مغاسل الموتى في المساجد، لا تخطر على البال إلا مع فقد عزيز، ولا نسمع أن أحدا تفقد أوضاعها أو اقترب منها لأي سبب من الأسباب، مع العلم أن القائمين عليها في مختلف مدن المملكة، أشخاص لا يريدون سوى احتساب الأجر من الله عز وجل. «شمس» دخلت إحدى المغاسل في جدة، وتحديدا في مسجد الغيث بحي النعيم شمالا. وهناك وجدت مغسل الجنائز الشيخ فيصل عبدالعزيز، وعرفت منه كيف يدرك معاني الصبر واستقصاء حقائق الألم والمعاناة. يعلم الشيخ فيصل أن عملهم يبدأ حينما يعطي موظفو ثلاجة الموتى في المستشفيات ذوي المتوفى أرقامهم للتواصل معهم، مشيرا إلى أنهم يوزعون كروتهم وأرقامهم على جميع المستشفيات. وألمح في انتقاد ضمني لتلك المستشفيات، إلى معلومات تخفى على البعض «في كل مستشفى مغسلة موتى، لكن لا تتكفل بنقل الجثة، لذلك يفضل أغلب الناس التعامل مع مغاسل المساجد، قبل انتقالنا إلى الدفن». الشيخ فيصل لم يبخل على «شمس» بسرد مواقف مرت عليه في حجرة الغسل، حين تذكر ابتسامة أحد الموتى، لدرجة أن رائيه يعتقد أنه نائم، كما أشار إلى تساقط لحم من جثة فتاة، بسبب بقائها في الثلاجة قرابة ثلاثة أشهر بعد أن تعرضت لحادث سير، وأدهشته جثة شاب عشريني على يده وشم «رفضت جثته اتجاه القبلة».