إن انتقال الطفل من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة الالتحاق بالمدرسة الروضة يعد حدثاً انتقالياً في حياة الطفل يتطلب أن يُعَدّ له الطفل إعداداً جيداً, كما يعتبر مرحلة الفطام الثانية في حياته, وهي مرحلة محورية ومهمة في مستقبله النفسي والعلمي؛ لذا كانت مهمة الأسرة والمدرسة صعبة. فالطفل قبل المدرسة أو الروضة يعيش في البيت الذي يمثل له البيئة الآمنة، ويرى نفسه مركز الاهتمام في هذا البيت ومحوره, كما أنه يكون ملاصقاً لأمه أغلب الوقت أو من يقوم على رعايته, وفجأة يحدث هذا التغيّر الكبير في حياته, إذ يجد نفسه فجأة – وبدون والديه – في مكان غريب عليه, ومع أشخاص لم يلتق بهم من قبل. وبعد أن كان محط أنظار الجميع في أسرته يرى نفسه واحداً من بين مئات الأطفال الآخرين. وبالطبع فإن أصعب ما يعاني منه الطفل في تلك اللحظة هو الشعور بفقدان الأمن, كما أنه أصبح مسؤولاً عن تصرفاته وسلوكه, ومطالباً باتباع قواعد وقوانين ربما لم تفرض عليه من قبل أثناء فترة وجوده بالبيت. ملحوظة: حديثي يشمل دخول الروضة وكذلك المدرسة, لا سيما أن بعض الأسر لا يتمكن أطفالها من دخول الروضة, ومرحلة الروضة تعتبر تهيئة ممتازة لدخول المدرسة. وما سأذكره من وسائل وأساليب تشملهما جميعاً. هل طفلي جاهز لدخول الروضة (المدرسة)؟ ينبغي أن تعتني الأسرة بإعداد الطفل إعداداً جيداً قبل أن يلتحق بالروضة, وهذا يساعد كثيراً في تأقلم الطفل ونجاحه في ممارسة الأنشطة التعليمية والترفيهية داخل الروضة, ومن ذلك: المهارات اللغوية: – تشجيع الطفل على الحديث وإبداء الرأي. – وضع صورة أمام الطفل والطلب منه التعليق عليها. – تدريب الطفل على مهارات الإلقاء (الأناشيد التي يحفظها). – تشجيعه على إعادة القصة بأسلوبه بعد سماعها من المربي. – تحفيظه سورة الفاتحة وقصار السور. المهارات الحركية: – تدريب الطفل على استخدام المقص, وتركيب المكعبات والأشكال. – تدريبه على إمساك القلم والرسم والتلوين. – إجراء بعض التمارين الرياضية, والتدريب على ركل الكرة. الاستقلالية: – تعليمه كيفية ارتداء ملابسه وخلعها بمفرده. – تعليمه غسل يديه ووجه بنفسه. – تدريبه على الأكل والشرب بطريقة صحيحة. – تدريبه على استخدام دورة المياه بمفرده. المهارات الاجتماعية: – تعليمه طريقة إلقاء التحية. – تشجيعه على الابتسامة والكلمة الطيبة. – تعليمه آداب الاستئذان. – تنمية قدرته على بناء صداقات. أطفال يصعب عليهم التكيف مع الجو المدرسي بعض الأطفال إذا تغيرت عليهم الظروف (الأصحاب, السكن, مكان النوم) يحتاجون وقتاً أطول للتكيف والانسجام مع الوضع الجديد، ومن هؤلاء الأطفال: الطفل المدلل: يعتمد الطفل المدلل على أن المحيطين به يستجيبون له من خلال ضغطه عليهم بالبكاء، وهو متعوِّد على أن يزيد من شدة البكاء كي يصل إلى ما يريد. والمشكلة رد فعل الأهل! وعدم إعطاء الطفل الفرصة للتكيف والانسجام مع الجو المدرسي. وهذا يريح الطفل مؤقتاً ولكنه يزيد صعوبة انضمامه للمدرسة في المستقبل. الطفل الخجول: يجد الطفل الخجول صعوبة بالغة في بناء الصداقات, وفي الاستمتاع باللعب مع الآخرين, وكذلك في الاستئذان للشرب, أو الذهاب لدورة المياه, وهذا يبطئ من تكيفه، وانسجامه مع الجو المدرسي. الطفل المصاب بقلق الانفصال: بعض الأطفال لا يستطيع الانفصال عن والديه, ويشعر بقلق شديد في حال غيابهما خصوصاً الأم, وقد يكون هذا وراثة أو مكتسباً أو له سبب كالمرض أو التعرض لموقف معين في الصغر. الطفل المصاب بمرض عضوي: وهذا يجعل الطفل محتاجاً لقرب والديه ودعمهما له, وربما يعيقه عن الاندماج والتفاعل الكامل مع التلاميذ. الطفل الذي يتعرض لعنف أو إيذاء داخل أسرته: العنف والإيذاء الجسدي والمعنوي من أسباب ضعف الشعور بالأمن لدى الطفل؛ وبالتالي يصعب عليه الانسجام والتكيف السريع. بعض التوجيهات لمن لديه طفل يعاني صعوبة التكيف والانسجام مع الجو المدرسي: – اختيار روضة أو مدرسة غير مزدحمة. – حضور أحد الوالدين مع الطفل في الأسابيع الأولى مع الانسحاب التدريجي. – عدم استعمال العنف مع الطفل، والصبر عليه حتى لا تتفاقم الحالة. – في بعض الحالات اللجوء إلى بدء الدراسة بالانتظام الجزئي, ثم زيادة مدة الحضور للمدرسة. – إذا كانت حالة الطفل شديدة لا بد من عرضها على مختص, وإذا كانت بسيطة يمكن تجاوزها بشيء من الدعم والتشجيع. في المقال القادم إن شاء الله سنتحدث عن وسائل وأساليب تهيئة الطفل لدخول الروضة (المدرسة). نايف القرشي @naif_odian