أوصى إمام المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل . وقال في خطبة الجمعة اليوم :" إن أغلى ما يملكه المسلم في هذه الحياةِ دينه، وكيف لا يكون كذلك وقد منّ الله به عليه والإسلام قَوام المرء فهو بمثابة الروح للجسد، وهو سبب سعادته وفلاحه ، وسبيلُه إلى الجنة، وبدونه لا يشم ريحَها أبداً، قال تعالى ( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ومَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مسلمة) ولا يقبل الله من أحد دينا سوى الإسلام ( إن الدين عند الله الإسلام ) فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته، فليس بمتقبل، وهذا الدين لا يتفق مع دين المشركين بل يخالفه ويفارقه و عليه؛ فالمؤمن يحرِص على إصلاح دينه؛ ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم:(اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَعِصْمَةُ أَمْرِي). وأوضح الشيخ فيصل غزاوي أن سؤال اللَّه إصلاحَ الدين هو أن يوفق العبد إلى التمسك بالكتاب والسنة وفق هدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين في كل الأمور، وذلك يقوم على ركنين عظيمين هما : الإخلاصِ لله والمتابعةِ للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن التمسك بهذين الأصلين عصمة للعبد من الشرور كلها، والزيغ والانحراف والضلالات التي تضيع الدين والدنيا لذلك يجدرَ بالمسلم أن يكثر من سؤال ربه الثبات. وأضاف يقول " المصيبة في الدين أعظم المصائب؛ ولذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بقوله: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا) والمصائب تكون في مال الإنسان أو بدنه أو مسْكنِه أو أهله، وكلها تهون وتسهل أمام مصيبة الدِّين، فمن أصيب في دنياه بموت أو خوف أو جوع أو فقر أو مرض أوغير ذلك فقد نقص من دنياه ما قدر عليه، ثم إن هو صبر واحتسب ورضي عوّضه الله خيرا منه". وبين فضيلته أن المصيبة في الدين على قسمين: إمَّا أن يُبْتَلى المرء بالمعاصي كأكْل الحرام واعتِقاد السوء، أو يُبْتَلى بما هو أعظم من ذلك كالشِّرْك والكُفْر والنِّفاق وما أشبه ذلك، فهذه مهْلكة مثلُ الموت للبدن ومن عز عليه دينه هانت عليه نفسُه ، مؤكدا أن المبتلى في دينه، أخطرُ من المبتلى في بدنه، وداءَه أعظم، ذلك أن المؤمن يخالط الناس فيألفهم ويعاشرهم ويصادقهم لكن مع ذلك كله يحذر على دينه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( خالط الناس ودينَك لا تَكْلِمَنَّه )... أي خالط الناس لكن بشرط أن لا يحصل في دينك خلل وفساد , ودرأ لهذه المفسدة العظيمة فإنه يتعين الحذر من مجالسة الأشرار والفجار؛ فمُخَالَطَتهم تؤدي إلى الهلاك، والطباع سراقة، والإنسان على عادة صاحبه وطريقتِه وسيرته . // يتبع // 14:52ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى وبين الشيخ فيصل بن جميل غزاوي أن المؤمن يخاف كل سبب يفسد دينه ومن صور إفساد الدين أن يعمِد بعض الناس ممن رق دينه وضعف الوازع الديني عنده إلى أن يختار من فتاوى العلماء وآراء المفتين ما يروق له لسهولتها وموافقتها هواه، وقد انتشرت هذه العادة السيئة وللأسف حتى صار بعضهم يبحث في المسائل التي اشتهر المنعُ فيها ليجد رأيا آخر ومذهبا يرخصُ له في فعل ما نُهي عنه لغرض اتباع هواه وإشباع شهوته عياذا بالله". وأشار فضيلته إلى أن المرء ليعجب ويكاد لا ينقضي عجبه عندما يرى بعضَ المسلمين يبيع دينه بمتاع زائل ولا يبالي نسأل الله العصمة من الفتن، بينما أهلُ الباطل في المقابل يصبرون على باطلهم ويعظم تمسكُهم بدينهم الفاسد ومنافحتُهم عنه وخشيتهم أن يتبدل إلى دين آخر، فقد حكى الله عن فرعونَ الطاغية دعواه الجائرة ضد كليمِ الله موسى عليه السلام فقال جل ذكره ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) أي دين هذا الذي يخاف فرعون من تغييره وتبديله؟! إنه دينُ عبادةِ فرعون، دينُ السحرة والكهان، يخاف تبديلَه إلى الدين الحق، وهو عبادة الله وحده لاشريك له وأيُّ فساد يخشى الطاغية فرعونُ أن يُظهره موسى؟! إنه القضاء على استعباد فرعون لقومه واستضعافِه لهم وإذلالِهم وامتهانِهم إنه انتكاس المفاهيم واختلالُ المعايير،. وتطرق الدكتور فيصل غزاوي إلى أنه قد بلغ الحدُّ بالمشركين في حرصهم على آلهتهم الزائفة وشدةِ تمسكهم بدينهم الباطل أن يتواصوا فيما بينهم بالثبات عليه وعدم تركه ( وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) أي : استمروا وامضوا على دينكم ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمدٌّ من التوحيد ولا تدخلوا في دينه، ولا غرو فإنك تجد من الناس من عمي قلبُه وفقد البصيرةَ ؛ فتمادى في ضلاله، وأوغل في عَمايته، وغلا في جهالته، فظن أن ما يدينُ به من الكفر والضلال والعصيان هو الحقُّ الذي يتشبث به وأن هذا يدل على رجاحة عقله، وسداد رأيه، قال تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا .. ). وقال إمام وخطيب المسجد الحرام " ولم يقتصر أعداء الله على التمسك بدينهم الباطل بل هم يقاتلون من كان على ملة الإسلام ليصدوهم عنه عداوةً لدين الله ولمن قام به، فهم يقاتلون المسلمين عن دين وعقيدة، ولا تزال محاولاتهم الجادةُ والمتكررة حتى يحققوا هدفَهم المنشود ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ). وشدد على أن المؤمنين الصادقين متمسكون بدينهم لا يطلبون له بدلا ولا يبغون عنه حولا، فالإيمان حين تخالط بَشاشتُه القلوب فلا يمكن للمؤمن أن يتخلى عن دينه فضلا عن أن يرتد عنه مهما كانت الأسباب ، وأن مما هو متقرر في عقيدة المؤمن أن من رجع عن الإسلام إلى الكفر وانقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا بل الخسارة والوبال تعود على تارك دينه. // يتبع // 14:53ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية وأبان فضيلته أنه مع أهمية جميع الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، إلا أن الدينَ أهمّها وأعظمها فالمقاصد الضرورية لحفظ الدين هي تثبيت أركانه وأحكامِه والعملُ على إبعاد ما يخالف دين الله ويعارضه، كالبدع ونشر الكفر والرذيلة والإلحاد والتهاون في أداء واجبات التكليف، فما أحوجنا عباد الله أن نستشعر نعمة الله علينا وأن نشكر الله تعالى دائما أن هدانا لدين الإسلام وجعلنا من أمة خير الأنام عليه الصلاة والسلام وأن نعتز بديننا ونحافظ عليه ونتمسك به حتى الممات عملا بقوله تعالى : (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) كما أنه على المسلم العمل بشرائع الدين والحذر من مخالفته . وأوصى فضيلته المسلمين باستشعار نعمة الإسلام وكيف أنقذهم الله بهذا الدين من الضلالة والتأمل في حال من يعيش بعيدا عن نور الهداية فهو يتخبط في الظلمات ولا يهتدي لسبيل الرشاد ولا تهنأ نفسه ولا يقر له قرار وأنه من عرف قيمة دينه واستشعر مكانته اعتز به وتحلى بآدابه وسعى في إظهار محاسنه والدعوة إليه، وبثه ونشره، ونافح عنه، ولم يكن ممن هان عليه دينه وأصبح يخجل منه ويتحرج من أحكامه ويستهين بشيء من شعائره , ولا هو ممن يأكل بدينه، ولا يجامل أحدا على حسابه ولا يتنازل عن قيمه وثوابته ولا يبذله رخيصًا مُهانًا، ولا يتزلَّف به لنَيل رضا مخلوق؛ طمعًا في دنيا زائلة، ولُقمةٍ عاجلة ومتاعٍ قليل، بل شأنه أن يصونَ دينَه ويحفظَه ليسلم ويحذر من أن يفتن في دينه فيندم . // يتبع // 14:53ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة وفي المدينةالمنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور حسين بن عبد العزيز آل الشيخ عن الأخلاق الحسنة فهي عنوان سعادة العبد وفلاحه ، وقال :"إن المؤمن ما استجلب خيراً بمثل جميل الخصال ومحاسن الفعال ، وأكد فضيلته أن نصوص الوحيين متواترة على الدعوة إلى اتخاذ المسالك المثلى والمثل العليا. وبين فضيلته أن من الصفات العظيمة والمحاسن الجليلة لأفضل الخلق عليه الصلاة والسلام ما وصفه به ربه جل وعلا بقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : (إنما بُعثتُ لأُتَمِّمَ صالحَ الأخلاقِ ). ويقول صلى الله عليه وسلم : داعياً إلى التخلق بالخلق الحسن: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ). وأشار إلى أن صاحب الخلق الزكي ينال المرتبة العليا والمكانة الأسمى قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا ) وسُئل صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال : (تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ). وأكد الدكتور آل الشيخ أن الخلق الحسن من أسباب رضى الرحمن، وثِقل الميزان قال صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ في مِيزَانِ العبدِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ ) . وبين أ إمام وخطيب المسجد النبوي أن حسن الخلق يشمل كل جميل من الأقوال والأفعال فهو كل مسلكٍ مُرضٍ شرعاً وطبعاً في التصرفات كلها، أو التعاملات جميعها. وأوضح أن حسن الخلق هو الالتزام بالآداب الشرعية الواردة في النصوص من أطايب الأقوال ، وجميل الفعال وحميد الخلال وشريف الخصال ، و كل تصرف يقوم به الإنسان مما يكثر معه مصافوه ، ويقل به معادوه ، وتسهل به الأمور الصعاب وتلين له القلوب الغضاب، فمواقف صاحب الخلق الحسن في التعامل كلها حسن ورفق وإحسان وتحل بالفضائل وسائر المكارم مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم : (لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ) رواه مسلم . وألمح فضيلته إلى أن بسط الوجه وطلاقته وبشاشته، وبذل المعروف وكف الأذى واحتمال ما يكون من الآخرين من إساءة وزلل و كظم الغيظ ، والبعد عن الفضول، وتجنب المعاتبة والمخاصمة واللجاج كل ذلك من حسن الخلق الذي يعني أن يكون الإنسان براً رحيماً، كريماً جواداً سمحاً، باذلاً سخياً لا بخيلاً ، صبوراً شكوراً، رضياً حليماً، رفيقاً متواضعاً ، عفيفياً شفيقاً رؤوفاً، هيناً ليناً في طباعه ، سمحا سهلاً في تعاملاته ،قال تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا) قال صلى الله عليه وسلم : (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ). // يتبع // 14:53ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة رابعة واخيرة وقال " إن من حسن الخلق تهذيب الألفاظ ، وحسن المعاشرة ، ولطف المعشر، والبعد عن السفه ومجانبة ما لا يليق ولا يجمّل ، ولا يسمع لصاحبه في المجالس عيبة ولا تحفظ له زلة ولا سقطه ، وأن من أفضل الأخلاق وأجملها : الإيثار. وستر العيوب ،وإبداء المعروف ، والتبسم عند اللقاء ، والإصغاء عند الحديث، والإفساح للآخرين في المجالس ، ونشر السلام وإفشائه ، ومصافحة الرجال عند الالتقاء، والمكافأة على الإحسان بأحسن منه، وإبرار قسم المسلم ،والإعراض عما لا يعني ، وعن جهل الجاهل بحلمه وحكمه ، وهكذا سائر تصرف طيب يجعل كبير المسلمين عندك أباً وصغيرهم ابناً وأوسطهم أخاً ". وختم فضيلته خطبته حاثا المسلمين على حسن الخلق و أن الواجب المحتم على المؤمن ألا يتقرب إلى الله بشيء إلا ما ورد فيه دليل من قرآن أو سنّة ، فمن يزعم من فضائل بتخصيص شهر رجب بعبادة ما ، فلم يرد في ذلك شيء من الشرع كما نص على ذلك المحققون.