أمير الرياض يستقبل عددًا من أصحاب السمو والفضيلة وأهالي المنطقة    خام برنت يصعد 1.63% إلى 88.42 دولار للبرميل    34 مليارا قيمة الصفقات التمويلية للكهرباء    العين الإماراتي إلى نهائي دوري أبطال آسيا والهلال يودّع المسابقة    أرسنال يسحق تشيلسي بخماسية ويبتعد بفارق ثلاث نقاط في صدارة «البريمرليغ»    الهلال يواجه الاتحاد والأهلي يلتقي النصر في مربع السلة الذهبي    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    العين الاماراتي يقصي الهلال من نصف نهائي دوري ابطال آسيا    الرئيس يضع يايسله في حيرة    الصليبي ينهي موسم نجم أبها    «مكافحة المخدرات» تقبض على ثلاثة مروجين    نائب أمير منطقة جازان يُدشِّن المؤتمر الدولي الأول ل "طب الأطفال حديثي الولادة"    الوحدة تزيد الرغبة في السكريات    الحميات الغذائية الطبية وسيلة لشفاء القولون العصبي    الاستغناء عن الدواء!    قضية "شراء الصمت".. ترمب أفسد انتخابات 2016    بريطانيا تتمسك بترحيل اللاجئين ومنظمات حقوقية تعارض خططها    وزير الخارجية يستعرض مع "الزياني" العلاقات الوثيقة    300 موهوب بنهائي أولمبياد "أذكى"    مطالب بتمكين موظفي الحكومة من مزاولة "الأعمال"    أمطار غزيرة على مكة والمدينة الأسبوع المقبل    "منتدى الاقتصاد".. اهتمام سعودي بقضايا العالم    "سدوس".. مقصد الرحّالة والمؤرخين على مرِّ العصور    مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوماتية يختتم فعالياته.. اليوم    محافظ الدرعية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية سفراء التراث    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي منسوبي فرع الرئاسة العامة بمنطقة جازان    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يزور جامعة جازان ويقدم محاضرة عن "جهود المملكة العربية السعودية في حماية الجيل من الانحرافات"    100 مليون ريال لتطوير السقيا بالحرم    الاستعلام عن سجلات الشركات عبر تطبيق «توكلنا»    مقتل عنصر في حزب الله بضربة إسرائيلية    اتفاق جزائري - تونسي - ليبي على مكافحة مخاطر الهجرة    غدا.. يوم حافل للطيران بتوسعة وافتتاح مطارين في الأحساء والرس    أمير الرياض يرعى غدًا حفل جائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية    السعودية تدين استمرار جرائم قوات الاحتلال في غزة دون رادع    4 ميداليات لجامعة نورة    العثور على 300 جثة في مقبرتين جماعيتين بغزة    معرض برنامج آمن يجذب أطفال المنطقة الشرقية عبر فعاليات توعوية المتنوعة    القصاص من مواطن قتل أخته    الفريق البسامي يستعرض الخطط الأمنية لقوات أمن الحج    ذوو الإعاقة يطالبون بمزايا وظيفية وتقاعد مبكر    تركيب نصف مفصل فخذ صناعي لسبعيني في مستشفى الملك خالد بالخرج    أمير حائل يستقبل مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمنطقة    محافظ الأحساء يستقبل قائد لواء الملك عبدالعزيز بالحرس الوطني المعين    المجمع الفقهي يوصي بتمكين المرأة بالتعليم    سمو وزير الدفاع يتلقى اتصالا من وزير الدفاع البريطاني    ريادة "كاوست" تحمي التنوع بالبيئة البحرية    ارتفاع في درجات الحرارة على منطقتي مكة والمدينة وفرصة لهطول أمطار بالجنوب    الإعلام والنمطية    دور السعودية في مساندة الدول العربية ونصرة الدين الإسلامي    تطوير العلاقات البرلمانية مع اليونان    «تيك توك» ينافس إنستجرام بتطبيق جديد    أمير حائل لمدير قطاع الحرف: أين تراث ومنتوجات حائل؟    شعوب الخليج.. مشتركات وتعايش    أمانة المدينة تطلق الحركة المرورية في طريق سلطانة مع تقاطعي الأمير عبدالمجيد وخالد بن الوليد    مساجد المملكة تذكر بنعمة الأمن واجتماع الكلمة    الزائر السري    أمير الرياض يرعى حفل تخريج دفعة من طلبة الدراسات العليا في جامعة الفيصل    انطلاق منتدى «حِمى» بمشاركة محلية ودولية.. ريادة سعودية في حماية البيئة لمستقبل العالم والأجيال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص الزهاد... حقيقة أم خيال؟
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 2013

لنتأمل حكاية أحد نُسّاك بغداد، واسمه حسن الفلاّس... جاء حسن يوماً إلى رجل يقال له بشر، وهو في المقابر، فقال له: «يا حسن! ما يود هؤلاء إلا أن يُرَدوا فيصلحوا ما أفسدوا؟ ألا وأن البلاء كله في هواك، ومن غلب هواه فهو الغالب»، فرجع حسن فعاهد الله ألا يأكل ما يُباع ولا ما يُشترى، ولا يلبس ما يُباع ولا ما يُشترى، ولا يمسك بيده ذهباً ولا فضة، ولا يضحك أبداً، وكان يأوي ستة أشهر في العباسية، وستة أشهر حول دار البطيخ، ويلبس ما في المزابل... وقيل إنه بقي 30 عاماً لا يرفع رأسه إلى السماء حياءً من الله، فرفعه مرة، فقال: قد طال شوقي إليك فعجل قدومي عليك.
هذه حكاية واحدة من مئات، بل آلاف الحكايات عن الزُهاد والمتعبدين، التي تكتظ بها كتب التراث الغوابر... تعد أقوال وأخبار هؤلاء الأقدمين نبعاً لطالما غرف منها الدعاة قصصاً يوشحون بها مواعظهم، لعل في قراءتها، أو في سماعها، تهذيباً للنفوس، وتشذيباً للشهوات، وتعويداً للقلب على ترك الملذات... عندما أمر بمثل تلك الحكايات، أتساءل في داخلي عن مدى حقيقة تلك الأخبار وصدقها، فمن ذا الذي لا يأكل، ولا يشرب ما يُباع ويُشترى؟ ومن ذا الذي لا يضحك ولا يلبس إلا ما في المزابل؟ ومن ذا الذي لا ينظر إلى السماء 30 عاماً؟! يسوطنا الدعاة بحكايات على تلك الشاكلة، ولسان حالهم يقول: أين أنتم من هؤلاء؟ ولو أننا جمعنا ما فينا من جلد على الزهد والتنسك لما بلغنا مجتمعين عشر ما كان عليه حسن الفلاَس!
قبل أعوام خلت، واسى أحد الوعاظ، عبر برنامج إذاعي، أولئك الذين احترقت أسهمهم، وتبخرت ثرواتهم، وتهدمت أحلامهم في أزمة سوق المال الشهيرة، بالقول: «لا تحزنوا... ولا تبتئسوا... فما من شيء في الدنيا يدعو للحزن»، ثم طفق يحدثنا عن أحد العُبّاد واسمه وُهيْب... كان وُهيْب لا يأكل من الفواكه، فإذا انقضت السنة وذهبت الفواكة، كشف عن بطنه وقال: «يا وُهيْب ما أرى بك بأساً، ما أرى تركك للفواكه ضرّك شيئاً»... ما نفع هذه الحكايات مادام لا الواعظ ولا الموعوظ بقادرين على الكشف عن بطنيهما بعد انقضاء عام بلا فواكه ليقولا ما قاله وُهيْب؟!
حقيقة، أنا لا أشعر بالاطمئنان الكافي لسماع تلك المرويات الممرغة في رماد الأحزان، والمبللة بدموع الوجد والهوان... ثم، أليس في القهر التام للجسد والاستئصال الكلي لشهوات النفس حيود عن الفطرة السليمة، وزيوغ عن سنة الله ورسوله؟ ثم، من يضمن لنا كذلك صدقية تلك المرويات، على رغم الفاصل الزمني الممتد بين تاريخي الحدث والتدوين؟ إن من يجعل هؤلاء الرجال بقادرين على السير على صفحة الماء لقادر كذلك على تلوين أخبارهم بألوان أسطورية تستعصي على القبول والتسليم.
أما عن علاقة الزُهّاد بالولاة والحكام فتلك مسألة أخرى... فما من حوار جرى بينهما إلا وخرجت بأمرين اثنين لا ثالث لهما، أولهما: جرأة الزاهد واستخفافه بسيف السلطان، وثانيهما: جهل السلطان وسذاجة عقله... يحكى أن هارون الرشيد خرج بصحبة وزيره يريد رجلاً يعظه، فطرق وزيره باب «ابن عيينة»، فحادثه الرشيد ساعة، ثم انصرف وقال لوزيره: ما أغنى عني صاحبك شيئاً... ثم طرق وزيره باب «الصنعاني»، فحادثه الرشيد ساعة، ثم انصرف وقال لوزيره مقالته نفسها... ثم طرق وزيره باب «الفضيل بن عياض»، فوعظه الفضيل، فبكى الرشيد بكاءً شديداً ثم خرّ مغشياً عليه، فلما أفاق، وعظه الفضيل ثانية، فجرى للرشيد ما جرى له قبلاً، فلما أفاق، وعظه الفضيل ثالثة، فجرى للرشيد ما جرى له قبلاً.
إن ما يجعلني أشكك في تلك القصص أن أولئك الولاة والسلاطين المولعين بسماع المواعظ حتى البكاء ظلت أيديهم ملطخة بالدماء حتى الممات، وكأنهم ما سمعوا يوماً موعظة وما بكوا يوماً حد الغشيان!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.