إحدى ركائز النجاح في قطاع الأعمال هي التخصصية، لذلك نرى أن شركات تُسند بعض المهّمات لفرق خارجية متخصصة بدلا من القيام بها بفريق داخلي من الشركة، تتنوع هذه المهام من جوهرية إلى ثانوية لكن يبقى عمل الاستشارات والاستعانة بالمستشارين من أبرز المهام التي تشترك جميع الشركات في حاجتهم لهم. ومحليا تم انتقاد الاستعانة بالمستشارين الأجانب تحديدا في عدة مناسبات، وهي مسألة شائكة وليست سهلة لتحديد فائدتهم من عدمها للجهة المستقطبة لهم، وكما يُقال دائما "المستشار هو من يأخذ ساعتك ليخبرك الوقت" وعلى الرغم من هذه القناعة تجاه المستشارين إلا أنه أحيانًا تتم الاستعانة بهم مع معرفة الجهة المستقطبة لهم بالحلول والخيارات قبل أن يتم طرحها وإنما تستفيد الجهات من الاسم فقط لكي يستخدموا رأيهم (الداعم لرأي الشركة بالأساس) في إقناع أعضاء مجلس الإدارة مثلا بحكم شُهرة وسُمعة هذه الشركة المتخصصة بالاستشارات، وهذه طبيعة بشرية للأسف أن الطرف الآخر يجد القبول للاقتراح بشكل أسرع وأسهل إذا جاء من شخص متخصص أو له سمعة تجارية كبيرة من لو جاء من موظف صغير أو جهة مغمورة، وهذا ليس سرا بل صرّح به المهندس مطلق المريشد الرئيس التنفيذي لشركة التصنيع لدى استضافته في ديوانية الدغيلبي. وبسبب طفرة وتنوع الأعمال النوعية الجديدة بين الجيل الحديث في السعودية واستغلال سُرعة الانتشار بالشبكات الاجتماعية، استخدمها بعضهم للتسويق لنفسه بأقصر الطرق، لذلك تجده يُدمن انتقاد جهة معينة ويتجاوز في نقدها جميع الأعراف مستغلا سياسة تجييش الجماهير لصالحه حتى يُظهر زخم تأثير انتقاده على ممارسات هذه الجهة، وبمراقبتك لمحتواه والتدقيق فيه ستجد أن فكرة انتقاده لربما كانت صحيحة لكنه لم يحافظ على شعرة معاوية بين الإنصاف في الانتقاد والإشادة بالإنجازات وتطرّف بنقده وحشد الأصوات في شبكته الاجتماعية حتى يصوّر للمتابعين وللجهة التي انتقدها أنه هو طوق النجاة الوحيد لهم، وكل معاناتهم ستنتهي بمجرد ما إن يتم التعاقد معه من قبل هذه الجهة. هذه الممارسات الرخيصة التي يعمد بعض (الخبراء، المستشارين، المتخصصين) المحليين في استخدامها للتسويق لأنفسهم وزيادة مداخيلهم على حساب عاطفة الجماهير واستغلالا لثقتهم برأيه ومحتواه، هذا المتطرف بنقده تجده ينقلب على النقيض منذ اللحظة التي يتم التعاقد معه، فهو بذلك يسير بخطّة "لعّبوني، ولا بخرّب". مثلما نوجه العتب على إدمان الجهات الحكومية والشركات الاستعانة بالاستشارات الأجنبية دون المحلية، يجب أن نوقف عبث المشاهير في الشبكات الاجتماعية الذي أصبح تجييش الجماهير سياسة أولى لهم في زيادة مداخيلهم المالية، دون ذلك سنُنمّي نزعة الانتقاد غير المنضبط الذي أدمنه البعض ليصبحوا مستشاري المستقبل..