سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الرؤساء العرب" في أمريكا اللاتينية.. سياسيون أنصفوا القضايا العربية العادلة أحفاد مهاجرين من لبنان وسوريا وفلسطين تمكنوا من الوصول لسدة الحكم والتأثير في مجتمعاتهم
في الوقت الذي تتم فيه الآن فعاليات القمة "العربية- اللاتينية" تستحضر الذاكرة الذهنية الوجود العربي في أمريكا اللاتينية بشكل عام. هذا الوجود الذي تَفَوّق في حالات عديدة للوصول إلى أعلى حضور سياسي في سدة الحكم ومناصب سياسية مرموقة. وهو ما يفسر -بحسب بعض الآراء- الدعم والتعاطف مع بعض القضايا العربية الهامة. وبلا شك فإن نمو العلاقات بين الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية متزايد بدءاً من التسعينيات. الوجود العربي توصله بعض الإحصاءات إلى أكثر من 45 مليوناً، ويبرز أكثر في البرازيلوفنزويلاوالأرجنتين، تليهما التشيلي والمكسيك؛ أما الأقل فهو في البيرو والباراغواي.
أحفاد المهاجرين العرب تَمَكّنوا من تحقيق تغلغل عصامي ممتاز بين هذه الشعوب المتباينة معهم في العادات والتقاليد والأعراف خصوصاً مع حاجز اللغة؛ إلا أن ذلك لم يشكل عائقاً؛ فسجل التاريخ وصول بعض الأحفاد إلى الحكم؛ فوجدنا في تاريخ المكسيك عام 1930 وصول الياس انكايسي للحكم، وأنطونيو السقا في السلفادور, وفي كولومبيا عام 1978 حين ترأسها خوليو سمير طربيه.
وفي التسعينيات وثّق التاريخ في الأرجنتين واحداً من أشهر الأسماء وهو د.كارلوس منعم الذي يعود إلى أصول سورية. أما في جمهورية الإكوادور وهي دولة في شمال غرب أمريكا الجنوبية يمر فيها خط الاستواء؛ فوصل إلى سدة الحكم عدة رؤساء من أصل عربي، أشهرهم عبد الله بوكرم، الشهير ب"اللوكو" (أي المجنون) (1996- 1997) وجميل معوض (1998- 2000).
وفي البرازيل مثلاً تبلغ نسبة عدد الأعضاء من أصول عربية في مجلس الشيوخ81 عضواً، نحو 15%, وفي مجلس النواب 513 عضواً نحو 20% وتمتلك الجالية العربية في ساو باولو قناة تليفزيونية ووكالة أنباء، ويشغل المصريون مواقع مرموقة كأساتذة بالجامعات.
ليس فقط الوصول للحكم هو كل شيء برغم أنه قمة الهرم؛ فهناك مفصليات في هذه الدول لعبها عرب. وكمثال فقد ساهم السوري عبد الله حداد في تخطيط مدينة سان باولو البرازيلية التي تعتبر اليوم من أكبر دول العالم الصناعية والتجارية؛ بينما تمكَّن اللبناني ميشيل برصونا من تأسيس بورصة كوستاريكا عام 1976.
الاحترام اللاتيني للوجود العربي منذ زمن طول وكمثال عام 1956 عندما أوصى زعيم الأرجنتيني الراحل خوان بيرون من منفاه في إسبانيا، بدعم القضية العربية في مجلس الأمن والمحافل الدولية الأخرى, كما كان لمعظم البلدان اللاتينية موقف ثابت وواضح في نصرة الشعب الجزائري للتحرر من الاستعمار الفرنسي, وحين قامت "إسرائيل" بعدوان عام 1967 طرحت دول أميركا اللاتينية مشروع قرار على مجلس الأمن يدعو للانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري المحتل. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية دعمت أميركا اللاتينية حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة, ووقف بناء المستوطنات.
وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008- 2009 أصدر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بياناً أكد فيه أن "إسرائيل" والنازية وجهان لعملة واحدة.
هذا في حين طرد الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز السفير الإسرائيلي من العاصمة كاراكاس, وقطع العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل", وبموازاة ذلك دعا الرئيس البوليفي إيفو موراليس إلى رفع دعوى ضد "إسرائيل" في المحكمة الجنائية الدولية.
كما اتخذت معظم دول أميركا اللاتينية مواقف مطالبة برفع الحصار عن غزة, ووقف ممارساتها اللا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وتُوّج ذلك حين تأسست القمة العربية- اللاتينية بمبادرة من قِبَل الرئيس البرازيلي`دا سيلفا, التي وجدت صدى في العالم العربي؛ حيث عقدت القمة الأولى بالعاصمة البرازيلية في مايو 2005م.
وتعد الأرجنتين ثاني دولة في أمريكا اللاتينية تضم مواطنين من أصول عربية ويبلغ عددهم نحو1.2 مليون نسمة من بين 38 مليوناً، بإجمالي عدد السكان وبرغم ان نفوذهم الاقتصادي أقل إلا أن لهم نشاطات سياسية واسعة وخرج من بينهم أول رئيس أرجنتيني من أصل عربي هو كارلوس منعم.
وتأتي فنزويلا في المرتبة الثالثة حيث يبلغ عدد ذوي الأصول العربية نحو مليون نسمة؛ لكنها تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد المواطنين المسلمين الذين يبلغ عددهم نحو 400 ألف نسمة.
وتأتي شيلي في المرتبة الرابعة؛ حيث يبلغ عددهم نحو 600 ألف نسمة؛ 500 ألف منهم من أصول فلسطينية (أكبر تجمع فلسطيني خارج فلسطين) والباقي من أصل سوري ولبناني من بين 15 مليون نسمة إجمالي عدد سكان شيلي.
هذا الحراك كان من الطبيعي أن يثمر عن مؤسسات مختلفة الأهداف. ويمكن هنا الإشارة إلى عدد من أهم المنظمات العربية والإسلامية التي تنظم جهود الجاليات. كما تنتشر المراكز الإسلامية في أغلب عواصم دول أمريكا اللاتينية ومن أهمها المركز الإسلامي بساو باولو والمركز الإسلامي في كاراكاس والمركز الإسلامي في سنتياجو.
أما الحضور الثقافي والأدبي فهو مميز جداً. وتمتلئ كتب الأدب والشعر بالكثير عن أدباء ومثقفي المهجر.