات أي تغيرات محيطة فقد يحدث خلل وقد يخلق اشكالات داخل الأسرة نفسها تمنعها من التعاطي بشكل ايجابي مع المشروعات الوطنية المستقبلية. على اعتبار أن نجاح الرؤية يجب أن يكون من خلال الأسرة السعودية أولا بحماية قيمها ومبادئها وتطوير أدائها التربوي والأسري لتنتج أفرادا أسوياء. إلا أن ما يوجد الآن من برامج أسرية لا يعدو كونه اجتهادات مبعثرة وأنشطة منفصلة لبعض الوزارات لكنه لم يرتق يوما لأن يكون مشروعا وطنيا طموحا متكاملا للحفاظ على هوية الأسرة السعودية ولتدعيم أدائها وتطويره. هذه المهمة الحيوية للمجتمع لن تتم مالم يكن هنالك جهاز اداري متكامل ومترابط يدعمها يبحث احتياجاتها المتغيرة ويكرس جهوده لتلبيتها فهل سنرى وزارة للأسرة مستقبلا؟!