البنك المركزي السعودي يؤكد أهمية مرونة الاقتصاد العالمي في ظل التحديات الراهنة    الأهلي يعود بتعادل ثمين من معقل مازيمبي    مدرب الاتحاد مطلوب في ميلان    حرس الحدود: القبض على (3) مخالفين بجازان لتهريبهم (65) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    «سلمان للإغاثة» يواصل تنفيذ مشروع رعاية الأيتام في الولايات الشرقية بالسودان    مساحة العلا للتصميم تعرض مبادراتها في أسبوع ميلان للتصميم    الصداقة الحقيقية    كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي    ضبط لبناني قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ودفنها    البرلمان العربي يناقش الأزمة الإنسانية في قطاع غزة    حرس الحدود ينقذ مواطنا خليجيا فقد في صحراء الربع الخالي    اختتام المهرجان السينمائي الخليجي في الرياض وتتويج الفائزين بالجوائز    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الحزم    حمدالله يتوقع مواجهة الهلال والعين في دوري أبطال آسيا    بمساعدة مجموعات متحالفة.. الجيش السوداني يقترب من استعادة مصفاة الجيلي    إيقاف اجتماع باسم «اتحاد كُتّاب عرب المشرق» في مسقط    صالون "أدب" يعزف أوتاره على شاطئ الليث    الفن التشكيلي يتلألأ في مقر قنصلية لبنان بجدة    وزير الخارجية المصري من أنقرة: ترتيبات لزيارة السيسي تركيا    توليد الفيديوهات من الصور الثابتة ب"AI"    "كاوست" تتنبأ بزيادة هطول الأمطار بنسبة 33%    السودان: أطباء ينجحون في توليد إمرأة واستخراج رصاصة من رأسها    «الداخلية»: ضبط 14,672 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    فيتنام: رفع إنتاج الفحم لمواجهة زيادة الطلب على الطاقة    وظائف للخريجين والخريجات بأمانة المدينة    للمرة الثانية على التوالي النقد الدولي يرفع توقعاته لآفاق الاقتصاد السعودي ليصبح الثاني عالمياً لعام 2025    الصحة العالمية توافق على لقاح ضد الكوليرا لمواجهة النقص العالمي    طقس اليوم: فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    إخلاء طبي لمواطنة من كوسوفا    البنك الدولي: المملكة مركزاً لنشر الإصلاحات الاقتصادية    إعفاء "الأهليات" من الحدّ الأدنى للحافلات    بوابة الدرعية تستقبل يوم التراث بفعاليات متنوعة    نجران.. المحطة العاشرة لجولة أطباق المملكة    ابتكار أداة "ذكاء" تتنبأ باستقالة الموظفين    بن دليم الرحيل المُر    حمدالله: تجاوزت موقف المُشجع.. وصفقات الهلال الأفضل    مساعد مدرب الرياض ينتقد التحكيم في مواجهة الطائي    "الأمر بالمعروف" في أبها تواصل نشر مضامين حملة "اعتناء"    أسرتا باهبري وباحمدين تتلقيان التعازي في فقيدتهما    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية الكولومبي    رئيس "الغذاء والدواء" يلتقي شركات الأغذية السنغافورية    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    سلام أحادي    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    نوادر الطيور    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنسان أداة وهدف التنمية
نشر في الجزيرة يوم 26 - 03 - 2017

الوطن ليس (جغرافيا) الأرض والبيت ومرابع الطفولة والأهل والأصدقاء فقط، بل - وهو الأهم - رابطة وجدانية شعورية عميقة مشتركة تتشكل وتنبني عبر تلمس الأهداف والغايات والعلاقات والتفاعلات والمصالح والآمال المتداخلة، التي تجعل العيش والترابط والتلاحم ضرورة موضوعية ووجودية راسخة، غير أن الحياة في جدليتها وأسئلتها المتجددة المحرقة، لن تقدم الحلول إلا للمسائل التي أنضجها التاريخ واحتياجات وتجربة الحياة ذاتها، وهذا لا يعني الركون إلى منطق «حتمية التاريخ» حيث يمارس التاريخ ملهاته أو مأساته، وما على الآخرين سوى الانتظار والتفرج عند حدود الملعب.
بل يتطلب الانطلاق من الواقع وتلمس مساره واحتياجاته، كما يتطلب الإرادة الجمعية، والفاعلية والقدرة على رسم المعالم والخطوط العامة (الاستراتيجية) وتحديد الخطوات والإجراءات العملية (التكتيكية) اللازمة لإحداث النقلة المطلوبة في الوقت المناسب. وأن أي إرجاء أو تعطيل لأي من متطلبات الحياة والواقع من شأنه تعقيد وتصعيب العملية لاحقًا.
عندما يتحقق استيعاب الواقع والتشخيص الدقيق لمتطلباته، ووجود الإرادة والرغبة لمن يتصدى (الأفراد والجماعات) لصناعة التاريخ، في تناغم بين الذات والواقع في الآن معًا، يمكن الحديث عن التغيير الحقيقي المنشود في شتى مناحي الحياة.
تواجه المنطقة العربية ومن ضمنها بلادنا بل العالم أجمع في الوقت الراهن وحتى آماد غير معروفة تحديات سياسية واقتصادية وتنموية واجتماعية، ومخاطر أمنية جدية غير مسبوقة الأمر الذي يتطلب مواصلة العمل على ترسيخ الوحدة والهوية الوطنية، وضرورة صيانتها، وإزالة كافة معوقاتها الموضوعية والذاتية، من خلال خلق مستلزمات تطويرها وفقًا للمستجدات والمتطلبات المتغيرة.
الحديث عن الوحدة والهوية الوطنية الراسخة لا يعني بأي حال طمس وإلغاء الاختلافات والتعددية والتنوع في المجتمع. وننوه هنا بمبادرة إنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والتطلع إلى أن يجري تطويره وتلافي العثرات التي تكتنف آلياته، وقبل كل شيء ترجمة التوصيات والمقترحات الصادرة عن اجتماعاته على أرض الواقع.
ويندرج ضمن هذا السياق وانطلاقًا مما هو قائم ومتحقق من أنظمة، وفي مقدمتها الأنظمة الثلاثة (النظام الأساسي للحكم ومجالس المقاطعات ومجلس الشورى) يتعين مواصلة العمل على تطوير تلك الأنظمة باتجاه ترسيخ العمل المؤسساتي على الصعد التشريعية والقضائية والرقابية، وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار، ويصب في هذا الاتجاه أهمية تفعيل نظام الجمعيات الأهلية وتلافي العيوب والثغراتفيه، وخصوصًا شرعنة قيام منظمات ومؤسسات المجتمع المدني على اختلافها.
وبطبيعة الحال تظل هناك دائمًا تقديرات واختلافات (بين الرسمي والمدني) في قراءة الواقع، والتشخيص، والتقييم وتحديد الأولويات وآليات العمل إزاء كافة القضايا المطروقة آنفًا، وهذا شيء طبيعي ومطلوب، لكن ذلك ينبغي أن يكون في ظل احترام التعددية، وحرية التعبير والنقد البناء، والالتزام بمبادئ الشفافية والمصارحة.
عليا التأكيد قبل كل شيء بأن الإنسان - المواطن هو هدف التنمية وأداتها في الآن معًا، وبأن التنمية المستدامة هي عملية مترابطة ومتصلة بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وأي فصم لأحد مكوناتها سيحد إلى درجة كبيرة من جدواها وفاعليتها وسيصلها إلى طريق مسدود.
لذا علينا أن نتحاشى استيراد أنماط التنمية الجاهزة والمبتورة بغض النظر عن الاختلافات والمتطلبات الموضوعية المتباينة، بما في ذلك الانقياد للوصفات والخطط التي تضعها ما يسمى ببيوت الخبرة، أو تلك النصائح والشروط التي يمليها صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المؤسسات المالية الدولية، وذلك من خلال فرض مواصفات «الليبرالية الجديدة» أو ما يسمى «العلاج بالصدمة» التي تهدف في مضمونها إلى استقالة الدولة من وظيفتها الاقتصادية - الاجتماعية، وإضعاف دورها في العملية الإنتاجية، وذلك عبر إيقاف أو تقليص الإنفاق الحكومي في القطاعات الإنتاجية والخدمية والبنية التحتية، ومجالات التوظيف في المرافق والمؤسسات الحكومية، ورفع وإلغاء الدعم لأسعار الخدمات الأساسية، والسلع الغذائية، أو من خلال سياسة الخصخصة لقطاعات حيوية تطال التعليم والصحة والنقل والطاقة وتلزيمها للقطاع الخاص المحلي أو الأجنبي.
على هذا الصعيد، علينا أن ندرس بعناية ومسؤولية التجارب والمألات الكارثية للدول التي طبقت تلك الوصفات الجاهزة التي جاءت على حساب مصالح الغالبية العظمى من الشعب وبما في ذلك الطبقة الوسطى التي تدهورت أوضاعها الاقتصادية - الاجتماعية، وبكل ما يستبطنه ذلك من مخاطر جدية مثل استفحال الفساد والبطالة والفقر، وقد تصل إلى حد الكوارث والانفجارات الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.