خرجت علينا بعض الأصوات الناعقة التي تطالب بحذف كلمة المكرمة عن «مكة أم القرى» زادها الله رفعة ومهابة وتشريفاً، وكلمة «المنورة» عن مدينة المصطفى –صلَّى الله عليه وسلم- زادها الله نورًا وضياءً وتعظيمًا؛ وذلك لأهواء في نفوسهم المريضة، وهي نزع الصفتين اللتين تدلَّان على قدسيتهما، والتي عُرفَا بها منذ الأزل، ولم يعترض عليهما أحد إلا من خوارج عصرنا الحديث، الذين يُحاولون جاهدين الإساءة للحرمين الشريفين، والتقليل من شأنيهما، ونزع قدسيتهما التي شرَّفهما الله بها منذ أن وضع سيدنا إبراهيم عليه السلام القواعد من البيت، وهو أول بيت وُضع للناس ببكة، وهو أقدس بقعة على وجه البسيطة كلها، وتعظيمه مطلوب من كل مسلم لقول الله -عزّ وجلّ- فيه: «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب» (الحج 32). كثير من دول العالم الغربي والشرقي يوجد بها اسم مكة مجرّداً؛ لأنه لا يوجد أي مدينة في العالم تحمل اسم مكةالمكرمة سوى الموجودة في هذه البلاد المباركة، والتي يوجد فيها بيت الله العتيق الذي يؤمّه كل مسلم ومسلمة في اليوم خمس مرات، وبه المسجد الحرام الذي تعدل الصلاة فيه مئة ألف صلاة فيما سواه، كما ورد في الحديث الشريف، وهو المكان الذي جعله الله للناس مثابةً وأمنًا، فهل يجوز لأي متطاول أن يتجرأ على قدسية الحرمين الشريفين، سواءً في مكةالمكرمة، أو المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم؟ إن من دواعي الفخر والاعتزاز أن يطلقَ حكام هذه البلاد وملوكها على أنفسهم لقب خادم الحرمين الشريفين، وهي منزلة رفيعة يتحلى بها الإنسان بأن يكون في خدمة الله ورسوله –صلَّى الله عليه وسلم-، وقد رأينا قديمًا -قبل نصف قرن تقريبًا، وقبل وصول العمالة الوافدة- كيف كان كبار الشخصيات من رجالات هذه الدولة -سواء في مكةالمكرمة، أو المدينةالمنورة- يتهافتون على نظافة الحرمين الشريفين، والعناية بهما، حتى يظهرا في أبهى صورة تليق بعظمة هذين المسجدين الشريفين، وقدسيتهما لدى عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. المدينةالمنورة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- استنارت، وأضاءت، وزاد نور شعاعها منذ أن دخلها السراج المنير، ورسول رب العالمين، وسيّد الأوّلين والآخرين –صلَّى الله عليه وسلم-، فهي منيرة ومنورة إلى أن تقوم الساعة؛ لأنها تضم جثمانه الشريف -عليه الصلاة والسلام- وفيها مسجده الشريف الذي يقول فيه -صلَّى الله عليه وسلم-: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمئة صلاة». دعوة صادقة لكل متطاول وحاقد وحاسد لمكانة وقدسية الحرمين الشريفين، أو الإساءة إليهما، أو التقليل من شأنيهما، أن يكف عن هذا العبث، ومن يتجاوز ذلك، فعليه من الله ما يستحق. والله الهادي إلى سواء السبيل.