بالرجوع إلى تقرير «مركز بيو للبحوث» عن القراءة في الولاياتالمتحدة، المشار إليه أعلاه. يشدّد التقرير على انتشار واسع لعادة القراءة للوسيط الإلكتروني، بمعنى قراءة شاشات الأجهزة الإلكترونيّة، خصوصاً ال «تابلت» والهاتف الذكي. ويرصد المؤشّر الأهم على انتشار قراءة الشاشات: ارتفاع نسبة القراءة للكتب الإلكترونيّة، مشدّداً على أن تلك الزيادة لم تزحزح الكتاب الورق عن موقعه المكين في عادات القراءة لدى الجمهور الأميركي، بل وصف تقدّم كتب الورق على الإلكترونيّة بأنه «فارق كبير جداً». ويورد التقرير أن 73 في المائة من الأميركيّين قرأ كتاباً على الأقل خلال ال12 شهراً الأخيرة (وهي نسبة لم تتغيّر منذ 2012)، مع ملاحظة أن 63 في المائة من الأميركيّين قرأ كتاباً ورقيّاً خلال تلك المدّة، وهو ما يساوي قرابة ضعفي من قرأوا كتاباً إلكترونيّاً (28 في المائة)، وثلاثة أضعاف من قرأ كتاباً مسجلاً بالصوت الذين كانت نسبتهم 14 في المائة. هل ورد في الكلمات السابقة جملة «عادات القراءة»؟ الأرجح أنها الكلمة- المفتاح: ما هي عادات القراءة لدى الجمهور العربي، قبل الانترنت والخليوي وبعدهما، على رغم الاعتراض فوراً بأنها مقارنة مباشرة تتضمن كثيراً من الاختلال؟ وهناك عادات قراءة راسخة في أميركا. إذ يورد التقرير عينه أنّ معدل ما يطالعه القارئ الأميركي 12 كتاباً في السنة (كتاب كل شهر)، فيما الأميركي المتوسط يقرأ 4 كتب سنويّاً. ونكاية بالنواح على قراءة الورق في عالم لا يصنع المعلوماتيّة ولا ينتج شاشاتها ولا نظم تشغيلها ولا علاقة له بابتكاراتها، يقرأ 4 من كل عشرة أميركيّين في بلاد «وادي السيليكون» ومقر الابتكارات التي تهمين على مدار الساعة المعلوماتية والشاشات والبرامج ونظم التشغيل وغيرها، كتباً ورقاً بصورة حصريّة (40 في المئة)، فيما تتدنّى (نعم: تتدنّى) تلك النسبة إلى 6 في المئة بالنسبة إلى القراءة الحصريّة للكتب الإلكترونيّة. بقول آخر، يفوق عدد من يقرأون كتب الورق بصورة حصريّة «نظراءهم» في المطالعة الحصريّة للكتب الإلكترونيّة بقرابة ستة أضعاف! ويقرأ قرابة ثلث الأميركيّين الكتب في صورها الورقيّة والإلكترونيّة والمسموعة سويّة، ما يعني أن عادات القراءة باتت أكثر تنوّعاً مع انتشار الوسيط الإلكتروني، وهو دليل آخر على عدم جدوى المقارنة المباشرة بين الوسيطين الورقي والإلكتروني. مع تذكّر الأعداد المليونية التي تباع بها روايات هاروكي موراكامي في بلاده، يذهب الذهن إلى التفكير في أنّ أمراً مماثلاً يحصل في اليابان أيضاً. لماذا الختام بموراكامي؟ ليسأل مثقفو العرب أنفسهم، كم منهم بوزن موراكامي؟ بقول غير مهذب: ليبحث مثقفو العرب وكُتّابهم في القيمة الفنية والإبداعية لما يكتبون، قبل النواح وذرف دموع التماسيح التي لا تسيل على الشاشات ولا تمتصها الأوراق!