من أشهر الروايات العربية للأديب العالمي والفيلسوف اللبناني الراحل جبران خليل جبران، لم يكن لعنوانها اللافت دور في نجاحها فحسب، ولكن لأنها استطاعت أن تنقل صورا اجتماعية مختلفة للقهر الاجتماعي حينها. واليوم وبعد مرور قرن على هذا العمل الأدبي الجميل الذي ما زال يتصدر قائمة الروايات الأكثر مبيعا عربيا، نجد أن الزمن توقف عند الصورة الاجتماعية العربية التي وصفها الكاتب. بالرغم من كل التغيرات العصرية المتلاحقة، إلا أن أساس المجتمع الشرقي مازال صلبا وغير مرن وعسير على التغيير. لذلك جاء التمرد ثوريا وقاسيا بل ومفاجئا إلى حد كبير. حقيقة الأمر السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا لم يتغير المجتمع العربي بعد كل هذا الزمن الطويل، تغيرت القشور أما اللب فما زال كما هو، أو كما قال نزار قباني في عبارته الشهيرة «لبسنا قشرةَ الحضارة والروحُ جاهليّة». علماء الاجتماع اتفقوا على ما يسمى «بطبيعة الإنتاج في المجتمع» فإن كانت طبيعة الإنتاج كما هي فإن التغيير في المجامع يسير بدرجة بطيئة جدا. المجتمع العربي لم يمر بمرحلة التصنيع الحديث، بل انتقل من مجتمع زراعي، ورعوي إلى مجتمع يقوم اقتصاده على الريع. لذلك كل ما تغير هو الشكل الخارجي للعلاقات. أما الأفكار والقيم فإنها ثابتة نسبيا والأمثلة عديدة. في القيم مثلا نجد الإيمان بالشعوذة والسحر إلى النظرة الدونية للمرأة. وغيرها من القيم التي لا علاقة لها بالمجتمعات الحديثة ما زالت عالقة في ذهن الناس، وتغييرها يكاد يكون شبه مستحيل. مثال آخر تطبيق الديمقراطية، رغم أنها قيمة لها جاذبيتها إلا أن تطبيقها في بلد مثل لبنان -أقدم ما يسمى بالديمقراطيات العربية- ما زال في الغالب طائفيا. وفي بلد قريب كالكويت أفرزت الديمقراطية شقوقا في المجتمع مبنية على القبلية والطائفية كذلك، بل حتى في بلد مثل مصر يقول عنها عالم الاجتماع المصري السيد ياسين تعليقا على نتائج انتخابات عام 2005 إنها كانت «قبلية»! من هنا فإن التفسير المعقول لثبات القيم أن هذه المجتمعات ما زالت تتبني الأفكار نفسها. وأن البنية الاجتماعية العربية لم تتغير منذ رواية الراحل جبران، لذلك نجد أنفسنا أمام قراءة مكررة للظواهر على الرغم من كل الأرواح المتمردة.