أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    إنسانية دولة    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    حضور قوي للصناعات السعودية في الأسواق العالمية    السعودية تستضيف الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي    معرض برنامج آمن.. الوقاية من التصيُّد الإلكتروني    ممكنات الاستثمار السعودي السياحي تدعم المستثمرين السعوديين والأجانب    معادلة سعودية    رئيس الطيران المدني: إستراتيجيتنا تُركز على تمكين المنافسة والكفاءة    المملكة تجدد مطالباتها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيّين في غزة    عدوان الاحتلال.. جرائم إبادة جماعية    المطبخ العالمي    القوات الجوية تشارك في "علَم الصحراء"    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    الهلال يستضيف الفيصلي .. والابتسام يواجه الأهلي .. في ممتاز الطائرة    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    مجلس الوزراء: 200 ألف ريال لأهالي «طابة» المتضررة مزارعهم وبيوتهم التراثية    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    وزارة البيئة والمياه والزراعة وجولات غير مسبوقة    أضغاث أحلام    تأثير الحياة على الثقافة والأدب    جائزة غازي القصيبي (2-2)    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    المجمع الفقهي والقضايا المعاصرة    دورة حياة جديدة    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل كرات الترافل بنكهة الليمون    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    5 عوامل خطورة لمتلازمة القولون العصبي    تحذير من مرض قاتل تنقله الفئران !    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    مركز التواصل الحكومي.. ضرورة تحققت    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    أمانة المدينة تطرح فرصة استثمارية لإنشاء مدينة تشليح    العدالة الرقمية    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    عبدالعزيز بن سعد يناقش مستقبل التنمية والتطوير بحائل    الشورى يدعو «منشآت» لدراسة تمكين موظفي الجهات الحكومية من ريادة الأعمال    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    سورية.. الميدان الحقيقي للصراع الإيراني الإسرائيلي    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    مهمة صعبة لليفربول في (ديربي ميرسيسايد)    أمير الرياض يستقبل عددًا من أصحاب السمو والفضيلة وأهالي المنطقة    العين الإماراتي إلى نهائي دوري أبطال آسيا والهلال يودّع المسابقة    «مكافحة المخدرات» تقبض على ثلاثة مروجين    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي فرع الرئاسة العامة بمنطقة جازان    مطالب بتمكين موظفي الحكومة من مزاولة "الأعمال"    السديس يُثمِّن جهود القيادة الرشيدة لتعزيز رسالة الإسلام الوسطية وتكريس قيم التسامح    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القبيلة.. إشكاليات الجذر والفرع
نشر في المدينة يوم 13 - 11 - 2018


ما كنت لأُعاود الكتابة عن قضية انتساب القبيلة لأصل واحد لولا كمُّ التفاعل الذي حظي به مقال الأسبوع الماضي من قِبل عدد من الزملاء والمثقفِين الذين صادقوا -عبر اتصالاتهم ورسائلهم- على ما جاء فيه، وهو ما جعلني أستدعي قضيةَ ما يسمى بالجذور وتدوينات المؤرخين عنها، وقضيةَ الوصاية التي تمارسها بعض القبائل بحجة أنها جذور وغيرها فروع تابعة لها. وقد تبين لنا في المقال المذكور أن أي قبيلة ما هي إلا خليط من أعراق شتى تجمعهم بقعة جغرافية واحدة، وربما لا نجد فيها إلا أفرادًا معدودين ينتسبون فعلاً للجد الذي تنتسب له القبيلة، بمعنى أن القبيلة تخضع للشرط الجغرافي الذي هو رابطها الأساس، فهي أشبه ما تكون بدولة مصغرة. تبدأ الإشكالية بما دوَّنه المؤرخون وتلقفه النسَّابون حينما جزموا بأن القبائل العربية في الجزيرة العربية والشام والعراق جاءت من اليمن وتحديدًا من سبأ بعد خراب سد مأرب، وعليه فالعقل الواعي لابد أن يطرح حول هذه المدونات جملة من التساؤلات خصوصًا ونحن لا نناقش نصًّا شرعيًّا ولا مسلَّمةً دينيةً. أُولى هذه التساؤلات المطروحة يقول: هل يُعقل أن العرب الموجودِين اليوم في الجزيرة العربية والشام والعراق أصولهم جميعًا من سبأ؟ يقينًا أن هذا القول منتفٍ كانتفاء انتساب أفراد القبيلة لأصل واحد وللأسباب ذاتها التي وردت في المقال السابق. ثاني هذه التساؤلات يقول: كيف استطاعت سبأ (ذات المساحة المحدودة) استيعابَ هذه القبائل كلها قبل هجرتها وهي -أي القبائل- التي ضاقت بها تلك الجهات (عند) هجرتها إليها؟ التساؤل الأخير: عندما هاجرت القبائل السبئية إلى تلك الجهات، هل يعقل أنها كانت خالية من البشر، وإن كانت مأهولة فكيف استطاعت القبائل السبئية المهاجرة جميعها -وقد أنهكها السفر مع قلة زادها وعتادها- التغلبَ على قاطني تلك الجهات (المستقرِّين)؟ لذا، فعلى أي وجه تَقرأ تلك المدونات فلن تجد على رأي طه حسين (إلا شكًّا)، بوصفه الإجابة المثالية على تلك التساؤلات. أمر آخر أعجبُ في قضية هجرة القبائل السبئية، وهو أن المؤرخِين كتبوا مدوناتهم وكأنهم كانوا ملازمِين لشرائح من المهاجرِين السبئيين حينما ذكروا أن تلك الشرائح نزلت أماكن معينة، وهي أماكن طبيعتُها وَعْرَة، وتقل مصادر المياه فيها، وتندر أراضيها الصالحة للزراعة، ويصعب العيش فيها -في تلك العصور- وتركت الأماكن السهلة ذات المياه المتدفقة والأراضي الواسعة الصالحة للزراعة. وعليه، وفي ظل تلك المعطيات المتناقضة فيظهر أن العكس هو الأقرب للصواب؛ أي أن نزول أولئك المهاجرِين بدأ أولاً في الأماكن السهلة ثم تمددوا بعد ذلك في غيرها. ونتيجةً لتناقضات تدوينات المؤرخِين تلك فقد تولد عنها ما يُعرف بنظرية (الجذر والفرع)، فأصبح في حكم المُسلَّم به أن سكان الأماكن السهلة هم فروع للجذور التي نزلت أولاً في الأماكن الوَعْرَة. لكن، وبالعودة لما تقرر في مقال الأسبوع الماضي من أن أي قبيلة تعجز عن إثبات انتساب أفرادها جميعهم لأصل واحد، وكان هذا العجز متحققًا على مستوى القبيلة الواحدة على قلة أفرادها، فكيف يسوغ للبعض جعل (قبائل عدة) بكل كتلها البشرية تنتمي لجذر علوي واحد؟ وعليه، فنظرية (الجذر والفرع) ينبغي أن تُمحَّص وربما يستدعي الأمر مصادرتها؛ نظرًا لعجز القائلِين بها عن إثبات صحة ما يدَّعون، أضف إلى ذلك فقد استدعى الإيمان بها إشكاليات تَمثل بعضها في نشوء الخلافات بين أفراد القبيلة الواحدة من المؤمنِين بالنظرية والمنكِرين لها، كما أنها جعلت للجذر (المتوهَّم) حقوقًا على الفرع (المصادِق)، وجعلت الفرع يمارس طقوسًا تصب في مصلحة الجذر، وجعلت الفرع لا ينفك عن الانتساب والالتصاق بالجذر وكأنه لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً إلا بملازمته، مذيِّلاً أي إنجاز باسم الجذر، متجاوزًا تضحيات الفرع، وغيرها من الإشكاليات التي لا سبيل لانتفائها إلا بالشك في ما دوَّنه المؤرخون، والانعتاق من التبعات التي ترتبت عليها. وحتى لو صح انتساب فرع لجذر -مع صعوبة ذلك- فينبغي أن يتمتع الفرع بالاستقلالية، لا أن يبقى تابعًا ورهن وصاية الجذر.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.