درج الناس عندنا على الهروب من حرارة الجو في جدةومكةالمكرمة وغيرهما إلى الطائف؛ بحثا عن الاعتدال والبرودة، غير أن أهل الطائف أصبح لهم رأي آخر لم يصرحوا به، ولكنهم مارسوه عمليا، بتوجههم إلى سهول مكة طلبا للدفء و(الاعتدال) من منظورهم طبعا، وليس الأمر مجرد حالات متناثرة أو مؤقتة، ولكنه توجه برزت آثاره الاجتماعية والاقتصادية على سطح الحياة اليومية في تلك المنطقة، إذ قدَّر متعاملون وعاملون في المواقع التجارية على طريق الهدا الموصل ما بين الطائفومكة، ارتفاع معدل الإقبال بنسبة 80 في المئة مع منتصف الشهر الجاري؛ مقارنة بالشهر الماضي، معللين الأمر بأن انخفاض درجات الحرارة ومعدل البرودة الشديدة التي تشهدها مدينة الطائف، أدى إلى توجه الأهالي إلى سهول مكة؛ ما أسهم في انتعاش الحركة في المواقع التجارية على طريق الهدا، وهذا بدوره قاد إلى زيادة حجم الاستثمار التجاري هناك. برودة تشعل السوق (محمد) عامل في أحد المطاعم، قال: “إن الإقبال زاد بشكل لافت للنظر منذ مطلع الشهر الجاري؛ بسبب تدفق أهالي الطائف على السهول بشكل كبير؛ لهروبهم من موجة البرد القارسة باتجاه المواقع أسفل عقبة الهدا” وقدَّر محمد نسبة الارتفاع في الاستثمارات وإقبال الناس على منتجات وخدمات المحال التجارية والترفيهية هناك بنحو 80 في المئة منذ بداية الأسبوع الماضي، متوقعا أن يتواصل المعدل في الارتفاع كلما زادت حدة البرد. (سالم الهذلي) من سكان الطائف يقول: إنه اعتاد قضاء يومي الخميس والجمعة في المتنزهات الواقعة أسفل عقبة الهدا؛ نظرا إلى اعتدال الأجواء وتوافر الخدمات التي يسعى للحصول عليها أي صاحب أسرة، مشيرا إلى أن الأجواء الباردة في الطائف دفعتهم إلى التوجه نحو البدائل المتاحة، خاصة والأجواء في سهول مكة مناسبة له ولأسرته، حسب تعبيره. نقلة مناخية في نصف ساعة المطاعم ومحال الوجبات السريعة والمقاهي، تقتطع الشريحة الأكبر من كيكة طالبي الدفء، كما أن بعض المجمعات دأبت على التنافس في تقديم خدمات متكاملة، من إقامة ومحال سوبر ماركت، ومواقع ترفيهية، إلى جانب الخدمات الأساسية من مطاعم حديثة ومقاه وبوفيهات ومتنزهات للجلسات العائلية، ما جعلها الخيار الأقرب والأفضل لراغبي السياحة الشتوية بأقل التكاليف، حيث يتمكن الشخص وعائلته من قضاء وقت كاف للتنزه والهروب من وطأة البرد، والاستمتاع بأجواء معتدلة، وتناول وجبة رئيسية، ومن ثم العودة للمبيت في منزلهم بالطائف، فالرحلة لا تتجاوز 30 إلى 45 دقيقة بالسيارة. اعتدالان في طريق واحد! المحال التجارية استعدت منذ فترة لاستقبال الباحثين عن الدفء، وبادر مستثمرون كثر بتوجيه استثماراتهم إلى تلك المواقع، بإقامة عدد من المجمعات التجارية، ستفتتح في الأيام القليلة المقبلة لاستقبال القادمين من مرتفعات الطائف إلى سهول مكة. ووفقا لمصدر في الأرصاد الجوية، فإن المرتفعات في عسير والباحة والطائف، ستشهد انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة، ستصل أعلى مستوياتها بدءا من شهر ذي الحجة المقبل، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا صريحا لارتفاع حرارة النشاط التجاري والترفيهي في السهول الواقعة على طريق الهدا بين الطائفومكة، إلى أن يأتي الصيف وتبدأ هجرة معاكسة على الطريق نفسها، ولكنها ستكون عندئذ بحثا عن الاعتدال البارد وليس الدافئ.