مرت توسعة المسجد الحرام بمراحل عديدة اختلفت ظروفها بحسب الأحداث والتطورات والعوامل السياسية والمناخية، وعمل غالبية الولاة والحكام والأمراء على أن يكون لهم بصمة في هذا السجل الإنساني المشرف، وإن كانت أعمال التطوير قد ازدهرت وأينعت في بعض العصور، إلا إنها في البعض الآخر توقفت حيث مرت على المسجد الحرام فترة 800 عام، بعد عمارة الخليفة المهدي لم يشهد أي جهود بارزة في هذا الشأن وتوقفت التوسعة عند 30 ألف متر م2 قبل أن تنطلق التوسعات السعودية العملاقة. شراء دور قريبة وضمها للمسجد الحرام بعهد الخلفاء الراشدين في البداية لم يكن للمسجد الحرام منذ عهد الخليل عليه السلام وحتى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه سور خاص به، بل كانت الدور تحيط به من كل جانب، تمتد بينها طرق، تؤدي إلى الكعبة المشرفة، وبقي الأمر على هذا الحال في أول الإسلام، حتى اشترى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عدة دور قريبة من الكعبة، وأدخلها في المطاف، وجعل حولها جدارًا قصيرًا دون القامة، وعمل سدًا عظيمًا بأعلى مكة في الجهة الشرقية الشمالية من الكعبة ؛ حماية للمسجد الحرام والكعبة من السيول العظيمة التي كانت تجتاحها. ولما ضاق المسجد على المصلين في عهد عثمان رضي الله عنه اشترى بعض الدور، وأدخلها في المسجد، في عام 26 من الهجرة، وجعل للمسجد أروقة. والمسجد الحرام هو خير البقاع على وجه المعمورة ويقع داخل بلد الله الحرام مكةالمكرمة، مهبط الوحي، وموطن البعثة المحمدية، التي اختارها الله لبيته الحرام، وقد اختصها الله تعالى بمزيد من الفضل، وجعل لها من الحرمة والمكانة ما ليس لغيرهما من سائر البقاع، ولا أدل على ذلك من مضاعفة الصلاة فيها، إذ الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة فيما سواه. عمارة العثمانيين للمسجد الحرام في عهد الخليفة العثماني السلطان سليم خان سنة 979ه، وقع تصدع بالمسجد الحرام، وأصدر أمره ببناء المسجد الحرام، ولما فُرغ من بناء الجانبين الشرقي والشمالي توفي، وتولى ابنه السلطان مراد خان الخلافة فأصدر أمره بإكمال البناء وذلك عام 984ه، وهو ما يسمى الآن بالرواق العثماني. وتلا ذلك عدة ترميمات وإصلاحات، كان من أهمها بناء الكعبة المشرفة حينما تهدمت بسبب الأمطار، في عهد السلطان مراد خان ابن السلطان أحمد خان عام 1040ه. وأهم ما يميز عمارة الرواق العثماني أنه حل فيها القباب محل السقف الخشبي، وأنشئت نتيجة لذلك العديد من الأعمدة الرخامية، واستخدمت الأعمدة التي تبقت من عمارة المهدي، وأعمدة من الحجر الشميسي، وأصبح عدد الأعمدة بعد هذه العمارة (589) عمودًا، موزعة على جميع جهات المسجد الحرام، وضم المسجد (152) قبة، موزعة على جهات المسجد الأربع، و(232) طاجنًا بجوار القباب، وعدد الأبواب (26) بابًا، وبلغت مساحة المسجد الحرام في العمارة العثمانية (28003) أمتار. أبرز التوسعات في العهود الإسلامية المختلفة * توسعة عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما للمسجد الحرام في 64 ه حيث اشترى دورًا من الناس وأدخلها في المسجد الحرام، كما أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم الخليل عليه السلام. * بناء عبدالملك بن مروان لما تهدم من أجزاء في المسجد الحرام، بسبب قتال الحجاج لابن الزبير، وقد جلب إليه السواري في البحر، وسقفه بالصاج وعمره بصورة حسنة، كما أعاد بناء الكعبة على بناء قريش. * توسعة وبناء الوليد بن عبدالملك بن مروان سنة 91ه إذ نقض عمل أبيه ونفذ عملًا محكمًا بأساطين الرخام، وأزّر المسجد من داخله بالرخام، وجعل له شرفات. * اجرى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ؛ زيادة يسيرة في شقه الشامي، وعمل منارة في الركن الغربي. * أمر الخليفة المهدي العباسي بشراء الدور التي في أعلى المسجد الحرام بين المسعى والمسجد من الجانب الشرقي، ومن الجوانب الأخرى، وأدخلت هذه المساحات كلها للمسجد الحرام، وبدأت التوسعة سنة 167ه، غير أن الخليفة المهدي وافته المنية قبل أن تكتمل، فأكملها ابنه الخليفة موسى الهادي سنة 169-170ه. وقد زادت في المسجد (12512) مترًا. * نفذت في المسجد الحرام إصلاحات وترميمات متعددة في عهود عدد من خلفاء بني العباس، كان آخرها في عهد الخليفة المقتدر بالله سنة 306 ه. * بقي المسجد من وقت عمارة المهدي دون تجديد أو توسعة تذكر مدة (810) سنوات، سوى بعض الترميمات والتحسينات وبعض الزيادات اليسيرة.