منذ بداية هذا الأسبوع تسود المجتمع أجواء من التفاؤل مع الإعلان عن رؤية السعودية 2030، هذه الرؤية التي كانت حديث المجتمع خلال الفترة الماضية، والتي انتظرها الجميع بشغف وزاد حماسهم لها وهم يسمعون تفاصيلها من سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي قدمها لهم بكل ثقة وعزم وشفافية وحزم. تطبيق هذه الرؤية على أرض الواقع لن يتم من خلال إيجاد ثروة حقيقية استثمارية؛ وإن كانت بديلاً عن النفط، فقد أثبت التاريخ بأن الثروات المادية لا يمكن وحدها أن تصنع التاريخ للدول، والدليل على ذلك هو أننا كُنَّا نعيش وعلى مدى تسع خطط خمسية تحت وقع الإدمان على النفط، واليوم وبعد تأثُّر أسعار النفط ووصولها إلى مستويات متدنية تبيَّن لنا بأن الثروة الحقيقية والتي تصنع الأمم ليست في الموارد الطبيعية بل هي في الموارد البشرية. العنصر البشري عند الدول المتقدمة عبر التاريخ هو العامل الأساسي للإنتاج ويأتي بعده العنصر المادي، ولذلك فإن الرهان الأكبر لتطبيق هذه الرؤية هو في توفُّر الكوادر الوطنية المؤهلة، والتي تقود هذه المسيرة للتطبيق، ومجتمعنا ولله الحمد مجتمع شاب وأكثر من 70% منه أعمارهم أقل من 35 سنة، وهو مجتمع متعلم ف85% من خريجي الثانوية يلتحقون بالجامعات، وهو مجتمع طموح شاب يسعى إلى التغيير نحو الأفضل، ويهدف إلى تنمية الروح الجماعية، ونبذ التعصب والفرقة والعنصرية، كما أن نسبة جيّدة منهم استفاد من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وكسب خبرة علمية ودولية، وهو مجتمع شغوف بالعمل التطوعي ودعم مؤسسات المجتمع المدني والمشاركة في أنشطتها المختلفة، كما يعد هذا المجتمع في مقدمة المجتمعات على مستوى العالم تفاعلاً مع وسائل التواصل الاجتماعية بمختلف أنواعها. هؤلاء الشباب هم العدة الحقيقية التي يمكن من خلالها أن تساهم في تحقيق تلك الرؤية الطموحة، وهم عصب التنمية الرئيس لبناء حضارة جديدة، وهم المحرك الحقيقي الذي سيُساهم في إنجاح البرامج والمبادرات التي تقوم على نشر ثقافة التطوير والإنتاج والتحسين المستمر في مختلف جوانب الحياة، ولذلك يجب علينا أن نستفيد من أخطاء الماضي، وأن نستثمر في رأس المال الحقيقي للوطن، فالحضارات تُبنَى بالبشر لا بالأموال. [email protected]