«صاروخ، فياجرا، عرائسي، ركب النمل، شهر العسل، أفوكادو، جرجير»، كلها أسماء انتشرت في الآونة الأخيرة على محال تجهيز وبيع العصائر الجاهزة، التي تهدف إلى جذب زبائنها كلا بحسب اهتماماته ورغباته. فهذا عصير المخطوبين، وآخر عصير المتزوجين، وثالث عصير ركب النمل، ولا فر ق بين جميع هذه التركيبات سوى الأسماء فقط. كما أن هذه محال تحاول في كل مرة اقتراح أسماء جديدة بنكهات مختلفة لجذب عدد أكبر من العملاء، وتحاول إيهام العرسان وكبار السن بفاعلية هذه الأنواع من العصيرات في استعادة صحة أجسادهم، وإعطائهم طاقة كامنة تمكنهم من استعادة نشاطهم بين الفينة والأخرى. ويعد عصير «عرائسي» الأشهر بين الأنواع الأخرى، ويطلق هذا الاسم على أفضل وأجود شيء، وهو عصير خاص بالمتزوجين، كما يدعي مروجوه، لما يحويه من فوائد كثيرة سواء جنسية أو صحية أو كونه يعطي طاقة أكبر، وتختلف طريقة عمله من يد لأخرى وذلك حسب الإضافات الثانوية لمكوناته الرئيسة. وتتكون أصنافه من فاكهة المانجو، موز، تمر معجون، حلاوة طحينية، حليب سائل مركز، مكسرات، تفاح، وكمية من العسل. فيما تتزين الكأس على جوانبها بشيء من الفيمتو المركز، وتخلط كل هذه الأصناف مع مكعبات الثلج لتقدم باردة إلى الزبون. زيارة يومية يحرص كثير من العرسان الجدد أو المقبلين على الزواج، على زيارة هذه المحال بشكل متواصل، بمعدل زيارة واحدة يوميا، ظنا منهم أن هذه العصائر تحوي المزيد من الفوائد الصحية والجنسية أيضا، وتأثرا بما يرويه لهم بعض الناصحين من ضرورة احتساء كميات كبيرة من هذه العصائر. ويستغل أصحاب هذه المحال رغبة هؤلاء العرسان في المزيد من خلطاتهم، فيستخدمون الأسماء الأكثر جاذبية، ووضع الإعلانات الخاصة بالمنتجات الجديدة على واجهة المحال بقصد لفت انتباه المارة، في حين أن بعض هذه المحال توزع بروشورات، لأبرز المنتجات، أو استغلال تواجد الناس في فعاليات جماهيرية، إضافة إلى بعض الإعلانات في المنتديات الإلكترونية الخاصة بالزواج. وتتفاوت أسعار العصيرات بحسب الاسم تارة وبحسب المكونات تارة أخرى، فيتراوح سعر الكوب الواحد في بعض المحال من 8-12 ريالا، بينما يصل سعر الجالون من 30-40 ريالا. عامل محترف عباس الشربتلي، عامل محترف تنقل بين العديد من محلات العصيرات، وتنازعه أصحاب هذه المشاريع مرة بالإغراء المادي، وتارة بالعمل المريح، قضى قرابة 18 عاما في صناعة العصيرات، ويحترف حاليا تجهيز أكثر من 28 خلطة عصير طبيعي. بدأ عباس حياته العملية في هذه المهنة ولم يجد غيرها بديلا نظرا لحاجة الناس إلى العصيرات الطبيعية، كما وجد العمل فيها مريحا له ويعود عليه بعائد مادي جيد. وأوضح عباس أن «هذه الخلطات مكونة من مواد طبيعية خالصة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إضافة أي مواد غير طبيعية مثل السكر على سبيل المثال، كما أن بعض العصيرات الخاصة بالعرسان تفيدهم بالفعل؛ لذا فهم يحرصون على زيارتنا كل فترة لشراء أنواع جديدة منها». وأشار عباس إلى أن خلط المكونات الطبيعية لا يقوم على أساس علمي «فقط أعرف أن هذه الفاكهة أو تلك مفيدة للجسم، وخصوصا للعريس، فأعمل في كل مرة تشكيلة من هذه المكونات لصنع عصير مختلف ونطلق عليه اسما جديدا». مشروع عصير أما الشاب عبدالله الغامدي وشريكه خالد مدني ففكرا أن يكون مشروعهما الاستثماري الأول في مجال تجهيز العصائر الطبيعية، حيث استغرق التفكير في تأسيس هذا المشروع قرابة عامين كاملين، وخلصت نتيجة الدراسة إلى أن يكون هذا المشروع في منطقة لا يوجد فيها أي محل لبيع العصائر الطازجة. كما عمل خالد وعبدالله في المحل لمدة 10 أيام متواصلة كمصنعين لهذه العصائر وتقديمها للزبائن، وجاءت هذه الخطوة من باب جس نبض الزبائن والتعرف على ذائقتهم، ومدى قبولهم لهذه الأنواع من العصيرات ومدى إمكانية استمرارية العمل في المحل، إلا أنهما وجدا ثناء على الفكرة والمنتجات التي يصنعها المحل، وحسب عبدالله الغامدي «مللنا كثيرا من العصيرات غير الطبيعية، فجاءت فكرة الاستثمار في هذا المجال، فالمنطقة التي أسكن فيها خالية من مثل هذه العصيرات المفيدة». وبين شريكه خالد «أردنا أن نقدم للناس شيئا صحيا ومفيدا للجسم، وحاولنا التركيز على الفواكه الطبيعية، فنحن لا نستخدم السكر أو الماء، ونستبدل تحلية هذه المنتجات بعصير قصب السكر الطبيعي، ورضا الناس في المنطقة كان كبيرا، حيث كان كثير منهم يعاني إذا أراد الحصول على عصير طبيعي، فتجده يذهب إلى أماكن بعيدة من أجل الحصول عليه، إلا أن المحل الذي افتتحناه قبل أشهر أوجد لكثير من الناس حلا جذريا». ضربة جزاء وحول إطلاق بعض الأسماء الغريبة على خلطات هذه العصائر، أفاد خالد أن بعض هذه الأسماء أصبحت مشهورة عند رواد هذه المحال: «وبعضها نحاول استحداثها وتكون خاصة بنا، ومن ضمن الأسماء الخاصة بنا عصير ضربة جزاء، الراقي، العالمي، الزعيم»، موضحا أن هذه عبارة عن أسماء فقط، إنما مكونات العصير تكون هي نفسها، وقد يختلف كل منتح عن الآخر بإضافة شيء أو طريقة الخلطة. وأكد الغامدي أن بعض العصيرات الطبيعية مثل عصير الأفوكادو والجرجير، تعطي الإنسان قوة طبيعية من الحاجة إلى إضافة مكونات عليها «لو علمت ما في الجرجير، لزرعته تحت السرير، ولا يظن البعض أن طعمه غير مستساغ، بل هو في غاية الجمال والذوق، وهذه الأنواع من الفواكه فيها فوائد أثبتها العلم، والشاب المثقف يعرف فوائدها فيطلبها». كما أوضح خالد أن أغلب من يطلبون عصير الصاروخ أو العصائر التي تعطي قوة هم من العرسان، وقلة قليلة من الشباب يحبون تذوق هذه العصيرات فتجدهم يطلبونها من كثرة ما سمعوا عنها، ويبدون إعجابا بلذتها وقد يطلبون مزيدا منها في الزيارات الأخرى. العرائسي أولى عمر محروس، عريس لم يمض على زواجه أكثر من أسبوعين، أوضح أنه يهتم كثيرا بمثل هذه الأنواع من العصائر، خصوصا أيامه الأولى في الزواج «هذه العصائرمفيدة جدا، وبها العديد من الفيتامينات التي تقوم الجسم وتجعله صحيا، كما أنني أشرف على صناعة الخلطة التي أطلبها فأراقب المعلم وهو يقوم بوضع الخلطات داخل الخلاط، وكل الأصناف التي أستخدمها طبيعية 100 %، وهي مكونة من الفواكه الطبيعية فقط، ولا أحتاج أبدا أن أستخدم السكر أو الماء في صنع عصيري المفضل، ولا تهمني المسميات المستخدمة في هذه المحال أكثر من المواد المستخدمة نفسها، فغاية ما يشدني أنها طبيعية، وبعض هذه المسميات تأثيرها بالغ علي وعلى كثير من العرسان، غير أن بعض الخلطات التي لا تتناسب معي لا أطلبها، وأكثر ما أحرص على شرائه هو عصير العرائسي، وهنا لم يجذبني الاسم أكثر من المكونات التي أعرفها جيدا». لوحات مضللة عريس آخر، لا يلتفت أبدا إلى هذه المحال التي تعتمد على المسميات أكثر، وبين عبدالله خاجا أنه «لا أهتم بمثل هذه المغريات التي تحاول تضليل العرسان الجدد أو بعض الناس، أهلي في البيت يجهزون لي العسل الجيد الذي طلبته من الخارج، بالإضافة إلى بعض المعلبات التي تحوي المزيد من الحلوى والمكسرات المفيدة للجسم». واعتبر خاجا أن هذه المحال تبيع الفواكه الطبيعية «غير أنني لا أؤمن كثيرا بمحتواها كونها تعطي قوة غير ذلك، وفي بعض الأحيان أضطر للشراء من هذه المحال لإيماني بها كفواكه طبيعية فقط، عندما أريد التخلص من الغازيات، غير أنني أصنع أفضل منها في بيتي». وأشار خاجا إلى أن اللوحات التي يستخدمها أصحاب هذه المحال هي لوحات مضللة على الناس من أجل إغرائهم، وشراء هذه الخلطات من العصائر بأي سعر كانت، مؤكدا أنها لوحات مغرية جدا من الناحية التسويقية، وأصحابها أذكياء استطاعوا إقناع الناس بجودة منتجاتهم .