حذر خبراء اقتصاديون من تفاقم أزمة السكن في المملكة بعد خمسة أعوام عما عليه الآن في حال عدم تسريع عملية إقراض المواطنين الراغبين في الحصول على مسكن واختزال مدد الانتظار من جهة، وفي حال عدم بناء وحدات سكنية ملائمة لدخل الفرد السعودي الذي يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف، من جهة أخرى الأفراد الذين يصل دخلهم إلى ما دون خمسة آلاف ريال يشكلون 70 % من السعوديين، مشيرين إلى أن التوجه الشبابي خلال العقد المقبل يسير نحو تملك الشقق السكنية والفلل الصغيرة، مؤكدين أن فلسفة التملك الخاصة بالمساكن تغيرت عن السابق. وقال المحلل المالي راشد الفوزان إن صندوق التنمية العقاري لن يحل أزمة السكن في المملكة «يجب أن يكون هناك توزيع للتنمية السكانية بين المناطق إلى جانب توسيع وإضافة مصادر تمويل أخرى من خلال البنوك والصناديق لا بد أن يكون هناك إضعاف المبالغ المطروحة حاليا للتمويل» مشددا على مضاعفة القروض الممنوحة سواء من بنك التسليف أو صندوق التنمية العقارية وغيره من الصناديق علاوة على إيجاد فرص عمل خارج المدن كي تخفف الضغوط على المدن الرئيسة بنسبة كبيرة. ونوه الفوزان بأهمية إعطاء دور أكبر لمؤسسة التقاعد والتأمينات الاجتماعية والاستثمارات العامة في منح قروض تمويل للمواطنين الراغبين في مساكن، علاوة على توفير الأراضي والمخططات الكافية لذلك «المشكلة القائمة الآن أن كبار الملاك هم من يحكمون سيطرتهم على هذه الأراضي لذا لا بد من إيجاد عروض ضخمة من الأراضي المخططة». وأشار إلى أنه مع رصد مبالغ ضخمة لتوفير سكن للمواطنين يرافقه التخطيط الجيد وتوفير البنية التحتية للأراضي فإن النتائج تحتاج إلى أعوام كي تأتي أو كلها موضحا أن إسقاط شرط الأرض فيما يخص صندوق التنمية العقاري ليس له قيمة كون القرض لا يسد قيمة 30 % من قيمة الأرض. وعن أهمية اشتراك البنوك العاملة في المملكة مع الصندوق في تقديم قروض عقارية بعيدا عما تقوم به البنوك من تقديم ذلك بشكل منفرد، أوضح الفوزان أن البنوك ستدخل في هذا التمويل بيد أنها تحتاج لضمان حقها «إذا كانت الحكومة تضمن المواطنين ستمول البنوك كي تربح، والبنوك ليست جمعيات خيرية» مشددا على أهمية التنسيق بين الجهات الحكومة الممولة والبنوك والمواطن، لافتا إلى أن أزمة السكن لن تحل في حال زيادة المعروض على الأرض وزيادة مصادر التمويل ويكون للدولة دور في التقاعد والتأمينات والاستثمارات العامة. من جهة أخرى قال الخبير الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة إن أهمية توفير المعلومات الخاصة بالسوق العقارية في المملكة كأول خطوة لحل أزمة السكن القائمة «لا بد أن يكون هناك مؤشر عقاري رسمي أسبوعي عن كمية ما يتم بيعه وشراؤه وما هو الموجود من عقار وأراض وفلل وشقق حيث يعطينا المؤشر ما هو موجود بالسوق السعودية ويحدد الفجوة بين العرض والطلب». وذهب ابن جمعة إلى أهمية توفير قروض ميسرة للمواطنين حتى لمن لا يتجاوز دخله ألفي ريال عن طريق البنوك بدعم من الدولة ويكون على المدى الطويل لا يقل عن 30 عاما ويكون التمويل بطريقة سريعة، إلى جانب إنشاء مخططات على أراض حكومية كي يتم البناء فيها، متوقعا أن ينعكس ذلك بشكل كبير على قيمة العقار ويخفض من قيمته وعليه يستطيع المواطن الشراء. وأشار الدكتور فهد إلى التوجه العام خلال عشرة أعوام نحو الشقق والفلل الصغيرة من قبل الشباب، حيث يجد الشاب في الشقة تكاليف أقل علاوة على أن أكثر الشباب لا يتزوجون إلا في أعمار متأخرة والمتزوج مع ارتفاع مستوى التعليم لا يرغب في أكثر من طفلين «لذا نجد أن المساحات الكبيرة ستتلاشى في المستقبل وحاليا نرى أن الشباب والعوائل السعودية يتجهون نحو الشقق وهو نابع من تأثير المدنية والنمو الاقتصادي». وبالنسبة إلى انعكاسات ذلك التوجه على رفاهية المواطن السعودي أكد ابن جمعة أن الرفاهية نوع من الوهمية وليست واقعية «الآن زاد عدد السكان والنمو السكاني يصل إلى 2.2 % كأعلى مستوى نمو سكاني في العالم وسيصل عدد المواطنين السعوديين إلى سقف 30 مليون سعودي في حلول 2030 لذا نجد أن إجمالي الناتج المحلي السعودي الحالي لا بد أن يرتفع بمقدار 65 % من أجل المحافظة على مستوى دخل الفرد السعودي» مشيرا إلى أن الرفاهية لن تجد طريقها مع زيادة السكان ومحدودية الموارد «إلى الآن لم يستطع الاقتصاد السعودي تنويع مصادر الدخل لديه». وعن أهمية تفعيل دور صندوق التنمية العقاري أبان الدكتور فهد أن الصندوق يواجه مشكلات متمثلة في أن غالبية المواطنين الراغبين في الحصول على قرض هم في الغالبية يعتمدون على البناء للبيع لذا فإن 300 ألف ريال أو 500 ألف ريال كقرض إذا لم يكن بشكل سريع مع قرب صدور نظام الرهن العقاري فلا فائدة منه. ولفت إلى أنه إذا لم تتوفر المعلومات الخاصة بالسوق العقارية من القطاع الحكومي والخاص لبناء وحدات سكنية متلائمة مع دخل الفرد السعودي الذي يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف فلن تتوفر مساكن للمواطنين لا سيما أن 70 % من المواطنين دخلهم تحت خمسة آلاف «إذا كان التركيز مع نظام الرهن العقاري على الفئة التي يزيد دخلها على خمسة آلاف شهريا فإن الشريحة الكبيرة من المواطنين لن يحصلوا على قرض من البنوك وبالتالي لن يحصلوا على مساكن». وشدد على أهمية بناء الوحدات السكنية الصغيرة لسد الفجوة بين العرض والطلب بأسرع وقت لحل أزمة السكن في المملكة، مشيرا إلى أن الأزمة ستتفاقم مع الخمسة أعوام المقبلة «هذا إذا ما علمنا أن الفئة الشابة «15 25» عاما التي تمثل أكبر نسبة من المجتمع سيكونون مؤهلين للزواج وتظهر الحاجة للمسكن ما يزيد من الأزمة عما عليه الآن». وكان صندوق التنمية العقاري اعتمد أخيرا دفعة قروض جديدة تشتمل على تقديم 20 ألف قرض لبناء 24 ألف وحدة سكنية بمبلغ ستة مليارات ريال تمثل الدفعة الأولى من الدعم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود والمتمثل في زيادة رأسمال الصندوق ب 40 مليار ريال. وقال المدير العام للصندوق المهندس حسن بن محمد العطاس إن هذه الدفعة تعد أكبر دفعة قروض تصدر عن الصندوق منذ تأسيسه تشمل مدن ومحافظات ومراكز المملكة المشمولة بخدمات الصندوق بحسب أولوية تقديم طلب القرض، مؤكدا حرص القيادة الرشيدة على دعم مسيرة البناء والتنمية. وأكد العطاس أن كل مواطن سيلمس أثر الدعم الملكي الكريم من خلال تمويل الصندوق لأعداد كبيرة من المساكن، حيث ستتواصل الدفعات خلال الفترة المقبلة، ما يعني تقليص فترة انتظار القرض من خلال الزيادة الكبيرة في عدد القروض التي سيمولها الصندوق، مبينا أنه بإمكان من صدرت الموافقة على إقراضهم الاستفادة من نظام شراء الوحدات السكنية بنظام الضامن الذي أعلن عنه وزير المالية وذلك لمن يرغب منهم في ذلك .