«ماذا؟ تمهل قبل أن تطلق!».. هكذا بدهشة استقبل عبدالله، القادم من أحد أحياء الرياض، مشهد المطويات المتناثرة على رف جانبي في صالة أخذ مواعيد الزواج والطلاق في محكمة الأحوال الشخصية، شمال الرياض الخميس الماضي. وكان مكتب «التوجيه والإصلاح» في المحكمة، تعاون مع مشروع ابن باز الخيري لمساعدة الشباب على الزواج، في توعية الرجال والنساء، بواسطة مطويات يعدها المشروع، عن مسائل التفاهم الأسري والزواج والطلاق. اللافت أن الأرفف التي شاهدتها «الحياة»، في زيارة قامت بها إلى المحكمة، شكلت المنشورات المعنية ب«الطلاق» أكثرها، فيما اعتبره الشاب عبدالله وآخرون صادماً لمن جاء يريد «الزواج». بينما يهوّن الشاهد المرافق له من الشعور الذي عبر عنه بأن «المنشور يستهدف المطلقين، لكن لا بأس في توزيعه طالما أنه رسالة تحذر من الطلاق، وليس العكس». وبالعودة إلى مضمون المنشورات، فإن الذي تبقى فقط على الأرفف كان نشرتان، إحداهما موجهة إلى المرأة «تمهلي قبل أن يقع الطلاق»، والأخرى إلى الرجل «تمهل قبل أن تطلق»، وحملت كلتاهما دعوة إلى التريث والاستعانة بالخبراء وعدم اليأس من إصلاح أحوال بيت الزوجية، قبل اللجوء إلى «أبغض الحلال». وتوجه خطابها إلى الزوج قائلة: «تيقن بأنه لا يكاد يخلو بيت من المشكلات، ولكنهم صبروا واحتسبوا الأجر من الله وطلبوا منه الإعانة، ودعوا وألحوا بالدعاء، فأعانهم الله وكوّنوا أسراً وصارت حياتهم طبيعية (...) وتأكد أنك لن تجد المرأة البديلة بسهولة، وإن وجدتها فلن تكون خالية من العيوب، فقد تضطر إلى الصبر على عيوبها حتى ولو كانت أكثر مما في الزوجة الأولى لخوفك من تكرار خطئك مرة أخرى. اقطع الطريق على الشيطان بتغليبك جانب الصبر والاحتساب بإمساكها وإعطاء نفسك متسعاً من الوقت للتفكير والاستخارة والاستشارة، فإن كانت أساءت إليك فلا ينسيك ذلك ما لها من حسنات عليك». بينما تخاطب الأخرى المرأة، وتحذرها من طلب «الخلع»، لأسباب غير ضرورية، والتفريط في الزوج «لئلا تضطري في النهاية إلى الزواج من أي شخص يتقدم إليك، حتى ولو كان له أولاد من زوجة سابقة فتُكلفي أنت بتربيتهم، أو تكوني ضرة لأخرى، أو يكون مريضاً تقومين بعلاجه ومتابعته، أو منحرفاً يفسد عليك دينك ودنياك، أو كبيراً في السن، فبقاؤك في منزل والدك بلا زواج مدة طويلة سيجعلك ترضين بأول خاطب يتقدم، لتدارك بقية العمر (...) فلا تتبعي خطوات الشيطان فتكون الفرقة ويحصل المحذور». وأبلغ المسؤول في مشروع ابن باز، الذي صدرت عنه المنشورات، ياسر المنيع «الحياة» بأن المنظمة يجمعها تعاون قديم مع لجنة الإصلاح في محكمة الأحوال الشخصية، وهي لجنة تختص بمحاولة إقناع الأزواج بالعدول عن الطلاق أو الخلع حتى تستنفد جهود المراجعة والإصلاح كافة. وأشار المنيع إلى أن المشروع، الذي يقدم استشارات أسرية ونفسية واجتماعية للمتصلين به، أقنع مشايخ في المحاكم يتعاونون معه، بآثاره الإيجابية في إصلاح كثير من الاختلالات بين الأزواج، ما دفع المكتب الإصلاحي إلى فتح قناة مباشرة مع المشروع بواسطة المنشورات التي يوزعها في المحكمة، وتضم أرقاماً للاستشارة، في خدمة مجانية يقدمها المشروع، وتكلف في القطاع الربحي آلاف الريالات. ومع أن المنيع لا تحضره إحصاءات المشروع عن نسب تراجع الراغبين في الطلاق أو الخلع، بعد تقديم الاستشارة لهم، إلا أنه يؤكد أن «غالبية الذين يتم تحويلهم من المحاكم إلى مركز الاستشارات يتصالحون ويتفقون على ترميم حياتهم الزوجية، «بل أحياناً يصبحون أحسن من ذي قبل»! وكانت تقارير صادرة عن وزارة العدل، وثقت تراجع حالات الطلاق في 2014 مقارنة بالعام السابق له، وأعاد ذلك التحسن إلى نشاط مراكز التوجيه والإصلاح في المحاكم. وهو تقرير أعلن أن حالات الطلاق بلغت نسبتها نحو 21 في المئة من حالات الزواج، البالغ عددها 160271 حالة في كل مناطق السعودية المختلفة.