ألقى باحثون 17 ألف حافظة نقود في 355 مدينة في 40 دولة، من أجل اختبار أمانة الناس، بين عاميْ 2013 و2016، وكانت بعض الحافظات تحتوي على 13.45 دولارًا بالعملة المحلية، واستهدف الباحثون خمسة إلى ثمانية من أكبر المدن في دولة واحدة، وقد جاءت نتائج الدراسة مذهلة. دولتان أقل أمانة وحسب تقرير على موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وجد الباحثون أن الأشخاص في 38 دولة من مجموع 40 دولة، كانوا أكثر ميلًا لإعادة حافظات تحتوي على نقود بداخلها؛ (باستثناء دولتين عن القائمة هما بيرو والمكسيك). وعندما لجأ الباحثون إلى زيادة الأموال داخل الحافظة بنسبة سبع مرات في ثلاث دول؛ وجدوا أن متوسط معدل إعادة الحافظات ارتفع بنسبة 18%. الناس أكثر أمانة مما نعتقد وحسب تقرير "بي بي سي"، أثبتت نتائج هذه التجربة المثيرة التي نشرتها مؤخرًا مجلة "ساينس" أن الناس أكثر أمانة مما نعتقد. وقال آلان كوهن، عالم الاقتصاد السلوكي في جامعة ميتشيغان وأحد المشرفين الرئيسيين على الدراسة، إنه "شيء لم نتوقعه". وكتب المشرفون على الدراسة: "عندما يستفيد الناس بشدة من ممارسة سلوك غير أمين؛ تزداد الرغبة في الغش؛ ولكن تزداد التكاليف النفسية بنظر الشخص إلى نفسه على أنه لص، وأحيانًا يهيمن الأخير على الأول". أكثر الشعوب أمانة وسجلت الدنمارك أعلى معدلات الإبلاغ عن حافظات بداخلها نقود (82%)، وسجلت بيرو أقل معدل (13%). وسجلت سويسرا أعلى معدلات الإبلاغ (73%) والصين أقل معدلات الإبلاغ (7%) عن حافظات خالية من النقود، كما أظهر الأشخاص مزيدًا من الأمانة في حالة زيادة النقود في الحافظات. والنساء عمومًا أكثر ميلًا من الرجال إلى الإبلاغ عن الحافظات سواء احتوت على أموال أم لا. دراسة أخرى خلصت تجربة شارك فيها 1500 مشارك من 15 دولة وأشرف عليها باحثون بريطانيون في عام 2015، إلى أن الناس صنفوا الهند، إلى جانب الصين واليابان وكوريا الجنوبية، من بين الدول التي اعتبر الناس فيها أقل أمانة. لماذا الناس أمناء؟ أحد تفسيرات نتائج الدراسة يبرز الإيثار؛ أي تفضيل الآخرين عن النفس، بمن فيهم الغرباء. لهذا السبب أبلغ الكثير منهم عن حافظات النقود، ومن المثير للاهتمام أن عددًا أكبر من الحافظات التي كانت تحتوي على مفتاح أعيدت؛ مقارنة بتلك التي لا تحتوي على مفتاح. والأكثر أهمية في الأمر هو "التكلفة النفسية" وألم الضمير، والشعور السيئ عندما ينظر الشخص إلى نفسه على أنه لص. وقال زوند: "يسهل عدم شعور الشخص بانعدام الأمانة في حالة احتفاظه بحافظة خالية من النقود نظرًا لعدم كسب شيء منها، ويزداد الأمر صعوبة إذا احتوت الحافظة على نقود". غير الأمناء- تجربة الكوكاكولا وعن أولئك الذين لم يبلغوا عن حافظة نقود، يقول خبراء الاقتصاد: إنهم ربما لا يتحلون بالأمانة؛ لكنهم ربما ينشغلون أو ينسون. وتحدّث دان أرييلي، أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي في جامعة ديوك، في كتابه "الحقيقة الصادقة لانعدام الأمانة"، عن تجربة مماثلة؛ إذ مشى في سكن الطلبة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ووضع ست زجاجات كوكاكولا في نصف الثلاجات، ووضع أطباقًا من الورق، ومعها ستة دولارات ورقية في النصف الآخر. وفي غضون 72 ساعة، اختفت جميع الكوكاكولا؛ لكن أحدًا لم يأخذ النقود. وقال: "هذه التجربة الصغيرة توحي بأننا بشر مستعدون لسرقة شيء لم يشر صراحة إلى قيمته المالية، ومع ذلك، نخجل من سرقة الأموال مباشرة، إن الصراحة بوضوح هي أفضل سياسة.