لا تختلف المجتمعات في أهمية الفرص الوظيفة، لكنها تختلف في مفهوم الوظيفة أو العمل، فمن تلك المجتمعات ما جعل العمل عبادة لا يصلح الإنسان إلا بها، ومنها من تنظر إليه كحاجة مُلحَّة لتوفير احتياجاتها الحياتية، وعلى الرغم من ذلك فللباحث عن وظيفة إلى وقت قريب في المجتمع السعودي، شروط ومطالب قد لا يتحقق شيء منها، في زمن باتت الفرصة في سوق العمل محدودة لمن يستحقها. وفي ضوء ذلك، أوضح الدكتور توفيق السويلم، مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات، خلال حواره لبرنامج "أضواء إخبارية" على قناة الإخبارية، أن أكبر هاجس لدى دول العالم هو هاجس الموارد البشرية، بل وتتنافس الدول، ليس بحجم مواردها المالية أو عدد المصانع أو الأبراج، وإنما بحجم مواردها البشرية الراقية، حتى أنها أصبحت معيارًا من المعايير الدولية التي تقيِّم المجتمعات في العالم، مشيرًا إلى أن إحدى وسائل تكوين الموارد البشرية، وهو تكريس مفهوم الانكباب على العمل، أمر نفتقر إليه في المملكة، وبيَّن أن المملكة تزخر بكثير من الكفاءات البشرية في كثير من المجالات كالطب والصناعة والبنوك، إلا أن المشكلة التي تواجهها تكمن في كيفية تنمية مهارات ذوي المؤهلات المتدنية والمتوسطة ومساعدتهم في تغيير نظرتهم الدونية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتابع السويلم أن التشويش الإعلامي على الشباب هو جزء من المشكلة، حيث لم يسلط الضوء على أهمية العمل أو الابتكار أو الإبداع، وإنما صرفهم إلى أمور سلبية ذات نظرة أفقية جعلتهم يركنون إلى الكسل وعدم تطوير الذات، لذا فمن الضروري إيجاد برامج تدريبية تهدف إلى التأهيل المهني، بالإضافة إلى ضرورة تطوير مناهج جديدة للتعليم، لتعتمد على البحث والتحليل والابتكار وثقل المهارات بدلاً من الحفظ والتلقين.