كل يوم يثبت الفلسطينيون أن صمودهم هو الأهم في مواجهة الكيان الصهيوني الذي لم يتوقف يوماً عن محاولة احتلال ما تبقى من أراضيهم، وتغيير إرثهم الثقافي والسطو على هويتهم الدينية. بعد نحو أسبوعين من المكابرة الإسرائيلية ها هم يصلون في باحات الحرم القدسي رافعين رؤوسهم، فلا فرض وصاية عليهم ولا إجراءات أمنية وضعت لتكسر عزيمتهم وتجعلهم غير قادرين على الدخول إلى أعز مقدساتهم بكرامة. في العام 2000 دنس رئيس الوزراء الصهيوني المقبور أرئيل شارون المسجد الأقصى وقال وسط جنوده وحراسه الشخصيين: إن الأقصى سيبقى منطقة إسرائيلية.. فرد عليه الشعب الفلسطيني بانتفاضة استمرت خمس سنوات، وبعد نحو 17عاماً حاول بنيامين نتنياهو استغلال حالة الانقسام العربي لفرض واقع جديد في القدس فرد عليه الفلسطينيون: نحن هنا وسنبقى هنا. كانوا على استعداد للتضحية بما تبقى لهم من مظاهر التهدئة والاستقرار الزائفة للانطلاق في انتفاضة جديدة عنوانها الأقصى أيضاً، فهو الأهم لديهم والأغلى عندهم، ولأنهم يدركون جيداً أن التنازل عن حقهم فيه سيقود الاحتلال إلى العبث بتاريخه والإسراع في تهويده أو على الأقل تقسيمه زمانياً ومكانياً ليجعل للمستوطنين حقاً مغتصباً فيه ونصيباً منه كما فعلوا بفلسطين التي نحب. لا أحد يستطيع أن يجبر المقدسيين على ذلك، لا معاهدات صورية ولا اتفاقات سلام ولدت ميتة فعجزت عن إعادة الحق لإصحابه.. يستطيعون بفرض الأمر الواقع احتلال منازلهم.. وهدمها فوق رؤوسهم.. وتهجيرهم منها.. إلا الأقصى بمصلياته وقبابه وساحاته وبكل ما فيه من مقدسات إسلامية، فهو إلى جانب بيوتهم المسلوبة أهم وأغلى ما تبقى لهم. وبينما هم ماضون في صمودهم حتى النهاية باذلين الروح والدم في سبيل أقصاهم، كان غيرهم يرفع الشعارات ويواصل التنديد والشجب و(اللطم) في بكائيات للاستهلاك الشعبي لم ينتج عنها سوى التحريض والتخريب في بلداننا فيما بقي العدو الحقيقي آمناً مطمئناً. هذا ما تعودناه منهم وما عرفناه عنهم.. أحزاب ودول اختلست أسماء مقدساتنا ورفعت شعارات قضيتنا كميليشيات المقاومة المزعومة.. حزب الله وفيلق القدس وغيرها من الميليشيات التي تركت الأقصى لتحارب الشعوب العربية في العراق وسوريا واليمن.. بينما ما زالت دول الممانعة "تحتفظ بحق الرد في المكان والتاريخ المناسب" في جغرافية وتقويم وهمي لا يوجد إلا في مخيلاتهم وعالمهم الافتراضي. في مقابل هذه الشعارات والخطب الرنانة التي لم ينتج عنها سوى التصفيق الركيك والبارد كان هناك من يعمل بصمت لدعم صمود الشعب الفلسطيني ليجعل من نفسه حقيقة ًوواقعاً خادماً للحرمين الشريفين، وأولى القبلتين.. ف #الأقصىفي قلبسلمان.. أيضاً.