تلقت"الحياة"من"أمين الإعلام في حزب التوحيد العربي"الرد التالي على تحقيقات كتبها الزميلان حازم صاغية وبيسان الشيخ: جانب السادة المسؤولين في جريدة"الحياة"المحترمين بعد التحية والسلام، عملاً بحق الرد، نرسل اليكم مقالاً آملين الموافقة على نشره في جريدتكم الكريمة حفاظاً على الموضوعية وتقبّل الرأي والرأي الآخر. أمين الإعلام في حزب التوحيد العربي هشام الأعور: نشرت جريدة"الحياة"وعلى مدى ايام متلاحقة سلسلة مقالات موقّعة باسم حازم صاغيّة وبيسان الشيخ لها علاقة بطبيعة المجتمع الدرزي وتركيبته السياسية في شكل عام في الجبل قبل ان يفرد الكاتبان مساحة واسعة للحديث عن الزعامة الأحادية لوليد جنبلاط وتحديداً في منطقة الشوف. وعلى رغم العناوين السيئة للمقالات الثلاثة، وعلى رغم ان كاتبيها لم يسبق ان اطلعانا على مقالات اخرى ذات قيمة، إلا ان المساحة التي افردتها لها جريدة اساسية ذات قيمة وشأن في الوسط الاعلامي، دفعتنا الى الاعتقاد بأننا سنجد فيها نقداً بنّاء وموضوعياً نستفيد منه او نناقشها به. لكن بكل اسف، فقد حوت المقالات جملة من الافتراءات والاضاليل، لسبب نجهله، او ربما بسبب انتساب الكاتبين الى المنظومة التي تطرح شعارات الديموقراطية المزيفة والترويج لمعاني الخنوع والذل بهدف تحرير الموحدين الدروز في الجبل من عزة النفس والكرامة وعلة وجودهم، وهي منظومة التكفيريين وثقافتهم التي خلّفت وراءها حروباً دموية وضحايا في مصر وسورية ووضعت لبنان على خط الارهاب والفتن. وليس انتقاصاً من"الحياة"التي تأسست على الطرف النقيض لثقافة التكفير والجهالة والتعصب، وليس ضيقاً او انزعاجاً من اي مقال نقدي يتناول رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب في جريدة"الحياة"او في اي وسيلة اعلامية اخرى، بل من باب الحق المشروع في التساؤل عن السبب الذي يتيح لأمثال هؤلاء الكتبة التطاول على الوزير وهاب في جريدة تعد من حصون ثقافة الموضوعية والمهنية بعيداً من الفبركات الإعلامية. وكم كنا نتمنى لو ان المسؤول عن نشر هذه المقالات، تنبه الى عنوان المقالات السيئة ومضمونها الممتلئ حقداً وكراهية وتجنياً مغايراً لحقائق الامور. 1 - يبدأ صاغيّة والشيخ سلسلة مقالاتهما بالحديث بشيء من الالوهية عن الزعامة الجنبلاطية، وتحديداً الدور الريادي الذي يلعبه وليد جنبلاط في بيئته الدرزية مقابل انكفاء واضح للزعامات الاخرى أمثال طلال ارسلان ووئام وهاب، علماً ان ازمة التركيبة السياسية في الجبل ليست ازمة ديموقراطية فقط، بل هي ازمة بنيوية من كل الجوانب، لكن تركيز الكاتبين على توجيه انتقادات بالغة الحدة واتهامات باطلة الى البيئة السياسية المعارضة لجنبلاط هو للتعمية على جوهر الازمة البنيوية للنظام الطائفي في لبنان. وعليه، كان حرياً بصاحبي المقالات ان يدلانا على عيوب النظام الطائفي وعوراته ومفاسده وأخطاره على وحدة المجتمع، وعدم المساواة بين المواطنين وفقدان حق المواطنة، وأن يكشفا للقارئ، ولو بمقال واحد، مدى تواطؤ النظام الطائفي مع الإقطاع السياسي على حساب الخطاب السياسي الاصلاحي الذي يطالب بتغيير النظام الطائفي والقضاء على آفة الطائفية، لا سيما ان عائلة صاغيّة التي ينتمي اليها السيد حازم عانت الأمرّين من جور الإقطاع في عكار، ولكن ما عانته هذه العائلة الكريمة جزء بسيط مما نعانيه نحن اليوم في الجبل. 2 - يدعّم صاغيّة والشيخ أقوالهما استناداً الى لقاءات عدة عقداها مع عدد من"الاكاديميين"و"الكتّاب"و"الحرفيين"، ومن بين هؤلاء محامٍ لبق اختصر"المعارضة لزعيم المختارة بثلث الدروز"، في حين يبقى هذا الثلث على حد قوله،"موضع تجاذب بين زعامات صغرى كثيرة في الشويفات وعاليه والمتن الجنوبي وحاصبيا"، كما ان"تجاذباً كهذا يفتته ويلغيه كفاعل سياسي". وعليه، لا نستطيع فك شيفرة هذا المحامي ومقارناته والذي تنطبق عليه مواصفات"المصابين بإحباط"على قول الكاتبين، الا من زاوية واحدة، وهي انه يقرأ الأحداث من وراء زجاج نافذته في احد الابنية في بيروت من دون ان يجرؤ على زيارة بلدته في الجبل ليرى بأم العين حقيقة الامور ويدرك، وهذا ما فات الكاتبين، ربما عن قصد او عن غير قصد، التلميح اليه، بأن هناك فئة غير قليلة من أبناء الموحدين الذين بدأوا يجاهرون بمواقفهم ضد التقلبات الجنبلاطية غير آبهين بمعادلة الخوف التي أُرسيت في الجبل لسنوات طويلة. 3 - بعد المقاربة والمقارنة، يكشف الكاتبان القناع عن وجهيهما الحقيقيين، ويظهران على حقيقتهما شخصين حاقدين على الوزير وهاب وأمثاله من المناضلين ويطلقان اتهامات بلا دليل، كما ويكشفان عن الجانب الأخطر في ثقافتهما التي ترفض اي حراك سياسي يصب في خانة اطلاق الحريات والتعددية الحزبية في البيئة الدرزية، بعيداً من كل أشكال الإقصاء والتهميش، وهذا اخطر ما جاء من افتراءات استهدفت الوزير وهاب على لسان الكاتبين اللذين يقرآن الاحداث والمحطات التاريخية بخفة وتبسيط، ولا يستخلصان الدروس والعبر المستفادة، مستخفّين بإدراك الناس الذين لم يقدّما لهم برهاناً واحداً يدعمان به زعمهما، متجاهلَين الظروف القاسية التي احاطت بنشأة حزب التوحيد العربي وتعرض عناصره ومؤيديه لشتى أشكال التضييق والاعتداء والارهاب، كونه الحزب الوحيد الذي رفع الصوت عالياً في الجبل وتجرأ على نقد كل أشكال الخنوع والاستسلام والذل المتربصة بالمجتمع الجبلي، الامر الذي شجع الكثيرين من شباب الدروز على الانخراط في المشروع التغييري الذي يحررهم من قيود العبودية. 4- أما ما يثير الدهشة في قول الكاتبين عن مسألة"الخدمات"التي يقدمها"حزب الله"لوهاب، فهو جهلهما بالأحوال المادية لحزب التوحيد العربي وحاجته الدائمة للأموال للرد على حاجات أبناء جلدته والوقوف الى جانبهم في تحصيل لقمة العيش الصعبة، في حين تُغدق الاموال الخليجية وغير الخليجية بملايين الدولارات على جهات سياسية بنت زعامتها وأمجادها على التقديمات والخدمات والامتيازات الطائفية التي حصلت عليها طيلة فترة الوجود السوري في لبنان. 5- أما الذي لم نتمكن من معرفته، فهو رأي صاغية وزميلته بموقع الموحدين الدروز المقاوم والممانع ل"اسرائيل"، فهذه مسألة جوهرية لم يتناولاها، لا من قريب ولا من بعيد. ولكن يبدو ان صاغية غير معني بالأخطار التي تهدد الموحدين الدروز بوجودهم في كل من سورية ولبنان، ولم يهتم بمشروع"الشرق الاوسط الجديد"الذي شكل جزءاً اساسياً من مشروع الحرب التدميرية التي تستهدف خراب البلدين. باختصار، ان سلسلة المقالات المتتالية ترمي الى تجهيل اسباب الازمة البنيوية للنظام الطائفي وانعكاسه على الواقع السياسي الدرزي، وتهدف كذلك الى تسميم البيئة الدرزية والحض على الفتن والمشاكل الداخلية، وهما يجمعان في المهمة الموكلة اليهما بين ادوار المدّعي والمحقق والقاضي غير آبهَين بكل ما يدور في المنطقة من مشاهد تدميرية وفصول تكفيرية خطيرة تتناول حياة الكثيرين في البلدان العربية ومواطنيها ومستقبل اجيالها. يبقى ان آفة الامة والوطن تكمن بالفئة التي تُغدق على نفسها ألقاب"الباحثين"و"الناقدين"و"المثقفين"الذين"يكتفون من مقارعة التنين بالتفرج عبر زجاج مكاتبهم على الذين يصارعونه".