الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    «حرس الحدود» ينقذ مواطنًا خليجيًا فُقد في صحراء الربع الخالي    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    سلام أحادي    اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    نوادر الطيور    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    وزير المالية يعقد مؤتمراً صحفياً للحديث عن النتائج الرئيسية لاجتماعات اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية    رسمياً .. صالح المحمدي يقود الحزم حتى نهاية الموسم    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    وزير المالية رئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية يعقد مؤتمراً صحفياً    مدرب الفيحاء: ساديو ماني سر فوز النصر    موعد مباراة السعودية والعراق في كأس آسيا تحت 23 عامًا    «القوى السعودية» تحصد تسع ميداليات في رابع أيام الخليجية    استبعاد الحمدان إشاعة.. ونيفيز يعد بالتأهل    النصر يفقد لويس كاسترو في 4 مباريات    وزارة الخارجية تعرب عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشر ستانفورد الدولي 2024    الرمز اللغوي في رواية أنثى العنكبوت    بطاقة معايدة أدبية    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    "الرياض الخضراء" يصل إلى عرقة    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    مدير الجوازات يتفقد جوازات مطار البحر الأحمر    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على منطقة مكة    متحدث الأرصاد: رصد بعض الحالات الخاصة في الربيع مثل تساقط البرد بكميات كبيرة.    نجران: إحباط تهريب 58 كيلوغراما من مادة الحشيش المخدر    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    إعادة ترميم قرية آل مساعد بقبيلة آل عمر بلحمر شمال مدينة أبها    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    النفط يقفز 3%    فوائد بذور البطيخ الصحية    «استمطار السحب»: 415 رحلة استهدفت 6 مناطق العام الماضي    السودان.. وخيار الشجعان    «سلمان للإغاثة»: اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب الملكة الام خسارة للقصر والشعب العائلة المالكة البريطانية : عرش صامد أمام الفضائح
نشر في الحياة يوم 08 - 04 - 2002

انطفأت الملكة البريطانية الأم قبل أيام عن عمر ناهز مئة سنة وسنة، ما يفتح الباب أمام تكهنات في شأن الملكية البريطانية. فالراحلة لم تلعب دوراً بارزاً في الحياة البريطانية خلال حوالي 75 عاماً فحسب، بل حافظت على لحمة البيت الملكي من العواصف التي ضربته منذ رضيت بعد تمنع طويل العام 1923 بالاقتران من دوق يورك الذي كان سيصبح في 1936 الملك جورج السادس، إثر تنحي أخيه ادوارد الثامن عن العرش. ويومذاك أصبح لزاماً عليها أن ترعى زوجها الخجول العصبي المزاج الذي ابتلي بداء التأتأة، فألقت خطاباته العامة بالنيابة عنه وصنعت له قراراته.
ودأبت الراحلة اليزابيث على مشاركة البريطانيين من ضحايا الغارات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية أحزانهم، فارتفعت اسهمها. وقيل انها يمينية متشددة، مولعة بسباقات الخيول التي أورثت حبها لابنتها الملكة اليزابيث الثانية.
لقد غابت الملكة الأم فيما تستعد البلاد للاحتفال بالذكرى الخمسين لتربع ابنتها الكبرى على العرش، في وقت لا تزال الفضائح تعصف ببيت وندسور الملكي. ومثلما هو مألوف، تبقى التعديلات التي ستدخلها العائلة المالكة على نمط حياتها للتكيف مع العالم الراهن برسم المستقبل. وتسلط "الوسط" الضوء، في التحقيق الآتي، على محطات أساسية في سيرة آل وندسور.
الارجح أن الأميرة اليزابيث لم تكن تتوقع أي مستقبل ينتظرها حين ناداها الواجب على نحو مباغت فيما كانت في زيارة الى كينيا العام 1952. شعرت إبنة السادسة والعشرين ربيعاً في ذلك الصباح، حين نقل اليها زوجها فيليب دوق ادنبره نبأ وفاة والدها الملك جورج السادس، أن مسؤولية التاج أتت مبكرة. وربما انتابها القلق لصعوبة المهمة. فكيف تتعاطى كملكة دستورية مع سياسيين مخضرمين من قماشة رئيس الوزراء ونستون تشرشل، الذي كان ينتظرها بسيجاره الثخين عند سلم الطائرة التي أقلتها من كينيا؟
والأدهى ان بريطانيا كانت وقتذاك لا تزال تضمد جراح الحرب العالمية الثانية. ومن السخرية أنه كان على اليزابيث الثانية أن تحكم الامبراطورية التي بنتها الملكة اليزابيث الاولى أوائل القرن السابع عشر، في وقت أخذ نفوذها يخبو بعدما كانت أيام جدتها الكبرى مترامية الاطراف لا تغيب عنها الشمس. لكن ربما لم يخطر ببال الاميرة الشابة أن التربع على العرش سيكون مهمة أسهل بكثير من مواجهة المشاكل اليومية للعائلة. ومن أين لها أن تتكهن بأن الاصوات المطالبة بحرمان الملكية من عشرات الملايين التي تأخذها سنوياً من خزينة البلاد ستكون أقل صخباً من ضجيج صحافة شعبية سلطت الضوء بقوة على "سقطات" الامراء وزوجاتهن والخلافات التي عصفت بهم.
ولم يكن قلق الدوق فيليب من المستقبل أقل حدة. فعندما أدرك انه سيعيش دائماً في ظل زوجته، بدا وكأن نصف العالم قد سقط على رأسه، كما قال مرافقه الكولونيل مايكل باركر الذي كان الى جواره في كينيا حين أُبلغ بموت الملك. ولا بد أن الضابط الشاب، الذي ولد العام 1921 على طاولة الطعام في كورفو، حسب روايات عدة، وجد في بداية العهد الجديد صعوبة بالغة في التأقلم مع القواعد الملكية الصارمة. صحيح انه حافظ على صلاته مع عالم الشباب والمتعة. بيد أنه لم يعد قادراً على الاجتماع كما يشاء بأصدقائه ومنهم صاحب ناد أرستقراطي شهير ولورد مقامر ذاع صيته إثر اختفائه بعد مقتل خادمته في الستينات. والاهم أن الدوق الذي لم يكن قد أكمل بعد عامه الاول حين طُرد أبوه النبيل اليوناني المقامر من البلاد قبل أن ينفصل عن والدته الطرشاء، لم يعد صاحب الكلمة الاولى.
كرس الأمير فيليب الشطر الاكبر من وقته للأعمال الخيرية خصوصاً بهدف تشجيع الصناعة ورعاية الشباب وحماية البيئة. وتدل الاحصاءات أن نشاطاته العامة، من قبيل الزيارات الرسمية ورعاية مشاريع شتى، تفوق ما يقوم به كل من أولاده الذكور الثلاثة من أعمال مماثلة. بيد أن النبيل اليوناني الاصل الذي اعترضت الاوساط الملكية على زواجه من الاميرة اليزابيث العام 1947 لأنه "ليس مثالاً للجنتلمان الانكليزي"، لا يتمتع بالشعبية في بريطانيا وان كانت جهوده تحظى بالتقدير. ويلاحظ المهتمون بالشأن الملكي ان دوق ادنبره، لم ينجح حتى الآن في تسوية التناقضات بين دوره الحقيقي كتابع ثانوي لزوجته وطبيعته التي تميل الى الصرامة كرب عائلة يرغب ببسط سلطته في المنزل.
والاضطراب الذي تعاني منه حياة دوق ادنبره، يبدو واضحاً في "هفواته" الكثيرة. فقد اتهم بتوجيه عبارات تنطوي على الاساءة عن غير قصد للصينيين والهنغاريين وسكان أستراليا الاصليين وآخرين بينهم الاسكتلنديين، الذين تساءل مرة عن إمكان إبقائهم بعيدين عن الخمرة حتى يتخطوا امتحان قيادة السيارة! عدا الحكايات التي ترددت عن أسلوب معاملته السلطوية لموظفي القصر باعتباره لا يجد غيرهم لممارسة دور القائد الجدير بالطاعة العمياء. وغالباً ما تنقل الصحف أنباء خلافاته مع أولاده وتدخله في حياتهم العائلية. فساره مطلقة ابنه الامير أندرو اعتبرته العقبة الاساسية في وجه زواجها الممكن مرة ثانية من والد ابنتيها. وأشارت دوقة يورك إلى ان زوجها السابق لم يتمتع بالحنان في طفولته، لأن أباه لم يعرف كيف يحنو عليه فيما كانت أمه مشغولة عنه على الدوام.
وإذا كانت الكنة السابقة قد تحاملت على زوج الملكة، فإن من الصعب اتهام ابنه الاكبر بارتكاب "الجريمة" ذاتها. فقد حدّث الامير تشارلز ولي العهد 53 عاماً مؤلف سيرته الذاتية بإسهاب عن افتقاره للحنان في سنواته الاولى لأن أباه كان صارماً وأمه غائبة دائماً. وقال إن الدوق فيليب كان وراء زواجه الفاشل من الاميرة الراحلة ديانا، كما غرس فيه بصورة قسرية أفكاره التقليدية عن الملكية. واشتكى بمرارة من مدرسة غوردونستون الداخلية الاسكتلندية التي أجبره ابوه على الالتحاق بها طفلاً لأنه درس على مقاعدها في صغره. ووصف الامير ذلك المكان البعيد الموحش والبارد ب"الجحيم الحقيقي". والطريف أن زمن الدراسة هذا أعاد نفسه بالنسبة الى الأمير ليس من خلال السير على خطى أبيه فحسب، بل أيضاً عبر تكرار ابنه هاري 16 عاماً ما فعله هو. فقد كُشف قبل اسابيع ان أصغر ولدي ولي العهد تعاطى الحشيش والكحول مع رفاقه في الصف، ما جعله شبيهاً بوالده الذي ضُبط وهو في الرابعة عشرة يحتسي الكحول أثناء رحلة مدرسية في اسكتلندا.
ونسبت صحف بريطانية العام الماضي الى الدوق قوله إن الامير تشارلز مفرط ويفتقر الى الالتزام الواجب توافره في الملك الجيد. ولم ينفع انكار القصر الملكي وفيليب صحة الكلام المنقول عنه، إذ لفت مراقبون الى أن هذا التعليق ينسجم مع معارضته المعروفة لاستمرار علاقة الامير تشارلز العاطفية مع كاميلا باركر بولز. ولا يُستبعد ان استياءه من العلاقة يعود الى أنها أدت الى فشل زواج العشيقين، هو من ديانا وهي من ضابط رفيع في الجيش البريطاني. وكانت الراحلة ديانا عبرت في مقابلة تلفزيونية شهيرة عن ألم بالغ لأن كاميلا تشاركها زوجها الامير تشارلز. والادهى ان كاميلا التي تشبث بها الامير ولا يزال تمثل عقبة كبيرة أمام وصوله الى العرش، لأن الملك هو رئيس الكنيسة الانغليكانية التي تحظر تزويج المطلقة وفق الطريقة الدينية.
بيد أن ولي العهد حرص على الافلات قدر الامكان من إسار القواعد التقليدية والتصرف كفرد يعيش هموم مواطنيه، أو بعضهم على الاقل. لذلك ترى الامير الذي عُرف عنه استمتاعه بالتحدث الى نباتات زينة يغص بها قصره، شديد الحماس لحماية البيئة وتشجيع طرق الزراعة الطبيعية العضوية حيث لا تستخدم المبيدات الكيماوية. ويخرج تشارلز الى صيد الثعلب مع صديقته كاميلا على طريقة أثرياء الريف الانكليزي على رغم المعارضة الواسعة التي تواجهها هذه "الرياضة" في أوساط المدافعين عن الحيوان، وما أكثرهم في بريطانيا. ولا يتردد بين حين وآخر في التعبير عن وجهة نظر مثيرة للجدل، كما حصل حين انتقد بشدة في خطاب شهير العام 1984 أساليب العمارة الحديثة الشائعة في البلاد.
والأهم أنه أقام مؤسسة "صندوق الأمير" العام 1976 التي ساعدت حتى الآن 35 الف شاب على الوقوف على أقدامهم في عالم التجارة والصناعة. وقد أدت جهودها الى إقامة ما يزيد عن 100 شركة يقدر دخلها السنوي ب60 مليون
يه استرليني. وتضم المؤسسة فرعاً خاصاً بالفنون والزخرفات الاسلامية، معنياً بتدريب الراغبين على اكتساب هذه المواهب ومزاولتها مهنياً. ولعل الامير تشارلز، اكثر أفراد العائلة المالكة اقتراباً من أفراد الاثنيات وأتباع الاديان الاخرى في بريطانيا، وقد عُرف عنه احترامه العميق للإسلام.
لكن على رغم مواقفه الليبرالية وحرصه على الهبوط بالملكية من برجها العاجي، تردد أن ولي العهد عارض بقوة دخول أخيه الاصغر الامير إدوارد وزوجته صوفي كونتيسة ويسكس، معترك الحياة العملية. وكان إدوارد 35 عاماً أول عضو في عائلة وندسور المالكة يغامر بممارسة مهنة عادية بعدما قضى فترة في الخدمة العسكرية، على عادة أبيه وأخويه الاكبر سناً. ومع انه أعلن أخيراً عن قراره التنحي عن إدارة الشركة بقصد التفرغ لأداء مزيد من الاعمال الخيرية وفقاً للعادة الملكية، فمغامرة الامير إدوارد لا تزال تلقي بظلالها الداكنة على سيرته.
باكورة انتاج "أردنت" التي قدمها إدوارد شخصياً كانت شريطاً وثيق الصلة بالملكية، الامر الذي أدى الى اتهامه باستغلال مكانته للوصول الى مادة سينمائية ومعلومات لا تتوافر إلا لمن كانت الدماء الملكية تجري في عروقه. ولعل آخر نشاطات الشركة كان أشد إيذاء لصاحبها وعائلته. فقد ضُبط فريق من مصوريها وصحافييها قبل اسابيع متلبساً بجرم انتهاك الحظر الاعلامي على أنباء نجل ولي العهد الامير وليامز. وإذ احترمت شركات التلفزيون الاخرى كلها رغبة الامير تشارلز في ترك ابنه وشأنه خلال ايامه الاولى في جامعة "سانت أندروز" الاسكتلندية، فقد تسلل موظفو شركة أخيه إدوارد الى الحرم الجامعي في محاولة لتصوير فيلم عن الطالب الشاب المرشح لولاية العهد أو للعرش نفسه. وطبيعي أن المخالفة أزعجت ولي العهد وأثارت نقمة الاعلام وإدارة الجامعة.
أما صوفي 36 عاماً، فكانت "هفوتها" اشد خطورة بكثير. فقبل حوالي عام نشرت صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" الشعبية نص محادثة "مثيرة" اجراها معها صحافي انتحل صفة شخصية خليجية جاء يعرض على الكونتيسه عقود عمل ستدر على شركة العلاقات العامة التي تديرها أرباحاً مغرية. صحيح أن كثيراً من التعابير غير اللائقة التي أشيع أول الامر أن صوفي استعملتها لوصف الملكة وبعض أعضاء العائلة المالكة، لم ترد في نص "المقابلة" المنشور، لكن مع أنها قررت أخيراً الاستقالة من الشركة، فالارجح أن بعض عباراتها مثل "رئيس وزرائنا لا يفهم الريف، إنه جاهل بالريف" و"زوجته شيري بلير أسوأ منه، فهي تكره الريف" و"للأسف، يتحدث زعيم المعارضة السابق وليام هيغ كدمية"، ستبقى في الاذهان زمناً طويلاً. فصوفي تجاوزت، ولو عن غير قصد، الخط الاحمر في علاقة الملكية الدستورية بالحكومة والمؤسسة السياسية.
ومعروف أن علاقة الحكومات المتعاقبة كانت مستقرة عموماً مع الملكية، التي تحولت دستورية أواسط القرن السابع عشر بعد حرب اهلية دامية ونظام جمهوري استمر فقط حوالي عشر سنوات. وفي ظل اليزابيث الثانية ساد الهدوء بين القصر الملكي والحكومات المحافظة والعمالية. والملكة واصلت عقد اجتماعها المعتاد مع رئيس الوزراء صباح كل أربعاء، بقصد الاستماع منه الى آخر التطورات و"تقديم النصح والتشجيع والتحذير"، وإن تردد أنها آثرت بعض هؤلاء الزوار مثل مارغريت تاتشر ولم يرق لها آخرون منهم العمالي جيمس كالاغان. ومعروف أن العرش غير مخول التدخل في إدارة البلاد. فدور الملكة العملي يكاد ينحصر بالتوقيع على مشاريع القرارات التي يقرها مجلسا العموم واللوردات، والمصادقة على ما يقترحه عليها رئيس الوزراء فضلاً عن القاء خطاب العرش الذي تكتبه الحكومة ويتضمن عرضاً لقرارات تنوي إقرارها خلال العام.
واللافت أن الملكة لا تطأ مجلس العموم، إلتزاماً بالاتفاق الذي نص على جعلها دستورية بعد صراعات دامية بين العرش والبرلمان أدت الى الحرب الاهلية وإعدام الملك تشارلز الاول. وحين تلقي خطاب العرش، تذهب الى مجلس اللوردات ثم يُستدعى النواب من مجلس العموم المجاور للاستماع اليها. وفيما تجلس الملكة على كرسيها المذهب والى جانبها زوجها الامير فيليب وحولهما أعضاء مجلس اللوردات وسفراء الدول الاجنبية، يبقى النواب، وفي مقدمهم رئيس الوزراء والحكومة وقادة الاحزاب الاخرى، واقفين.
ولئن عمّ الهدوء بين القصر و10 داوننغ ستريت، مقر رئيس الوزراء، فقلما ما سَلِمت العائلة المالكة من ألسنة نواب حزبي العمال والديموقراطيين الاحرار على وجه الخصوص. ويكتسب انتقاد النواب العمال أهمية اضافية حين يكون حزبهم حاكماً، كما هي الحال منذ 1997. وغالباً ما يتهجم بعضهم على العائلة المالكة إثر انتشار نبأ إحدى "الفضائح". فبعد نشر صور دوقة يورك مع عشيقها الاميركي الذي قالت إنه كان "مستشارها" المالي قرب مسبح فرنسي، وإثر اعتراف الاميرة الراحلة ديانا بأنها أحبت ضابطاً في الجيش حباً جماً في وقت كانت لا تزال زوجة ولي العهد، رفع نواب عماليون أصواتهم بالتحذير من "فساد" عائلة مالكة لاكت الالسن سمعتها. ومع أن اعضاء الحكومة العمالية يتجنبون عادة الافصاح عن مواقفهم السلبية من الملكية كما يعتقد، اعربت وزيرة شؤون ايرلندا السابقة مو مولام، في مناسبتين، عن عدم تأييدها لاستمرار الملكية مطالبة بإخلاء اليزابيث الثانية قصر باكنغهام، المقر الرسمي لاقامتها في لندن. أما كيم هاول، وزير الدولة السابق لشؤون المستهلك، فاعتبر العائلة المالكة "مجموعة من المخبولين، يختارون شركاء غير مناسبين ولا يعرفون كيف يعيشون في العالم الحديث"، وذلك في تصريحات أطلقها بعد افتضاح أمر "المقابلة" التي أدلت بها زوجة الامير إدوارد. أما النائب العمالي توني رايت، رئيس لجنة الادارة العامة التابعة لمجلس العموم، فدعا رئيس الوزراء إثر نشر "المقابلة" ذاتها الى مراجعة اسلوب التعاطي مع العائلة المالكة، مؤكداً ان العرش بدأ تهالكه ولا بد من ادخال تعديلات جذرية على عمله لئلا يلقى نهايته في المستقبل القريب. كما حذر آنذاك ستيفن بايار وزير التجارة والصناعة السابق، من خلط العائلة المالكة التي أعرب عن تأييده لها، بين "العام والخاص". بيد أن مكتب رئيس الوزراء توني بلير أصدر بياناً شدد فيه على أنه مع الملكية "مئة في المئة"، ونفى اتهامات بتشجيعه الجدال بين نواب حزب العمال حول مستقبلها.
و"الفضائح"، على خطورتها أحياناً، لا تثير غضب السياسيين وأبناء الشعب مثل البذخ وانفاق المال العام. وأكد استطلاع للرأي نشر في أواخر السنة الماضية، أن ثلث المشاركين طالبوا بحرمان الملكة من ال8,9 مليون جنيه استرليني التي تنالها من الخزينة بموجب ما يسمى "اللائحة المدنية"، فيما رأى 57 في المئة منهم ضرورة خفض المبلغ الى 5 ملايين جنيه استرليني. وأعرب 82 في المئة من المشاركين في استطلاع آخر عن قناعتهم بأن على أعضاء العائلة أن يدفعوا أجوراً لقاء السماح لهم بالعيش في قصور فارهة تعود ملكيتها للدولة. كما أفاد 82 في المئة من هؤلاء المشاركين في الاستطلاع أنه ينبغي حمل الملكة على دفع الضريبة الخاصة بالميراث، بينما طالب 63 في المئة منهم بعدم تكفل الدولة بنفقات سفر أعضاء العائلة المالكة. غير أن موقع الملكة كان حصيناً، ولم يطالب سوى 26 في المئة بتنحيها عن العرش بمناسبة الذكرى الخمسين لتنصيبها.
ومن الواضح أن العائلة تحاول تقليص نفقاتها، فقد خفضت مثلاً نفقات سفرها والعناية بالقصور حوالي 5 ملايين استرليني في عام 1998. ومع ذلك بلغت تكاليف السفر وصيانة القصور ذلك العام 28,6 مليون جنيه استرليني. والجدير بالذكر أن أموال "اللائحة المدنية" التي تبلغ 8,9 مليون جنيه استرليني سنوياً مخصصة برمتها للحفلات التي تُقيمها الملكة في حدائق قصورها والاثاث وتنظيف الملابس. وقد قررت أخيراً ان تدفع من "اللائحة المدنية" نفقات صيانة قصر باغشوت في مقاطعة ساري القريبة من لندن الذي يسكنه ابنها الاصغر الامير إدوارد وزوجته صوفي، وتبلغ 250 الف جنيه في العام الواحد. وجاء القرار بعد إعلان إدوارد وصوفي عن عزمهما على الاستقالة من شركتيهما.
لكن "اللائحة المدنية" لا تفي باحتياجات العائلة المالكة كلها، فمن أين يأتون بالمبالغ الكبيرة التي يتطلبها نمط حياتهم الباذخ؟ ويتردد ان ثروة الامير إدوارد الخاصة تُقدر بتسعة ملايين جنيه استرليني. غير ان الامير تشارلز يتقاضى سنوياً من املاكه الخاصة التي تسمى اقطاعية كورنول 7,5 مليون جنيه. ونقل عن كونتيسة ويسكس قولها له حين احتج على مزاولتها وزوجها مهنة عادية، "نحن لا نملك اقطاعية كي نجني منها ما نحتاجه". وللملكة اقطاعية لانكستر الأضخم بكثير من اقطاعية ابنها، بيد ان تقديرات ارباحها السنوية متناقضة. وباعتبار أن كل وزارة تتكفل بنفقات العائلة في مجالها الخاص، فما همّ إذا ارتفع دخلها السنوي الخاص أو انخفض إذا كانت هناك خزينة عامة مستعدة دائماً لتقديم ما يلزم؟
ومهما اختلفت الآراء بخصوص الملكية البريطانية، فقد أقر كثيرون بالحاجة الماسة اليها في بلاد يديرها رؤساء حكومات "سلطويون" يسعون الى حصر القرارت الرئيسية بأنفسهم في معزل عن الوزارة والبرلمان، من نسيج مارغريت تاتشر وتوني بلير. ويقول هؤلاء الأصدقاء - الاعداء إن الملكة تحد نسبياً من نفوذ رؤساء الوزراء الطموحين أكثر مما ينبغي بفضل موقعها رئيسة للبلاد دستورياً، مع أنها تملك ولا تحكم. وقد تسنح لها الفرصة لاتخاذ قرار حاسم إذا أحرز الحزبان الرئيسيان عدداً متساوياً من الاصوات في الانتخابات العامة، فعندها تستطيع الملكة تكليف زعيم الحزب الذي تحبذ بتشكيل الحكومة
الاموال والنفقات
جاء ترتيب عائلة وندسور البريطانية الثالث من حيث الثراء بين العائلات المالكة الاوروبية حسب احصاء نشرته مجلة "يورو بزنس" العام 1999. وفيما بلغت أملاك عائلة ليتشينشتاين الملكية 3.3 بليون جنيه، حلت اسرة دوق لوكسمبورغ الاكبر ثانياً بفضل ثروتها التي وصلت الى 3 بلايين جنيه استرليني. أما ثروة العائلة البريطانية فقدرت ب2,7 بليون جنيه استرليني.
كانت الملكة اليزابيث ثامن أغنى أعضاء العائلات الملكية الاوروبية، وحلت والدتها الراحلة في المرتبة الثانية والعشرين تلتها مباشرة ابنتها الاميرة مارغريت التي توفيت أخيراً، فيما جاء الأمير فيليب في المركز الرابع والخمسين. اما المرتبة الاولى فكانت من نصيب ملكة هولندا بياتريس، التي قدرت ثروتها الشخصية ب1,2 بليون جنيه استرليني.
وتتألف ثروة العائلة المالكة البريطانية من:
- اموال نقدية: 520 مليون جنيه استرليني
- مجموعات تحف وأعمال فنية: بليون جنيه
- حلي ومصوغات: 130 مليون جنيه
- اقطاعيات التاج : 700 مليون جنيه
- اقطاعية كورنويل التي يملكها الامير تشارلز: 195 مليون جنيه
- مبان شتى: 160 مليون جنيه
ازداد بين 1991 و2000 ثمن الخمور التي اشترتها العائلة من 66,178 إلى 120,399 الف جنيه استرليني، وارتفعت كلفة استئجار الخيم لحفلات الحدائق من 74,912 الى 139,810 الف جنيه، كما قفزت كلفة القرطاسية من 11,728 الف جنيه الى 13,200 الف جنيه.
انخفضت في العقد الاخير من القرن الماضي نفقات تنظيف ثياب العائلة من 60,265 الف جنيه الى 59,450 الف جنيه، وثمن أثاث قصورها من 132,284 الف جنيه الى 102,884 الف جنيه.
حراسة آل "وندسور"
* يحرس اعضاء العائلة المالكة على مدار الاربع والعشرين ساعة رجال أمن يعملون لدى قسم "الحماية الديبلوماسية والملكية" التابع للشرطة البريطانية الذي يبلغ عدد موظفيه 397 شرطياً و47 مدنياً. وثمة 50 حارساً شخصياً مدربين تدريباً رفيعاً يتكفلون بحماية أعضاء العائلة البارزين. واضافة الى كل هؤلاء، هناك عدد كبير من سائقي السيارات والدراجات النارية.
* يُسمى الحراس الشخصيون الذين يرتدون ملابس مدنية ويسهرون على حماية الملكية ب"صائدي الرصاص"، وهم مسلحون بمسدسات غلوك الاتوماتيكية من عيار 9 ملم. وهم يلازمون الملكة كل الوقت، وعندما تخلد الى الراحة في المساء يرابطون عند باب غرفة نومها. ويتردد أن بعض أعضاء العائلة المالكة ضاقوا ذرعاً بحراسهم الشخصيين، حتى أن الامير تشارلز يرفض أن يرافقه أكثر من اربعة رجال أمن. ويُقال ان الملكة حريصة على خفض موازنة الحماية المخصصة لها ولعائلتها والتي تبلغ 30 مليون جنيه سنوياً.
* يتلقى أبناء العائلة المالكة رسائل واسترحامات من أشخاص غير متزنين. وقد بلغ عدد المختلين الذين حاولوا الاتصال بالعائلة المالكة في النصف الثاني من التسعينات 6 آلاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.