تواصلت في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينين في شمال لبنان عمليات المطاردة والتعقب والتمشيط التي تقوم بها وحدات من الجيش اللبناني للقبض على مسلحين من تنظيم"فتح الاسلام"تمكنوا من الفرار بعد سقوط المخيم قبل اسبوع. وشملت الحملة القرى والبلدات المحيطة بمجرى نهر البارد، لا سيما ضهور منطقة بحنين- المنية ووادي الجاموس وببنين والمحمرة والعبدة وبعض الأودية المتفرعة عن هذا النهر، وتحديداً وادي عيون السمك الذي يحوي بحيرة كبيرة خلف سد شركة كهرباء البارد وتحيطها غابات كثيفة يجري العمل على تمشيطها بمؤازرة المروحيات العسكرية لليوم الرابع على التوالي. وفي داخل المخيم، تابع الجيش اعمال الدهم والتمشيط وسط المخيم القديم وفي عدد من المباني في المخيم الجديد وعلى امتداد الواجهة البحرية اضافة الى عملية سحب الجثث التي لا يزال قسم منها تحت الركام، وتم أمس سحب جثتين نقلتا الى مستشفى طرابلس الحكومي حيث اخذت عينات منهما لفحص الحمض النووي للتعرف على كامل هويتهما. وبدأت جرافات الجيش العمل على جرف الأتربة وركام الدمار من على الطرقات الرئيسة للمخيم ومداخل الأزقة ومداخل عدد من الملاجىء الاساسية خصوصاً في سعسع والدامون والشيخ علي وزاروب جبهة النضال وأبو عمار والحاووز، تمهيداً لتطهير هذه الملاجىء والتثبت من خلوها من العناصر المسلحة. وسجلت ملاحقة الجيش لمسلح فارٍ من"فتح الاسلام"في منطقة الشيخ طابا في عكار، بعدما فرضت وحدات من الجيش وقوى الامن الداخلي طوقاً أمنياً على المنطقة المسماة"حكر الشيخ طابا"القريبة من مدينة حلبا مركز قضاء عكار بعد اشتباه احدى السيدات باحدهم يحمل ملامح افريقية او هندية. وفي المنطقة القريبة من عيون السمك اخبر أحد الاهالي الاجهزة بأنه اشتبه بعدد من المسلحين كانوا يأكلون التين من حقله. وفي منطقة الزهراني ومدينة صيدا جنوباً، تحدثت المعلومات عن مداهمة قامت بها قوى الامن الداخلي بعد الظهر لشقق سكنية في ضيعة العرب وضهور الصرفند اسفرت عن توقيف خمسة عناصر من"فتح الاسلام"من آل النميري والبيطار، والاخير ورد اسمه في اعتداء على إحدى الثكن التابعة لقوى الامن الداخلي وذلك في ضوء التحقيقات التي تجري مع الموقوفين من نهر البارد. وعلى صعيد اغاثة النازحين من المخيم والذين ينتظرون حلولاً لمشكلتهم الى ان تتم اعادة بناء المخيم، تفقد وبشكل مفاجىء وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني مخيم البداوي للاطلاع على اوضاع النازحين الموجودين في المدارس بغية ايجاد حل لهم قبل بدء العام الدراسي والذي حدد مبدئياً في الأول من تشرين الاول اكتوبر المقبل. واوضح في تصريح ان هناك"عشر مدارس يشغلها النازحون"، واشار الى انه في حال تأخر العمل في"تأمين منازل جاهزة للنازحين من الممكن ان نقوم ببناء مدارس جاهزة تتسع للطلاب وعددهم خمسة آلاف طالب او تأمين مدارس قريبة من المخيم يمكن استعمالها للتعليم بعد الظهر بشكل موقت لحين انهاء عملية اخلاء النازحين من المدارس". وشملت جولة قباني مدارس روضة البداوي الرسمية الثانية ومتوسطة البداوي الرسمية الثانية للبنات، ولقاءات مع المديرين والمسؤولين عن المدارس ومع النازحين الذين خاطبهم بالقول:"أنتم أحباؤنا وإخواننا، والجيش اللبناني جيشكم، وهو يحافظ على سلامتكم وأمنكم، وستعودون الى منازلكم ولن نتخلى عنكم، فلبنان لم يتخل عن القضية الفلسطينية أبداً ولن يتخلى عنها، وهناك عمل مستمر من أجل عودتكم بأسرع وقت". ريفي ينوه بقائد الجيش واعتبر المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي في كلمة امام وفد من مخاتير قضاء بعبدا،"ان الفضل الاساس في القضاء على تنظيم فتح الاسلام يعود الى قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي يتمتع بروح وطنية عالية جداً ورفعة اخلاقية ترجمت حتى في خضم المعركة العسكرية"، وطمأن الى ان"القدرات العسكرية والمخابراتية لقوى الامن والجيش لم تعد قدرات تقليدية او ضعيفة". وأكد ان مؤسسة قوى الامن اثبتت انها على مسافة واحدة من كل الناس. كلفة اعادة الاعمار وأكد رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني السفير خليل مكاوي أن مخيم نهر البارد سيعاد بناؤه في البقعة نفسها المتواجد عليها أصلاً، وقال ل"وكالة أخبار لبنان"أن تكلفة إعادة بناء مخيم نهر البارد سيتحملها المجتمع الدولي وليس الدولة اللبنانية أو وكالة"اونروا"، معلناً إن 30 دولة عربية وأجنبية ستشارك في المؤتمر الذي سيعقد غداً في السراي الكبيرة لعرض قضية البارد وطلب المساهمة من هذه الدول في إعادة البناء. وقدر تكلفة إعادة الاعمار استناداً الى ارقام اولية بنحو 230 مليون دولار، رافضاً إعطاء مهلة زمنية محددة للانتهاء من إعادة الاعمار، وقال:"ما زال المخيم بحاجة إلى تنظيف من الألغام والمتفجرات ومن ثم إزالة الركام والقيام بالتخطيط للبناء". زكي اما ممثل السلطة الفلسطينية لدى لبنان عباس زكي فأكد"ان إعادة بناء المخيم ستتم في المكان نفسه وبأسلوب أفضل وسيكون أداة قياس للصوابية والجدية في العلاقات اللبنانية الفلسطينية التي تسير باتجاه تصحيح كل التاريخ"، منبهاً من"أي لف ودوران على ملف مخيم البارد الذي في حال حصوله سيكون جزءاً من المؤامرة، أو تنفيذاً لمآرب الإرهابيين الذين أرادوا خلق وقائع جديدة مؤلمة لا يقبل فيها أي لبناني أو أي فلسطيني". "التحالف الفلسطيني" وزار وفد من"تحالف القوى الفلسطينية"ضم ممثلين عن حركة"حماس"و"جبهة التحرير الفلسطينية، و"الجبهة الشعبية-القيادة العامة"و"جبهة النضال الشعبي"و"فتح الانتفاضة"رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقدم الوفد له"عرضاً للجهد الذي بذل في حزيران يونيو الماضي لتشكيل مرجعية فلسطينية موحدة في لبنان تضم فصائل التحالف وفصائل منظمة التحرير، واسفر عن تشكيل لجنة متابعة وتعطلت اللجنة بسبب فصل محدد". واكد الوفد على لسان ممثل"حماس"اسامة حمدان حرص التحالف"على اعادة تشكيل المرجعية الموحدة في أقرب وقت كي تعالج تطورات الحدث الفلسطيني وكي تقود هذه المرجعية الحوار الفلسطيني - اللبناني، مؤكدين انه لا يمكن ان يستثنى أي فريق او اي فصيل فلسطيني من هذا الحوار لأننا نتحدث عن بناء علاقة فلسطينية - لبنانية مستقرة تعالج جميع جوانب الوضع الفلسطيني، بما في ذلك موضوع السلاح". وشدد الوفد على ضرورة"تحقيق العودة السريعة لأبناء نهر البارد الى مخيمهم وبدء الاعمار فوراً"، ولفت حمدان الى اعلان قيادة الجيش اللبناني ان ما يجري الآن هو عمليات ازالة الالغام وبعض العبوات والقذائف التي لم تنفجر، وقال:"نحن نتطلع الى انهاء هذا الامر سريعاً ربما خلال ايام من اجل عودة النازحين الفلسطينيين. وأشير الى انه منذ الاحد الماضي كان هناك اكثر من ثلاثة تحركات شعبية فلسطينية تطالب بعودة سريعة الى المخيم، وان بعض العائلات حزمت اغراضها وبدأت تستعد للعودة الى المخيم في اي لحظة"، معرباً عن اعتقاده باأن"ترميم ما هو موجود وما يصلح للسكن، ومن ثم اطلاق عجلة الاعمار يمكن ان يتم في فترة قصيرة وهو يعزز الثقة لدى اللاجئين او لدى من نزح من مخيم نهر البارد".