في بعض القرى والأرياف كانوا يسمون المرأة «حمامة».. تيمنًا بجمالها ورشاقتها، واستخدم الشعراء كل مفردات أسراب (الحمام) رمزية للأنثى والجمال.. فهل أنصف (الحمام) الحمام في الصفات والتشبيهات والمسميات..؟! ***** .. وإذا ما غنت سميرة توفيق «رف الحمام مغرب» كبكب (شيباننا) فناجيل القهوة وهم يزحفون على ركبهم لملاحقة (غمزة عين) الفاتنة سميرة..!! ***** .. وكان «الحمام الزاجل» مرسول حب ومرسول سياسة عبر التاريخ، بسبب عودته دومًا إلى وطنه، في زمن باع فيه البعض ضمائرهم وأوطانهم..!! ***** .. وفي السياسة... تمثل الحمامة وغصن الزيتون «شعار السلام».. وقد تساقطت أغصان الزيتون من يدي الرئيس عرفات ومن معه، ومن بعده، ومات الحمام، وقضية فلسطين لازالت تراوح مكانها..!! ***** .. والعرب يتدربون على اصطياد الحمام من على أغصان الشجر.. وحمقاهم يشترونه بالملايين من حراج «مزايين الحمام».. ما أشد غرابة نقائض العرب.. تمامًا يشبه انقسامنا على بعضنا، في شارع نهتف (بالروح، بالدم، نفديك يا زعيم).. وفي الشارع الآخر (الشعب يريد إسقاط النظام)..!! بالمناسبة ذكرني حراج مزايين الحمام بمئات الحراجات (لمزايين الكلاب) تقبع فوق أجساد البسطاء والشهداء والجرحى في شوارع الدم العربي..!! ***** .. والحمام على سرعته ونفوره، إلا أنه سهل التغرير به واصطياده.. كنا ننصب له (مرتمة) وهي حجر عريض مسطح مستدير ننصبه بشكل مائل وننثر تحته الحب، وإذا ما جاءت الحمامة تلتقط الحب اطبقت عليها (المرتمة).. وما أكثر (المراتم) في هذا العالم التي اصطادت شعوبًا ودولاً بالمؤامرات والدسائس..!! ***** .. وقام أحد الأزواج الحمقى بحرق وجه زوجته بالنار.. وقيدت قضية «حرق جبهة حمامة» ضد مجهول.. كم قضية عربية احترقنا بنارها وقيدت ضد معلوم بسبب الضعف والهوان...؟!! ***** .. ولم يسلم الحمام.. هذا الطائر الجميل حتى من الاستخدام في سباق التسلح.. فمن أغرب الأسلحة الأمريكية صواريخ موجهة بواسطة الحمام، فكل صاروخ مزود في مقدمته بثلاث حمامات مدربة تقوم بنقر الشاشة لضبط توجيه الصاروخ. اعتقد مثل هذه الصواريخ ستكون ناجحة مع العرب.. يبيدنا الصاروخ ونحن «فاغرين» في الحمام..!! ***** .. وحتى الحمام الميت أشركناه في جرائمنا، ففي زمن الحروب يحنطون الحمام ويضعونه فوق الألغام، كي يحترق المحاربون بخداع (حمام السلام)..!! ***** .. مشكلة الحمام... الجمال.. ومشكلتنا نحن أننا نستبيح هذا الجمال في الحب والدمار...!!
