الإسلام دين شامل يشتمل على مصالح العباد في المعاش والمعاد. فهو عبادة وقيادة، وجهاد ودعوة، وسياسة،واجتماع. فهل نكون مطبقين للإسلام كما ينبغي لو نحَّيْنا شعيرة من شعائره؟! كذلك التربية التي تستمد روحها ودعائمها من شريعة الإسلام. فهل نكون مطبقين لها كما ينبغي لو أهملنا جانباً من جوانبها؟! لذا ينبغي علينا بناء شخصية الطفل بناءً شاملاً من جميع الجوانب – الإيمانية، والثقافية والعلمية، والعقلية، والخلقية، والاجتماعية، والنفسية، والدعوية، والجسمية، وتنمية الذوق والجمال والإبداع لديه – فإنه لو نقص بناء جانب منها كان الناتج مشوهاً بقدر نقص ذلك الجانب. يجب أن يُعطى كل جانب قدره. فلا يطغى جانب على آخر. فمثلاً لو كان التركيز منصباً على النواحي الجسمية فقط – تسمين ورياضة – فالمُنتج كائن يشبه الفيل، ولو كان التركيز موجهاً لبناء النواحي الاجتماعية فقط؛ فالمنتج مهرج لبق، ولو كان التركيز موكلاً بالجانب العقلي فقط؛ فالمنتج عقلاني فيلسوف، … وهكذا. إن ضمور شخصية الطفل في جانب من الجوانب يربك عملية البناء في الجوانب الأخرى؛ لذا يتعين علينا معاشِر الآباء والأمهات أن نغذي جميع الجوانب، ونتعهدها بالرعاية والملاحظة. بعض الأمثلة والإشارات السريعة لما ينبغي غرسه وتعهده في شخصية الطفل للحصول على شخصية متكاملة وناضجة: * الجانب الإيماني: نقوم بغرس تعظيم الله في قلب الطفل، وتعميق مراقبته، وذلك بتذكير الطفل دوماً بأن الله يراك ويسمعك، وهو معك يحفظك ويعينك إن حفظته وأطعته: "احفظ الله يحفظك"، وتعميق محبة الرسول r في قلبه، وحثه على تطبيق سنته واتباعه، وحثه على أداء الفرائض والنوافل، واجتناب المعاصي. * الجانب العلمي الثقافي: حث الطفل على طلب العلم الشرعي، وتدريبه عليه، وبيان فضله ومنزلته، وتعليمه كيفية البحث والتعامل مع مصادر المعلومات، وإجابته عن تساؤلاته، وتعليمه الآداب، والسلوك، والأذكار، والأدعية، وتعويده على القراءة الواسعة، وذلك بتوفير مكتبة منزلية للطفل تراعي جميع احتياجاته. * الجانب العقلي: الاعتناء بالعقل عناية خاصة، وذلك بتنمية قدرات الطفل الاستنباطية والتحليلية، وتعليمه أسس التفكير والابتكار، وطرائق حل المشكلات، والتذكر، وغير ذلك. * الجانب الخلقي: بناء الأخلاق الحسنة كالعفة، والوقار، والتأدب مع الأكابر، والصبر، وحفظ اللسان، والكرم، والشجاعة، وغيرها من الصفات الحسنة، وذلك بتمثل القدوة الحسنة للوالدين – ومن ذلك استعمال العبارات المهذبة أمامه ومعه، وخاصة عند الغضب، والوفاء بما عاهداه عليه، وعدم الكذب أمامه أو معه، ولو مزاحاً. * الجانب الاجتماعي: تنمية المهارات الاجتماعية – الذكاء الاجتماعي – وفنون التواصل والتخاطب مع الآخرين، كما ينبغي اصطحاب الطفل لمجالس الكبار، وتشجيعه على البيع والشراء، وقضاء حاجات الأسرة. * الجانب النفسي: إشباع الحاجات النفسية كالحاجة إلى التقدير، والحب، والأمن، والانتماء، وإشعاره بالأهمية، والحرص على إسعاده، خاصة قبل النوم، وتجنيبه المشاهد والأصوات المخيفة، وعدم تهديده بالعقاب. * الجانب الجسمي (الصحي): اتباع القواعد الصحية في المأكل والمشرب كما علمنا ديننا الحنيف، وتعريضه للشمس يومياً، والكشف الدوري عليه خاصة الأسنان، والاهتمام بالطهارة والنظافة، والاهتمام بالرياضة، والحركة، وتجنيبه السمنة. * الجانب الدعوي: ينبغي غرس الحس الدعوي في الأبناء منذ الصغر؛ وذلك بتنمية الشعور بالمسؤولية، وتنمية المبادرة الذاتية تجاه الآخرين، وإحياء الغيرة على محارم الله في قلبه، وتعويده على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، وتشجيعه على تعليق بعض الملصقات، وتوزيع النشرات الدعوية داخل المنزل، أو المسجد، أو المدرسة. وحثه على إلقاء الكلمات القصيرة في مصلى المدرسة وغير ذلك. * الجانب الجمالي الذوقي: تعويد الطفل على ترتيب غرفته وتزيينها، وحثه على الاهتمام بمظهره وهندامه، وتوفير الألوان والصلصال والأوراق الملونة، وترك الحرية له للرسم والتشكيل، واصطحابه إلى الحدائق الجميلة، وتركه لقضاء أوقات ممتعة مع الأناشيد التي تناسب سنه، والاحتفاظ بإنتاج الطفل الأدبي والفني. نايف القرشي تويتر: @naif_odian