يتبادر إلى ذهن الكثيرين عند سماعهم مفردة (قصاص) ﺃنها مأخوذة من (القص) ﺃي قطع الرقبة. وهم على هذا الأساس، يعتقدون ﺃن معاقبة القاتل، تقضي بقطع رﺃسه بالسيف، وﺃنه ما لم يتحقق شرط (القص) فإن العملية لا تسمى قصاصا. ويَعبرون من هذه النتيجة نحو التأكيد على ﺃن تنفيذ القصاص لا بد ﺃن يكون بالسيف، وفقط بالسيف. والحقيقة ﺃن هذا مفهوم مغلو ط للمفر د ة، سو ا ء في معنا ها ا للغو ي ﺃ و الإصطلاحي، إذ إن القصاص مأخوذ من (الاقتصاص) وهو يعني ﺃخذ الحق من المعتدي للمعتدى عليه، بعدل وتماثل بين طبيعة الاعتداء وطبيعة العقوبة. وعلى هذا الأساس يسمى تنفيذ حكم القتل با لقا تل، قصا صا. كما يسمى التعويض العادل عن الجروح والإصابات ب(القصاص)، ومن هذه النتيجة المناقضة للنتيجة الأولى، يمكن تأكيد ﺃن القصاص غير مرتبط بالسيف، وﺃن ﺃحكام القتل قصاصا يمكن ﺃن تنفذ بطرق ﺃخرى غير قطع الرقبة. وهذا التفسير يستند إلى الرﺃي الشرعي والفقهي، إذ يؤكد الدكتور عبدالمحسن العبيكان، المستشار القضائي في وزارة العدل وعضو مجلس الشورى، ﺃن الأصح من ﺃقوال ﺃهل العلم يقضي بأن يقتل القاتل بالطريقة والوسيلة ذاتها ا لتي نفذ بها جر يمته؛ "فإن قتل شخصا بإطلاق النار عليه، فإن الأولى ﺃن يقتل القاتل بإطلاق النار"، والاستثناء في هذه القاعدة يقع عندما تكون جريمة القتل الأصلية حدثت شنقا ﺃو عبر طريقة ﺃخرى يحرم استخدامها، ويشير العبيكان إلى ﺃن طريقة القتل التي يحصل فيها قدر من التعذيﺐ، حتى إن كان بسيطا، محرمة. وﺃما ما عدا ذلك فجائز. وﺃوضح العبيكان ﺃ ن ا لمتعا ر ف عليه في (ا لسعو د ية) هو تنفيذ ﺃحكام القصاص بالسيف، ولكن لو استخدمت الأسلحة النارية في تنفيذ ﺃحكام القصاص "فهذا جائز شرعا"؛ لأ ن ها تين ا لو سيلتين (السيف والسلاح الناري) لا يعذبان المحكوم عليه، بل يقتلانه على الفور. ولكنه ﺃضاف قوله: "إن كرسي الإعدام وهو الكرسي الذي يقتل باستخدام الكهرباء، والشنق، واستخدام الإبر القاتلة لا يجوز استخدامها في الإعدام؛ لأن فيها تعذ يبا للمقتص منه، وهو ما لا يجوز في الدين الإسلامي". يشار إلى ﺃن عقوبة القصاص في (السعودية) تنفذ بعد دراسة القضية من قبل 31 قاضيا قبل التصديق النهائي عليها من ﺃعلى سلطة؛ فقضايا القتل تنظر ابتداء من ثلاثة قضاة قبل ﺃن ترفع إلى محكمة التمييز والتي ترفع مرئياتها عبر خمسة قضاة إلى خمسة آخرين في مجلس القضاء الأعلى ومن ثم يوقّع الحكم من الملك، كما ﺃن النظام القضائي يسمح لأسر الضحايا بالعفو عن القتلة المدانين، سواء بمقابل مادي مشروع (الدية الشرعية) ﺃو بمقابل مادي يتفق عليه الطرفان (غالبا ما يكون ﺃضعاف مبلغ الدية الشرعية) ﺃو العفو دون ﺃي مقابل، وفي هذه الحالة يطلق سراح القاتل في حينه، بعد تصديق التنازل عنه. كما ﺃن بإمكان ﺃهل القتيل ﺃن يشترطوا شروطا غير مادية ولا محدودة مقابل العفو عن القاتل، ومنها على سبيل المثال نفيه عن ا لمد ينة ا لتي ارتكﺐ فيها جريمته، ﺃو حرمانه من الاقتراب طوال عمره من منازل ﺃو ﺃملاك ﺃقارب القتيل، ﺃو إلزامه بالابتعاد عن ﺃي موقع يتواجد فيه ذوو القتيل. ﺃو إبقاء القاتل في السجن فترة غير محددة، عبر طلﺐ تعويض مادي ضخم يعلمون باستحالة توفيره من قبل ذوي القاتل.