لم يكن مستغربا تصريح -مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران- علي خامنئي ، حين قال : (إن لبلاده اليد العليا في متغيّرات المنطقة ، والعالم) ، مشيراً إلى أن طهران : (تقترب من تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط) ، إذ لا فرق -حينئذ- بين أن تكون تلك الأهداف قائمة على لعبة المصالح الإقليمية ، أو معتقدات مذهبية ، أو مستندة إلى جذور قومية ممتدة -منذ عهد الإمبراطورية الفارسية-. فكل ما سبق ، يُعتبر امتدادا للسياسة الخارجية ، وانعكاسا لطبيعة الدولة الإيرانية ، والتي تستند على فكرة (ولاية الفقيه). إن المستقرئ للسياسة الإيرانية ، لن يجد صعوبة في إدراك الأهداف الكبرى لإيران ، -سواء- كانت تلك الأهداف تتصل بمشروعها ؛ للسيطرة على المنطقة ، وتقاسم النفوذ مع المشروع الصهيو أمريكي ، الذي غرز من وضع إيران ، وجعلها أقوى لاعب في المنطقة ، أو بانفرادها بالهيمنة على بعض جيوب دول المنطقة ، وتجزئتها إلى كيانات تابعة إيران ، وهو ما يُعرف ب (سياسة الأذرع) ؛ للعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي في الأوطان ، والدفع باتجاه إحياء المذهبية في أشد صورها -تناقضا وشراسة-. الأبعاد الجيوبوليتية ، والإستراتيجية ، -ومثلها- الأبعاد الثقافية ، والدينية لدولة إيران ، تنطلق من مصالحها الحيوية ، وحماية أمنها القومي ، والإقليمي. فهي ثابتة لا تتغير ، بخلاف إستراتيجيتها في تحقيق سياستها الخارجية ، فهي التي تتغير ؛ من أجل بسط نفوذها ، وهيمنتها على منطقة الشرق الأوسط ؛ لتصبح -بالتالي- القوة الإقليمية العظمى ، عن طريق ممارسة ضغطها على بعض الدول ، بهدف التأثير على مواقفها ، وعلى خياراتها السياسية. ما لم يقله -مرشد الجمهورية الإسلامية- علي خامنئي ، أن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا ، والذي أقام علاقة تحالفية مع إيران -إبان الثورة الخمينية- ، بعد أن سمح غياب الدور الدولي ، والإقليمي لها بالتمدد في سوريا ، وأدخل المنطقة في أزمة حادة ، سيعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة ، ونفوذها في معادلة التوازن الإقليمي ، الأمر الذي سيترتب عليه ضربة كبيرة للسياسة الخارجية الإيرانية ، وفقدها لأحد أهم أوراقها الإستراتيجية في المنطقة ، وذلك -من خلال- بتر ذراعها ، بل وخنقها ، عندما تدرك طهران : أن سوريا على أعتاب مرحلة جديدة.