«إنا لله وإنا اليه راجعون».. لم يجد مدير جامعة الجوف الدكتور إسماعيل البشري أفضل من هذه الكلمات للحديث عن رحيل أبنائه الخمسة الذين فقدهم منذ أيام في حادث سير بالمنطقة الشرقية. «أسماء، أفنان، محمد، أحمد، سلطان».. خمسة من ورود المملكة التي لن تتفتح مرة ثانية، إلا أن «البشري» استطاع بإيمانه بقضاء الله وقدره الصبر، ليتحدث ل«عكاظ» في عددها الصادر الاثنين عن الحادث، ووفاة أبنائه أمام عينيه. مدير جامعة الجوف، قال: «كنت أنوي أن نسافر جميعًا في سيارتي العائلية من نوع جيمس؛ إلا أن ابنائي أصروا على أن يستقلوا مركبتي الخاصة من طراز لكزس، لتنقلاتهم الخاصة، فوافقتهم، بينما استقللت مع والدتهم سيارتي من طراز بي إم دبليو، واتفقنا على أن ابني محمد هو من يقود بأشقائه». وأشار إلى أنه عند العودة من دبي كان يسير أمامهم، بينما هم خلفه، بعد أن اتفقوا أن يؤدوا صلاة المغرب في مدينة سلوى، مضيفًا: «وكنت أشاهدهم في المرآة للاطمئنان عليهم، وبعد دخولنا في تحويلة قبل مدينة سلوى لم أعد أشاهدهم، فاتصلت على هواتفهم ووجدتها جميعها مغلقة؛ فبدأ الخوف يزداد على أبنائي؛ فقمت بالدوران والعودة للاطمئنان عليهم». وواصل حديثه والدموع تحاصره، قائلا: «في طريق عودتنا شاهدت أنا ووالدتهم سيارات الدفاع المدني تسابقنا؛ فشعرت حينها بأن مكروهًا أصاب أبنائي، وواصلنا مسيرنا حتى وصلنا إلى موقع الحادث، وشاهدنا تجمّع الناس على الحادث، وكان ذلك تقريبًا في حدود الساعة السابعة مساء». وذكر: «ما أن اقتربتُ من المركبة المصدومة حتى تأكدت من أنها سيارة أبنائي، وكانوا قد فارقوا الحياة في حادث مروع بعد اصطدامهم بشاحنة، بعد تجاوز قائدها مركبة في منعطف لتصطدم المركبتان وجهًا لوجه.. وجدتهم جميعا قد توفوا -حسب المتواجدين في الموقع- ولم يكن على قيد الحياة فيهم إلا (سلطان) (10 أعوام)، فحملناه سريعًا إلى مستشفى سلوى على أمل إنقاذه؛ ولكن الله اختاره ليكون مع إخوته؛ ليفارق الحياة بعد دقائق قليلة من وصوله للمستشفى». وأشار إلى أن تقرير المرور حمّل قائد الشاحنة الخطأ في الحادث بنسبة 100%؛ بسبب التجاوز الخاطئ، والاصطدام بمركبة أولاده وجهًا لوجه، لافتًا إلى أن والدتهم عندما شاهدت أبناءها وبناتها في الحادث «كانت صابرة ومحتسبة ومؤمنة بقضاء الله وقدره؛ بل هي التي تقوم بتهدئتنا وتصبّرنا، والحمد لله على قضائه وقدره». الدكتور البشري تحدث كذلك عن أن مواساة القيادة وجميع المسؤولين والمواطنين من مدنيين وعسكريين كان لها بالغ الأثر في التخفيف من مصابه. وفي هذا قال: «خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتصل بي شخصيًّا، وواساني، وكان لذلك بالغ الأثر في نفسي، كما أن ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز اتصل بي، وولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز اتصل بي وواساني في مصابي الجلل الذي أحزن كل بيت سعودي».
