لاحت في الأفق بوادر أزمة بين مصر ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» بسبب تلقي القاهرة معلومات عن عزم المنظمة على منح المصور المصري محمود أبوزيد، المعروف ب»شوكان»، جائزتها لحرية الصحافة للعام الجاري، علماً أن شوكان يواجه تهماً جنائية بينها «الإرهاب». وأسفت وزارة الخارجية المصرية ل»تورط منظمة بمكانة يونيسكو بتكريم شخص متهم بارتكاب أعمال إرهابية وجرائم جنائية، منها القتل العمد والشروع في القتل والتعدي على الشرطة والمواطنين وإحراق وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة». واعتبرت أن منظمات غير حكومية مرتبطة بدولة قطر دفعت في اتجاه منح شوكان تلك الجائزة. وجائزة «يونيسكو» العالمية لحرية الصحافة أنشئت عام 1997، وتمنح لشخص أو منظمة أو مؤسسة قدمت مساهمة متميزة في الدفاع عن حرية الصحافة. وسيعلن اسم الفائز بها هذه السنة في حفلة تنظم في أكرا عاصمة غانا في 3 أيار (مايو) المقبل، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، وتبلغ قيمة الجائزة 25 ألف دولار. وتختار لجنة تحكيم مستقلة تضم 14 عضواً يعيّنهم المدير العام ل»يونيسكو» الفائز بالجائزة مِن بين مَن ترشحهم منظمات غير حكومية تعمل في مجال حرية الصحافة والدول الأعضاء في المنظمة، وأغلق باب الترشح لنيل الجائزة في 15 شباط (فبراير) الماضي. وقال الناطق باسم الخارجية المصرية المستشار أحمد أبوزيد، في بيان أمس، إن اتصالات الوزارة المستمرة تشير إلى أن ترشيح المتهم شوكان لجائزة «حرية الصحافة» جاء «بدافع من عدد من المنظمات غير الحكومية، بينها منظمات تحركها دولة قطر المعروفة بمساندتها لجماعة الإخوان الإرهابية ومحاولتها المستمرة الدفاع عن تلك الجماعة». وأضاف: «من غير المقبول أن تقع منظمة يونيسكو أسيرة لفخ التسييس والمحاباة والتورط بتنفيذ أجندة دول بعينها، والانجراف بعيداً عن ولايتها ورسالتها السامية كونها الواجهة الحضارية والنافذة الثقافية للعالم أجمع». وشوكان مصور صحافي أوقف في آب (أغسطس) 2013 خلال فض اعتصام جماعة «الإخوان المسلمين»، في ميداني «رابعة العدوية» و»النهضة». وتولت مؤسسات حقوقية الدفاع عنه بعدما وجهت النيابة العامة إليه تهم «القتل العمد والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون والتجمهر» ضمن قضية «فض اعتصام رابعة» المتهم فيها 739 شخصاً من بينهم مرشد جماعة «الإخوان» محمد بديع وعدد من قيادات الجماعة. وتواصل محكمة جنايات القاهرة غداً جلسات محاكمة شوكان والمتهمين في القضية. وذكر الناطق باسم الخارجية المصرية إن الوزارة كلّفت مندوب مصر الدائم لدى «يونيسكو» في باريس بتسليم أمانة المنظمة ملفاً كاملاً حول الاتهامات المنسوبة إلى شوكان، وهي تُهم «ذات طابع جنائي بحت، ليس لها أي دافع سياسي بعكس ما يدعي بعضهم، ولا تمت بصلة إلى ممارسته مهنة الصحافة أو حرية التعبير، بل هي أبعد ما تكون عما يجب أن يتحلى به أي صحافي حر وشريف يحترم مهنته». وأضاف أبوزيد: «هذا المشهد المؤسف يعيد إلى الأذهان ما سبق أن أثير حول تسييس يونيسكو». ولفت إلى البيان الصادر عن وزير التعليم العالي مندوب مصر الدائم لدي «يونيسكو» في 9 نيسان (أبريل) الجاري، والذي حذر من إقحام المنظمة في موضوعات وقضايا سياسية تتنافى مع المبادئ والمقاصد التي أنشئت من أجلها، خصوصاً في ظل التساؤلات المتزايدة حول طبيعة التعاون القائم بين أمانة المنظمة وكيانات غير حكومية بعضها مدرج على قوائم المنظمات الإرهابية، من دون موافقة الدول الأعضاء والتدقيق في هوية هذه الكيانات. وأشار الناطق المصري إلى أن «هذه التطورات تذكر بما شهدته عملية انتخاب المدير العام لمنظمة يونيسكو في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، من ممارسات لا تليق باسم ومكانة منظمة أممية تتخذ مبادئ التربية والعلوم والثقافة منهجاً وسبيلاً». ونبه إلى إن منح «المتهم شوكان الجائزة الدولية لحرية الصحافة، يمثل استخفافاً بدولة القانون وما يتم اتخاذه من إجراءات قضائية ضد متهم بجرائم جنائية محضة». واستدرك: «لن يكون أمام مصر بدورها وثقلها الحضاري والثقافي، إلا أن تدقق في ما هو مطروح من اقتراحات وأفكار لإصلاح آليات العمل في المنظمة». وزاد أن «يونيسكو تحتاج مراجعة شاملة وجدية لأساليب عملها».