وصف عدد من العقاريين انتشار ظاهرة الوساطة التمويلية ب «الورم الخبيث» الذي أصاب السوق السعودية، وطالبوا الجهات ذات الصلة بوضع حد لهذه الممارسة غير النظامية التي تلقي بآثار سلبية على حركة القطاع العقاري وتفقد السوق ثقة المتعاملين بها، وترفع أسعار التأجير والتمليك حيث تأخذ بعض المكاتب العقارية في هذه الوساطة نسبة من المعاملات التي تتم بين البنوك والعملاء بحسب اتفاق تمويل عقاري، وقد تصل تلك النسبة إلى 5 % وفقا لمدة السداد، وتدخل المكاتب خط الوساطة بضمان صك الملكية الذي يكون باسم البنك ولا يتم الإفراغ له حتى سداد كامل المبلغ. ويرى نائب رئيس مجلس إدارة شركة ركاز العقارية عبد المحسن القحطاني أن الظاهرة غير نظامية ولها انعكاسات ضارة بسمعة السوق، مشيرا إلى أنها تعزز العشوائية وتفقد الثقة في المتعاملين في السوق العقاري، ولذلك لا بد من ضوابط تكبح جناح المكاتب العقارية من القفز على العلاقة التمويلية بين البنوك وعملائها. غير أن القحطاني لا ينكر ما في هذه الظاهرة من إيجابيات تسهل على كثير من العملاء خاصة من ذوي الدخل المحدود، ولكن لا بد من أن تتم في إطار نظامي يضمن للجميع حقوقهم ويمنع أي سلوكيات غير صحيحة في علاقة البنوك بالعملاء أو المستفيدين من هذا الوضع «في تقديري أنه يجب أن تبادر اللجان العقارية لاحتواء الظاهرة وتقنينها بما يخدم السوق والعملاء لأنه في حال انفلات المكاتب العقارية في هذا السلوك فقد يحدث كثير من المشكلات وربما انطوت على مخاطر غير منظورة في هذا الوقت». شبهات وعشوائية ويؤكد المدير العام لمجموعة الراشد العقارية طارق باسويد أن أي نشاط عقاري ينبغي أن ينضوي تحت المنظومة العقارية والأنظمة المتبعة بصورة رسمية وعملية تدعم النشاط الكلي للسوق «لا نحتاج إلى سلوكيات هامشية غير منضبطة، وينبغي أن نعمل جميعا تحت المظلة الرسمية والأطر القانونية، لأن كل ما يتم خارج هذه الأطر تحوم حوله الشبهات ولا أستبعد أن يتم غسيل أموال في ما هو غير نظامي ولا يخضع للضوابط الرسمية». ويضيف باسويد «أطالب بمعالجة سريعة لأنظمة الوساطات التمويلية، فالسوق العقارية السعودية من أكبر الأسواق الإقليمية ولا نحتاج إلى مثل هذه الظواهر لتنال من سمعته السوقية أو تفرز نتائج غير مرغوب فيها بصرف النظر عن الفائدة المتحققة للعميل أو الممول، ولكن لا بد أن يتم ذلك بحسب النظام والأنظمة الرسمية، وطالما أنه ليست للغرف واللجان العقارية علاقة بذلك يجب أن تلتقط المبادرة وتبدأ دراسة هذه الظاهرة وتقنينها بما يخدم السوق العقارية ويعمل على تطوير نشاطها». إشراف عقاري ويوضح رجل الأعمال حسن محمد آل عبدالكريم القحطاني أن انتشار ظاهرة الوساطة التمويلية جاء بسبب غياب الرقابة على السوق العقارية أو المؤسسات المالية «ما يحدث يتم في إطار حركة الأصول ورأس المال ويجب ضبطه حتى لا يتفاقم، فمن يدخلون بين البنوك والعملاء إنما يسطون على الاتفاقيات الموقعة نظاميا بين الطرفين، ولا ضرر في النسبة التي يأخذها الوسيط المالي ولكن يجب أن يتم ذلك وفقا للنظام، فمجرد العمل بعيدا عن الضوابط يمكن تفسيره بأنه غير شرعي، ولذلك هناك حلقة مفرغة في نشاط أصبح يتسع». ويستطرد القحطاني «بالتأكيد تتحقق مكاسب للعملاء محدودي الدخل من ذلك، ولا نرفض ذلك، ولكن يجب أن يتم ذلك بصورة نظامية، وذلك ما ندعو إلى أن تبادر اللجان العقارية في الغرف التجارية لدراسة الوضع وبحث السبل التي تضعه في الإطار النظامي وتحت إشرافها بالتنسيق مع الوكالات الشرعية أو أي جهة ذات صلة بذلك، لأنه يترتب على هذا النوع من العلاقات التعاقدية حقوق والتزامات يجب أن تحفظ وأن نعرف حركة هذه العقود وضمان عملها داخل الدورة العقارية والاقتصادية» .