رحبت حكومات ومنظمات غير حكومية في أنحاء العالم، بمسودة معاهدة تحظر استخدام القنابل العنقودية، اتفقت عليها 111 دولة شاركت في مؤتمر في دبلن، وخاضت مفاوضات صعبة استغرقت 10 أيام. ونجح المشاركون في إقرار المعاهدة بعد مبادرة الحكومة البريطانية الى إعلان استعدادها لتدمير مخزونها من تلك الأسلحة. كما تعهدت ألمانيا بالتخلي"فوراً"عن مخزونها من القنابل العنقودية. وأملت المنظمات غير الحكومية بأن يكون للاتفاق البعد التاريخي ذاته لمعاهدة اوتاوا التي حظرت استخدام الألغام المضادة للأفراد العام 1997. وشكلت المعاهدة محاولة لحماية المدنيين من وحشية الحروب، حين يلجأ المتقاتلون الى أسلحة فتاكة تصيب أبرياء بعاهات دائمة إذا لم تزهق أرواحهم. ووصف سايمون كونواي، احد مسؤولي"الائتلاف للتصدي للقنابل العنقودية"الذي يضم المنظمات غير الحكومية، المعاهدة بأنها"متينة"وقد"ترغم"الدول غير الموقعة مثل الولاياتالمتحدة على التحرك. وأعلنت ناطقة باسم الخارجية الارلندية ان نص المعاهدة"حظي بموافقة المندوبين جميعاً". وجاء في النسخة الفرنسية للمسودة أن المعاهدة تنص على تعهد كل دولة موقّعة"عدم استخدام القنابل العنقودية في اي حال، وعدم إنتاجها وامتلاكها وتخزينها ونقلها الى أي طرف، في شكل مباشر او غير مباشر، وعدم دعم اي جهة او تشجيعها على أي نشاط تحظره هذه المعاهدة". وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان، ان"كل الدول مدعوة للانضمام الى معاهدة حظر القنابل العنقودية في مستقبل قريب، وعدم اللجوء الى استخدام هذا النوع من الأسلحة". وكان اللجنة طلبت، اثر حرب كوسوفو، وقف استخدام تلك القنابل اعتباراً من العام ألفين. ورحبت باريس بالتوصل الى الاتفاق في دبلن، باعتباره"يكرس عزمنا على إنهاء المأساة الإنسانية التي تمثلها القنابل العنقودية", كما جاء في بيان لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير. ويفترض ان توقع المعاهدة رسمياً خلال مراسم تنظم في أوسلو في الثاني والثالث من كانون الأول ديسمبر المقبل, قبل ان تقرها كل الدول الموقعة عليها. وغابت عن المؤتمر اكبر الدول المنتجة للقنابل العنقودية، وهي الولاياتالمتحدة والصين وروسيا والهند وباكستان وإسرائيل. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ان بلاده ستعطل كل ما لديها من تلك القنابل، معرباً عن الأمل ب"رفع العقبات للتوصل الى اتفاق دولي يحظر استخدامها". وأعرب عن"ارتياحه"الى مسودة المعاهدة، معتبراً ان النجاح في تطبيقها"سيجعل العالم اكثر أماناً". أما وزير الخارجية الارلندي مايكل مارتن، فقال ان نص المعاهدة"متين وطموح وحظي بإجماع كل الوفود"، مؤكداً انه"مساهمة حقيقية في تحسين الأوضاع الإنسانية في العالم". معلوم ان القنابل العنقودية تنشطر في الهواء وتنشر مئات من"القنابل الصغيرة"في مساحات كبيرة. وكثيراً ما لا تنفجر وتسقط على الأرض لتحولها حقول الغام فعلية، يمكن ان تصيب كل من يعثر عليها لاحقاً، وكثيراً ما يكون الضحايا من الأطفال. وتعهدت الدول المشاركة في مؤتمر دبلن تدمير القنابل العنقودية"في أسرع وقت، وفي موعد لا يتعدى ثماني سنوات". ويمكن تمديد هذه المهلة أربع سنوات كحد أقصى، على ان تمدد مجدداً فترات مماثلة من دون"تجاوز عدد السنوات الضرورية"لتدمير هذه الأسلحة.