"أخيراً أصبح لنا مساحة بين الأولويات".. بتلك الكلمات البسيطة البليغة عبَّر الشاب "سلطان عساف" عن سعادته بإقامة المعرض السعودي الدولي لمستلزمات ذوي الإعاقة، الذي افتُتح مساء أمس الأول بمركز الرياض للمعارض بحضور أكثر من 100 شركة ومؤسسة وجهة، عرضت أحدث ما تم ابتكاره في عالم التجهيزات والبرامج والوسائل المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة. ويقول "سلطان" خلال تجوله في ردهات المعرض بصحبة أسرته: "يمكن أن نوصف هذه المناسبة بملتقى إنساني علمي اجتماعي، يحتفي بالمعوقين وذويهم، ويؤكد لهم أن هناك من يعايش قضيتهم، ويتلمس احتياجاتهم، ويدرك حجم دورهم في المجتمع.. إننا أمام تجمع حضاري، يعكس مستوى الرعاية المقدَّمة للمعوقين في السعودية، والمساحة التي تحتلها قضية الإعاقة في القطاعين الخيري والاقتصادي".
وتلفَّت "سلطان" حوله داعياً الجميع إلى مراقبة حجم السعادة والفخر على وجوه مئات المعوقين الذين يتجولون في طرقات المعرض، ويطلعون على معروضات الأجنحة بكل شغف واهتمام. قائلاً: "إن مقياس نجاح هذه المناسبة هو حضور هؤلاء، أصحاب القضية وذويهم. أدعوك لتتبع ذلك.. إنهم يوجدون في كل ركن، ويستفسرون عن كل جهاز، ويطلعون على كل برنامج.. هذا هو التفاعل والنجاح الحقيقي".
ووجَّه "سلطان" وأسرته التحية إلى جمعية الأطفال المعوقين والشركة المنظمة للمعرض لثاني مرة قائلاً: "لقد كان المعرض فرصة للقاء الكثير من المعارف من الإخوة المعاقين. وأستطيع أن أؤكد أن هناك إجماعاً على أن جمعية الأطفال المعوقين هي الحاضنة الأولى لقضية الإعاقة في السعودية، مؤسسة رائدة متميزة، تسبق الجميع بخطوات، وتتبنى مبادرات راقية، تلامس احتياجات المعوقين وذويهم.. إنها تنوب عن الكثيرين في حمل راية هذه القضية.. لهم مني ومن زملائي كل الشكر والعرفان، وجزاهم الله خيراً على ما يقدمونه للآلاف من الأطفال المعاقين سنوياً".
وكان المعرض الذي تواصلت فعالياته حتى مساء أمس قد انطلق مساء أمس الأول الثلاثاء تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، ورعى حفل الافتتاح وكيل إمارة منطقة الرياض الأستاذ عبد الله مجدوع القرني. وتميزت الدورة الثانية من المعرض بحشد ضخم لقطاعات حكومية وشركات ومصانع وجامعات وهيئات متخصصة ومؤسسات رعاية. وضجت أروقة المعرض بحضور غير مسبوق من العاملين في مجال رعاية المعوقين، ومن الجمهور والأشخاص ذوي الإعاقة ووسائل الإعلام.
وتضمن حفل الافتتاح تكريم رعاة المعرض، وجولة في الأجنحة المشاركة، اطلع خلالها الضيوف على أحدث الأجهزة والوسائل المساعدة وبرامج الرعاية والتأهيل التي عرضتها الشركات والمؤسسات والوزارات والجمعيات. وقدم مسؤولو الأجنحة شرحاً حول تلك التجهيزات والابتكارات وآليات الاستفادة منها.
وصباح أمس الأربعاء بدأت فعاليات ورش العمل المتخصصة، التي تناولت عدداً من الموضوعات، منها "الإعاقة الخفية"، بورقة عمل قدمها عبد العزيز إبراهيم البدر، عضو مجلس إدارة جمعية صعوبات التعلم، وأخرى بعنوان "فنون التصوير الفوتوغرافي"، قدمها محمد السعد (كفيف ومصور فوتوغرافي)، وثالثة بعنوان "بوابة الوصول"، قدمها عبدالإله المطيري، مدير البيئة الجامعية والصحة المهنية بجامعة المجمعة. وقدم الأستاذ عبد الله بن محمد الدخيل، مساعد الأمين العام لجمعية الأطفال المعوقين، ورقة عمل عن المسؤولية الاجتماعية. وعن "قوة التحفيز" قدم محمد الشريف المدرب الدولي ورقة عمل.
وصباح الخميس تُقام ورشة عمل، تضم ست محاضرات، الأولى للمدير العام للعلاقات العامة والإعلام بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض عسكر الحارثي، عن المسؤولية الاجتماعية، وأخرى للبروفيسور زايد الزايد رئيس قسم العظام بمستشفى الملك فيصل التخصصي، والثالثة للدكتور حسام أبو حية من مركز رعاية النظر، ثم يقدم المخترع المهندس مهند أبو دية تجربته بعنوان "أسرار التحدي"، ويلقي نايف الصقر مدير مركز صائب الهدف للتدريب محاضرة عن صعوبات التعلم، والأستاذ محمد حسين النحوي محاضرة عن حاسة السمع.
ويشارك في المعرض وزارات (الصحة، العمل، النقل والمواصلات، الشؤون الاجتماعية، الشؤون البلدية والقروية والإعلام والثقافة)، إلى جانب مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، ومدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني، وجامعة المجمعة، والعديد من المؤسسات الخيرية العاملة في مجال رعاية المعاقين.
وأعرب بلال البرماوي، المدير التنفيذي للمعرض ومدير "الهضبة" للتنظيم، عن اعتزازه بما لقيه المعرض من تفاعل غير مسبوق من قطاعات عديدة، وبما حظي به يوم الافتتاح من حضور مكثف ومشاركة فاعلة من الجمهور.
وأشار إلى أن ذلك يعكس وصول رسالة هذا الملتقى العلمي الإنساني إلى المجتمع. ووجّه "البرماوي" شكره وتقديره إلى الجهات الراعية لهذا الحدث والشركات والمؤسسات المشاركة، معتبراً نجاح المعرض يعكس في المقام الأول التطور الذي تشهده قطاعات الرعاية الصحية والتأهيلية ومنظومة الخدمات المقدمة للمعوقين في السعودية، التي تشهد سنوياً نقلة نوعية، يلمسها المهتمون بهذا القطاع.