لم تجد جنيفر إيغان ما يمنع بوحها أن مسلسل «ذا سوبرانوز» يلهم أدبها، وهي تزور هذا العالم في روايتها الخامسة «شاطئ مانهاتن» الصادرة في بريطانيا عن دار كورسير. الكاتبة الأميركية الحائزة على جائزة بوليتزر في 2011 عن «زيارة فرقة الحمقى» الاختبارية، تكتب رواية تاريخية تعرف أنها لم تعد رائجة. لكنها تقدّم شخصية نسوية في الحرب العالمية الثانية تكافح وسط الركود والحرب والهجرة، وما واكبها من انقسامات عرقية ودينية وطبقية. في شتاء 1934 يزور إيدي كيريغان، المهاجر الإرلندي، رجل العصابات دكستر ستايلز في منزله الفخم على شاطئ مانهاتن. كان إيدي فقد وظيفته في البورصة خلال الأزمة الاقتصادية، ووجد نفسه مضطراً للعمل بأجر ضئيل لدى مسؤول فاسد في نقابة لكي يعيل أسرته. قصد ستايلز مع طفلته آنا علّه يوفّر دخلاً إضافياً لشراء كرسي بعجلات لابنته المعوقة ليديا. تلعب آنا على الشاطئ مع ابنة ستايلز الذي تزوج امرأة ثرية، وتحس وهي على حافة البحر بمزيج كهربائي من الانجذاب والخوف. ما الذي سيظهر إذا اختفت المياه فجأة؟ سفن غارقة، كنوز خبيئة، ذهب وجواهر والسوار الذي وقع من معصمها في مصفاة الصرف. تخلع حذاءها لتُغطس قدميها في المياه المثلجة فتفتن ستايلز وتحس بوجع لاهب ممتع. تُبقي إيغان ما حدث بين الرجلين غامضاً، وتقفز ثمانية أعوام إلى الأربعينات. آنا في التاسعة عشرة وتعمل في حوض بروكلن لإعالة والدتها وشقيقتها التي انسحبت تماماً إلى ظلمة الداخل، وامتنعت عن الحركة والكلام. ترك الأب البيت منذ ستة أعوام ولم يعد. تهبط الحقيقة عليها تدريجاً كالليل، وتدرك حين تنتبه وهي تنتظر رجوعه أنها انتظرت أياماً ثم أسابيع فشهور من دون أن يأتي. تعلّق عملها بفحصّ قطع السفن الصغيرة، وكانت تتناول الغداء يوماً حين رأت غطاساً يقفز في الماء من القارب. تشعر ب «إعادة تشكيل زلزالية في داخلها» وتصبح الغطاسة الوحيدة في الحوض. تحس كلما غطست أنها تدخل عالماً يوجد خارج الحياة، كأنها دفعت الحائط ووجدت غرفة سرّية خلفه. ارتدت الكاتبة بذلة الغوص المعتمدة يومها، وأرهقها وزنها البالغ تسعين كيلوغراماً. تلتقي آنا دكستر ذات ليلة في أحد النوادي التي يملكها، وتنام معه وهي تخفي هويّتها علّها تعرف ماذا حدث لوالدها. لكنه يعرفها، ويفكر وهو ينظر إلى آثار الصور التي أزالتها عن الجدران أنها تريد نسيان الأب المختفي. شكّل الأب عقدة له أيضاً، وبحث عن السلطة ومكان واسع في العالم بمقارنة نفسه بوالده. تطلب منه أن يصحب ليديا إلى البحر فتخرج هناك من غيابها وتتكلم قبل أن تنسحب مجدداً وتغيّر في لحظات قصيرة حياة آنا ودكستر نهائياً.