يعيش التلفزيون السعودي هذه الأيام حالة نشاط وحيوية بعد قرار معالي وزير الثقافة والإعلام د. عوّاد بن صالح العوّاد بتشكيل لجنة لتطوير الإعلام السعودي بشكل عام بما فيه الأقنية التلفزيونية الرسمية، حيث بدأت الاجتماعات المكثفة بين القيادات في هيئة الإذاعة والتلفزيون لتنفيذ رؤية معالي الوزير. ونظراً لأن التلفزيون السعودي يعنينا جميعاً، وتطوره يعكس تطور إعلام الوطن، ويقدم صورة زاهية لمدى تطور المملكة بشكل عام، فسنضع هنا بعض الأفكار التي نرى أنها تخدم ذات الاتجاه، والتي جاءت بعد سنوات من متابعة أداء قنوات التلفزيون ورصد لأبرز نقاط ضعفه. أولاً ومن حيث المحتوى، التلفزيون السعودي لا يختلف كثيراً عن محتوى القنوات الخاصة المسيطرة على السوق مثل MBC وروتانا، لا بل إن محتواه في بعض الأحيان أفضل، لكن الإشكال هو تجويد هذا المحتوى وتقديمه للمشاهد بشكل متقن. أبرز عيوب "الشكل" في التلفزيون السعودي تكمن في "فواصل" الربط الرتيبة بين البرامج، وفي عدم الالتزام بمواعيد البث؛ ولو حل التلفزيون هاتين المعضلتين فسيرتقي تلقائياً إلى مستوى المنافسة. على مستوى إعداد البرامج، هناك إشكال في تكوين فريق إعداد جيد بمهام موزعة بشكل واضح. جرت العادة أن البرامج يتم إعدادها بصورة ارتجالية، وفي الغالب يقوم المخرج أو المُعد بكل المهام، من مخاطبة الضيوف إلى كتابة السيناريو إلى التنسيق، في عشوائية لا نجدها في القنوات الخاصة. ثم تأتي مشكلة التسويق. القنوات الخاصة تفوقت بفضل فريق التسويق الخاص بها، بمؤتمراتها الصحفية وإعلاناتها المنتشرة في كل مكان، بينما التلفزيون السعودي الذي يقدم في بعض الأحيان تقارير حصرية، ليس لديه فريق مختص بالتسويق والتواصل، ولا يكاد ينتبه أحد لبرامجه الجديدة إلا صدفة، بلا إعلان ولا تسويق مبكر. هذه الملاحظات تعاني منها كل قنوات التلفزيون السعودي باستثناء قناة الإخبارية، وهي ملاحظات تقنية تتعلق بالشكل بالدرجة الأولى وبالإمكان علاجها بشيء من الإدارة الصارمة التي تسير وفق معايير "جودة" ثابتة ومحددة، وهذا المأمول من اللجنة التي شكلها الوزير د. عوّاد العوّاد، ولا نشك في أن قرار إنشاء لجنة التطوير ما جاء إلا لحل هذه المشاكل وغيرها. أخيراً.. نتمنى من اللجنة أن تعيد النظر في "عدد" قنوات التلفزيون السعودي، وفي جدوى استمرار قنوات مثل "الثقافية" و"الاقتصادية" التي تكلف مبالغ كبيرة دون نتيجة ملموسة. لو تم نقل البرامج المميزة من هاتين القناتين إلى القناة السعودية الأولى، وتم الاكتفاء بقناة واحدة متميزة ومنافِسة، لكان أفضل للتلفزيون من هذا العدد الكبير من القنوات التي شتت كوادر التلفزيون واستهلكت جهود القائمين عليها.