دخل مجلس الشورى العُماني مرحلة مهمة عبر دورته الخامسة التي بدأت باجتماع أولي لتوزيع الأعضاء على اللجان، وسط تفاؤل أكبر في أن يعمل المجلس في تشكيلته الجديدة على الإجابة على تساؤلات عدة طرحت خلال فترة الانتخابات تتعلق بصلاحياته، وما يمكن أن يقوم به لجذب عدد أكبر من النخب المثقفة للمشاركة فيه. ويملك المجلس المكون من 83 عضواً، في دورته الخامسة، قاعدة من العمل الايجابي، كونه يمثل تمازجاً بين أصحاب الخبرة من الأعضاء السابقين في المجلس وحماس الشباب القادم بأفكار الرغبة في التغيير والعطاء، خصوصاً مع وعد السلطان قابوس في خطابه الأخير أمام مجلس عُمان المتضمن مجلس الشورى المنتخب ومجلس عُمان المعين على أن التجربة الديموقراطية ستشهد تطوراً حسب حاجة المجتمع بما يتناسب وخصوصيته. وأكد السلطان قابوس: "نريد أن تكون لعُمان تجربتها الخاصة في مجال العمل الديموقراطي"، مشدداً على دور المواطنين في رفد العملية التنموية بالرأي، مثلما هو دور الحكومة في بناء هذه التجربة "لبنة لبنة وعلى أسس ثابتة تأخذ في حسبانها الحياة العُمانية ومعطيات العصر الذي نعيشه"، وشدد للمرة الأولى على نمو التجربة وترسيخ جذورها "بما يلبي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين"، محملاً المواطنين أيضاً مسؤولية الارتقاء بالتجربة من "خلال العمل الجاد المكتسب للمسؤولية". وتمثل الدورة الحالية رهاناً ليس على المستوى الحكومي فقط، بل على المستوى الشعبي من حيث تطوير الصورة النمطية عن مجلس محدود الصلاحيات إلى مجلس فاعل يعمل على تطوير التجربة الديموقراطية، مع دعم حكومي واضح لأهمية التدرج في هذه التجربة من دون حرق المراحل التي تقفز بالمجتمع أكثر من قدرته على الاحتمال، مع عدم اهمال النظرة إلى طابعه القبلي. وزير الداخلية العُماني السيد سعود بن إبراهيم البوسعيدي أكد أن دور الحكومة اعطاء المواطن كامل الحرية لاختيار العضو الذي يريد، معترضاً على تساؤلات رأت أهمية تدخل الحكومة لدعم مرشحين "واعين ومثقفين" ومرشحات "لأسباب سياسية وانفتاحية"، وقال إن الحكومة تركت تحديد ملامح العلاقة بين الناخب والمرشح للاثنين معاً، والمجتمع يختار المجلس الذي يريد، في إشارة إلى ضرورة الموازنة بين المجلس وصلاحياته من جهة، وبين المجتمع وقدرته على انتقاء الأفضل من جهة أخرى. وبعد الانتخابات جاءت مبادرة الحكومة العمانية سريعة لدعم المجلس بصلاحيات جديدة عبر التدخل في إقرار القوانين والتشريعات بعد مراجعتها من المجلس والأخذ في الاعتبار التوصيا ت الصادرة من المجلس عند اقرارها رسميا، اضافة الى تمديد الفترات من ثلاث الى أربع سنوات بما يمنح المجلس فرصته لأخذ وقت أكبر للعمل والتحرك وكسب الخبرة لأعضائه الجدد، ويحقق قدراً أكبر من الاستقرار لهم، حيث يمكن اختيار العضو لثماني سنوات على فترتين متتاليتين بدون الشكوى من انه يضحي بوظيفته، علماً ان المرشح يحال الى التقاعد بمجرد اعلان فوزه ولا تحق له العودة الى عمله مرة أخرى، بما يحرمه من استخدام نفوذه الوظيفي لكسب الأصوات. وبمجموعة من اجراءات التطوير قبل الانتخابات وبعدها للتجربة الشوروية العمانية تستمر الخطوات في التدرج منذ أن كانت التجربة تحمل اسم "المجلس الاستشاري". وفي كل فترة فإن تطوير التجربة يشكل منحى مهما للحكومة العمانية، يتمثل في اجراءات جديدة نحو الأمام مع كل دورة، وربما ما يستعجله العمانيون من مجلس له صلاحيات واسعة جداً لن تفصلهم عنه إلا سنوات قليلة، مقارنة بدور المجلس واجراءات الترشيح كما كانت عليه قبل أعوام وما أصبحت عليه حالياً. وفيما تطالب النخب المثقفة بدور أكبر للمجلس كي تتخلى عن سلبيتها انتخاباً وترشحاً، فإن عدداً من المتابعين يرون أن على هذه النخب المبادرة الى سحب البساط من تحت أقدام شراة الأصوات، وتوعية المواطنين بأهمية وجود صوت فاعل داخل المجلس. وألقى البعض مسؤولية قوة المجلس وضعفه على الناخب الذي يملك حق اختيار الأفضل بينما ينحاز الى ابن قبيلته أو أحد معارفه على رغم ادراكه انه الأقل كفاءة. ورأوا ان فاعلية المجلس تعتمد على حسن الاختيار، مستنتجين ان الحكومة لا يمكنها اعطاء الخيط والمخيط لأعضاء لا يعون كامل المسؤولية في اشارة الى اعضاء وصلوا بسبب وجاهتهم القبلية أو لياقاتهم المالية. وإذا كان الناخب لم ينحز الى المرأة في الانتخابات الأخيرة حين لم يختر الا العضوتين السابقتين سيدة الاعمال لجينة الزعابي والناشطة الاجتماعية رحيلة الريامي فإن الحكومة وسعيا منها ضمن اجراءات الانفتاح الاجتماعي ادخلت الى مجلس الدولة عضوين جديدتين هما الدكتورة سميرة بنت محمد بن موسى من جامعة السلطان قابوس وزهرة بنت سليمان النبهاني ابنة أحد القيادات القبلية المعروفين محلياً بالاضافة الى العضوات المحتفظات بعضويتهن من الفترة السابقة، وهن: شكور بنت محمد بن سالم الغماري، ولميس بنت عبدالله الطائي، وسميرة بنت محمد أمين، ورحيمة بنت على القاسمي، ومنى بنت محفوظ المنذري، وأخيراً فوزية الفارسي التي عينت في مجلس الدولة أمس الأول السبت نقلاً من منصبها السابق كوكيل لوزارة التربية والتعليم للتعليم والمناهج. وتضاف هذه الأسماء الانثوية الى قائمة من النساء يتولين مناصب عدة منهن الوزيرة عائشة بنت خلفان السيابية رئيسة للهيئة العامة للصناعات الحرفية والسفيرة خديجة بنت حسن اللواتي أول سفيرة للسلطنة في هولندا، وقائدة الطائرة التي عملت سائقة تاكسي ناجية بنت خلف المعولي. أما عن المناصب العامة العالمية للمرأة العمانية، فقد تولت ليوثا بنت سلطان المغيري منصب رئيس المراكز الاعلامية للأمم المتحدة، وتعد أول امرأة عربية تتولى هذا المنصب.