لم تخرج إسرائيل عن عادتها بعدم تأكيد أو نفي مسؤوليتها عن عملية اغتيال فلسطيني تقع في أنحاء العالم، أيضاً في اغتيال العالم الفلسطيني الشاب فادي محمد البطش في ماليزيا أول من أمس، لكن تصريحات وزرائها واستحواذ العملية على العناوين الرئيسة لوسائل إعلامها طيلة يوم أمس (الأحد)، تشي بأن ذمتها ليست بريئة من دم البطش، فيما بدأ أطباء شرعيون في ماليزيا بتشريح جثمانه. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن «إسرائيل توجهت إلى مصر بطلب عدم نقل الجثمان إلى قطاع غزة لدفنه في مسقط رأسه، مخيم جباليا»، فيما سبق أن «اشترط زعيم المستوطنين الوزير نفتالي بينيت ذلك بإعادة حركة حماس جثتي الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول المحتجزتين في القطاع منذ نحو أربعة سنوات إلى إسرائيل». وأيدت هذا الموقف عائلتا الجنديين. ووصفت وسائل الإعلام العبرية البطش ب «مهندس القذائف الصاروخية» في «حماس» و «خبير الطائرات المسيّرة». وقال ليبرمان في مقابلات إذاعية أمس، إن «حماس اعتادت تحميل إسرائيل المسؤولية عن أي عملية اغتيال»، رافضاً الرد عما إذا كانت إسرائيل تقف وراء عملية الاغتيال. وقال: «حتى لو إننا نحن الذين نفذنا العملية، فلا يجب ذرف الدموع على البطش». وأضاف أن «تصفية الحسابات بين الفصائل الفلسطينية المختلفة هي عمل يومي، وأظن أننا بصدد عملية أخرى من هذا النوع». وتابع: «هناك عادة لدى المنظمات الإرهابية بتحميلنا مسؤولية تصفية الحسابات بينها، ودائماً ينسبون لنا عمليات كهذه». وأردف متهكماً أن «البطش لم يكن تقيّاً أو بريئاً، ولم يكن منشغلاً في تحسين شبكة الكهرباء والبنى التحتية للمياه في القطاع. سمعنا كلنا بيانات قادة حماس بأنه انشغل بإنتاج وتحسين دقة القذائف الصاروخية». وقال ليبرمان إن «إسرائيل وبدعم المستشار القضائي لحكومتها تمنع نقل جثامين إلى القطاع، وتوجهت إلى مصر بطلب عدم إتاحة نقل الجثمان إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، لكننا لا نستطيع منع نقل الجثة». وكان وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس حذر قادة «حماس» ورئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية تحديداً، من نقل المعركة إلى خارج البلاد واستهداف ضباط إسرائيليين، وقال: «ليعلم هنية بأن قواعد اللعبة ستتغير حينها، لأن نقل المعركة إلى الخارج هو تجاوز خطوط حمراء، وإذا حصل ذلك فسنعود إلى سياسة الاغتيالات وسيكون قادة الحركة المستهدفين، وعليه أنصحهم بالتفكير ألف مرة قبل تنفيذ تهديدهم بنقل المعركة إلى الخارج». من جهة أخرى، بدأ أطباء شرعيون في كوالالمبور أمس بتشريح جثمان البطش العالم في مجال الطاقة، حيث أعلن قائد الشرطة الماليزية محمد فوزي بن هارون أن «تحقيقاً معمقاً فتح». وقال: «نحقق من جميع الزوايا. يجب أن نجري تحقيقاً دقيقاً لأنها قضية دولية»، موضحاً أنه «سيتم تسليم جثمان البطش إلى عائلته بعد انتهاء التشريح». وطالبت أسرة البطش السلطات الماليزية بتسهيل عملية إعادة جثمانه إلى جباليا في قطاع غزة ليدفن هناك. واتهم محمد شداد (17 سنة) أحد أقرباء العالم الفلسطيني، الموساد باغتياله. وقال هذا الطالب الذي يقيم بالقرب من منزل البطش في كوالالمبور، ل «فرانس برس»: «من الواضح أنها ضربة للموساد. فادي كان ذكياً جداً وأي شخص ذكي يشكل تهديداً لإسرائيل». وأضاف أن «فادي كان عضواً في حماس ويعرف كيف يصنع صواريخ، لذلك كانت إسرائيل تعتبره خطيراً».