استهل السلطان قابوس بن سعيد العام الجديد بإجراء تعديلات مهمة في تشكيل مجلس الوزراء شملت تعيين السيد فهد بن محمود آل سعيد نائباً لرئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء وانشاء وزارة للشؤون القانونية للمرة الأولى في البلاد أسندت الى محمد بن ناصر العلوي . كذلك انشئت وزارة جديدة للتعليم العالي وعين يحيى بن محفوظ المنذري وزيراً لها ورئيساً لمجلس جامعة السلطان قابوس. كما انشئت وزارة للتنمية أسندت الى محمد بن فوس اليوسف الأمين العام لمجلس التنمية قبل المرسوم الجديد. كذلك عيّن السيد سعود بن ابراهيم البوسعيدي وزيراً للتربية والتعليم وهو المنصب الذي شغر بانتقال المنذري الى التعليم العالي. ويعتبر القرار الأول الخاص بتعيين مشرف على مجلس الوزراء القرار الأهم من حيث الدلالة السياسية. فالسلطان قابوس نفسه هو رئيس مجلس الوزراء وقد يعني تعيينه السيد فهد بن محمود الرقم 4 في ترتيب البروتوكول العُماني مشرفاً على أعمال مجلس الوزراء اتجاهاً لتفويض جزء من سلطاته كرئيس للوزراء الى المشرف الجديد على المجلس وإيجاد نوع من التمييز النسبي بين رئيس الدولة والحكومة. وعلى رغم أن فهد بن محمود كان يرأس اجتماعات مجلس الوزراء التي تعقد يوم الثلاثاء من كل اسبوع، ما عدا الاجتماعات التي يدعو اليها ويرأسها السلطان قابوس بنفسه، ويشرف على سكرتارية مجلس الوزراء التي حولها المرسوم الجديد الى أمانة عامة تابعة له إلا أن تقنين هذا الوضع وجعله منصباً رسمياً يعني تأكيداً للاتجاه الى تفويض السلطة من قبل القيادة السياسية وبالتالي لتحويل الصيغة تدريجياً من مفهوم مجلس الوزراء الى مفهوم الحكومة. ومن المعروف أن المفهوم الأخير القائم في الدول المتقدمة يعطي استقلالية ذاتية نسبية لمؤسسة الحكومة عن المؤسسات السياسية الأخرى، ويقيم العلاقات بين اعضائها من الوزراء على أساس "المسؤولية الجماعية" كما يعطي للمجلس ككل حق متابعة وتقييم عمل اعضائه بشكل مستمر، ومراقبة التزام الوزارات الخطط والحدود الموضوعة. المغزى الثاني اللافت للنظر في قرارات التعديل الحكومي اعادة توزيع الاختصاصات سواء لتتواءم مع التعيينات الجديدة أو للتعبير عن الحاجة الى تغيير بعض المجالس أو الدواوين القائمة وتحويلها الى وزارات كاملة ومستقلة.. وأيضاً لتحقيق التوازن الذي يتم المحافظة عليه باستمرار في عدد المناصب والمهام التي يكلف بها، خصوصاً نواب رئيس الوزراء الثلاثة. فالسيد فهد بن محمود الذي يعطيه التعديل الجديد دوراً أكبر في الاشراف على الحكومة واعضائها، لن يعود مسؤولاً عن مؤسستين مهمتين: الأولى ديوان التشريع الذي يعتبر ملغى بصدور قرار انشاء وزارة للشؤون القانونية وتعيين أمينه العام محمد العلوي وزيراً للوزارة الجديدة. والثانية جامعة السلطان قابوس التي كان يرأس مجلسها، إذ آلت الجامعة برمتها الى وزير التعليم العالي والرئيس الحالي للجامعة يحيى بن محفوظ المنذري. ولوحظ انه في الوقت الذي لا يمكن اعتبار التعديل الجديد توسيعاً آخر للنخبة السياسية في عمان، كما أبرز تعديل جزئي في نهاية 1993 ربما لأنه لا يضيف عناصر "جديدة" لهذه النخبة، إلا أنه يمثل توسيعاً للنخبة الوزارية والحكومية إذ أنها أضافت ثلاثة وزراء جدد دفعة واحدة الى مجلس الوزراء. فالسيدان محمد بن ناصر العلوي ومحمد بن موسى اليوسف وان كانا يحملان درجة وزير منذ سنوات عدة إلا أنهما لم يكونا أعضاء في مجلس الوزراء. وتسير التعديلات الأخيرة في الاتجاه نفسه الذي يحرص عليه السلطان قابوس وهو الحفاظ باستمرار على أن يمثل أعضاء الحكومة قاعدة اجتماعية واسعة تشمل معظم قبائل ومناطق وتكوينات عُمان العرقية والمذهبية، وفي الوقت نفسه تحقيق التوازن بين عناصر الخبرة الوزراء القدامى وعناصر التجديد الوزراء الجدد.