في كلمات تقطر ألماً وسخرية، يرى كاتب صحفي، أن أمين جدة يستحق بجدارة وامتياز، جائزة أفضل عمدة التي ينافس في نيلها ضمن 26 عمدة من مختلف دول العالم ببريطانيا، الشهر المقبل؛ لأن جدة هي المدينة "الغارقة في مياه الصرف الصحي، وتتعايش مع الفئران والصراصير، ومنها انطلقت أشهر الأوبئة والأمراض". وفي شأنٍ آخر، يرى كاتب أن السعودية تمتلك ترسانة ضخمة من وسائل الإعلام، لكن جزء كبير من هذه الترسانة - مع الأسف - شبه مُعطَّل نتيجة لضعف المهنية وغلبة الفكر التقليدي القديم والافتقار لرؤية شاملة تحرّك تلك الترسانة.
مدينة الصرف الصحي والأمراض
في كلمات تقطر ألماً وسخرية، يرى الكاتب الصحفي محمد علي الزهراني، أن أمين جدة يستحق بجدارة وامتياز، جائزة أفضل عمدة التي ينافس في نيلها ضمن 26 عمدة من مختلف دول العالم ببريطانيا، الشهر المقبل، معدداً مؤهلات جدة لنيل الجائزة، فهي المدينة "الغارقة في مياه الصرف الصحي، وتتعايش مع الفئران والصراصير، ومنها انطلق فيروس "كورونا"، وتستوطنها حمّى الضنك، ولأهلها الصبر على المكاره".
وفي مقاله "أهل جدة .. يستاهلون!!" بصحيفة "المدينة"، يقول الزهراني "لستُ مع الذين يقلّلون من شأن جائزة "أفضل عمدة" التي ينافس أمين جدة على نيلها ضمن 26 عمدة من مختلف دول العالم ببريطانيا الشهر المقبل. فالجائزة تقدمها "مؤسسة عُمَد المدن الخيرية بلندن" للعُمدة الذي يحقق مساهمة متميّزة لمجتمعه أو طوّر رؤية متقدمة للمعيشة والعمل في مدينته".
ويحدّد الكاتب أن الجائزة هي لصبر أهل جدة على المكاره، ودور العُمد والأمانة في تدريب أهلها على هذا الصبر، ويقول "لأن في جدة أكثر من عمدة يمارسون مهامّ غير مهامّ نظرائهم في الدول الأخرى فقد أحسنت الأمانة في ترشيح أمينها ممثلاً لكل العُمد .. وبما أن الجائزة خيرية فأعتقد أن "عُمد جدة" هم الأجدر بها تقديراً لعصاميتهم وتضحياتهم فقد قدموا رؤى رائعة، مكّنوا سكانها من التعايش والصّمود مع كل الظروف الصعبة التي مرّت بمدينتهم الحالمة".
وفي منتصف المقال تعلو اللغة الساخرة واللاذعة واصفة أوضاع جدة "المحظوظة"، حين يقول الزهراني "جدة مدينة محظوظة، انفردت بالكثير من الأولويات التي تؤهلها للمنافسة على كل جوائز العالم العصامية والخيرية. فهي أول مدينة تستورد أمانتها 9 آلاف غراب لخلق التوازن البيئي.. وأول مدينة تستوطنها حمّى الضنك.. وأول مدينة تشيّع 120 ضحية في كارثة السيول.. وهي المدينة الوحيدة التي تتحوّل أنفاقها وشوارعها وأحياؤها كلما أمطرت السماء، إلى مناطق حرجة ومسابح مفتوحة، وصلت هذا الاسبوع إلى 712 مسبحاً لا مثيل لها في العالم. جدة مدينة تحدّت كل الآثار البيئية رغم أن الصرف الصحي لا يخدم إلا 27 % من أحيائها .. من جدة انطلقت حمّى الكورونا، إلى بقية المدن ومع ذلك مارس سكانها وعُمدها حياتهم بشكل طبيعي على ضفاف أول كورنيش من نوعه تتعايش فيه الفئران والصراصير مع الزوّار و600 مصبّ تتدفق منها المياه والمخلفات بمئات الألوف من الأطنان .. هي العروس العنيدة التي قاومت هذا الأسبوع حلول تصريف السيول بشراسة وعانت 20 ملم من الأمطار من الوصول بسهولة إلى أنابيب المليارات ومشروعات التصريف والحماية.. لتثبت لكل دول العالم أنها عروس متمرّدة متبخترة، لا تستهويها المساحيق وجراحات التجميل .. في جدة 52 حياً عشوائياً ومنطقة صناعية يطلّ عليها أسوأ مطار في العالم وفيها أول جمعية من نوعها تسمى جمعية أصدقاء الحفر، وأخرى لسلفي ضحايا الحفر. هنا فقط تبتلع البالوعات الناس وتلفظ المطر!".
ولا يتخلى الكاتب عن السخرية حتى آخر مقطع، حين يقول "عتبي على كل "المتوترين" الذين يقولون: إن الطاسة ضائعة في جدة لأنهم لا يرون إلاّ النصف الفارغ من شوارعها .. كلّ ما أتمنّاه أن تكون لجنة التحكيم منصفة، وأن تمنح "عُمد جدة" وسكّانها والأمانة هذه الجائزة، فهم يستحقونها بجدارة وامتياز".
"كاتب": ضعف المهنية عطّل إعلامنا
يرى الكاتب الصحفي د. سعود كاتب، أن السعودية تمتلك ترسانة ضخمة من وسائل الإعلام، لكن جزء كبير من هذه الترسانة - مع الأسف - شبه مُعطَّل نتيجة لضعف المهنية وغلبة الفكر التقليدي القديم والافتقار لرؤية شاملة تحرك تلك الترسانة.
وفي مقاله "هل الصحافة علم أم فن؟" بصحيفة "المدينة" يتساءل كاتب "هل الصحافة علم أم فن؟ هل يمكن لكليات الإعلام أن تصنع صحفيا موهوبا؟ كيف تفسر حقيقة أن أكثر الإعلاميين الناجحين لم يدرسوا الإعلام ولكنهم اكتسبوا مهارات العمل الصحفي بالممارسة فقط؟ .. هذه الأسئلة كثيراً ما تتردد عليّ سواء من قِبل طلابي في الجامعة أو من بعض الصحفيين أو على شبكات التواصل الاجتماعي. والحقيقة أن ما أسمعه حول هذا الموضوع يتعدى ذلك، حيث فاجأني أحد قدامى الإعلاميين بالقول إنه يعتقد أن كليات الصحافة والإعلام مضيعة للوقت وإن مهارات الإعلام لا تُدرَّس في قاعات الجامعات بل تكتسب في غرف التحرير والميدان. كما قال لي أحد طلابي إنه يدرس الإعلام مجبراً ولو توافرت له وظيفة في مؤسسة صحفية لاختصر الطريق وترك الجامعة وذهب إليها!".
ويعلّق كاتب على النقاش قائلا "صحيح أن لدينا جيلاً رائعاً من كبار الإعلاميين المبدعين الذين لم يلتحقوا يوماً بكليات الإعلام، لكن الحقيقة التي ينبغي ذكرها أيضاً هي أنه عند بدايات ظهور ذلك الجيل لم تكن في المملكة أي كليات إعلام وبالتالي لم يكن هناك بديل آخر. هذا الأمر اختلف تماماً اليوم نتيجة لوجود عديد من كليات الإعلام في جامعاتنا وعودة كثير من المبتعثين السعوديين الذين درسوا الإعلام في أفضل جامعات العالم".
ثم يجيب كاتب عن هذا التساؤل "هل الصحافة علم أم فن؟" قائلاً "عودة إلى سؤال هل المهارات الصحفية موهبة تولد مع الإنسان أم أنها شيء مكتسب بالتدريب والتعليم، فإني أرى أنها مزيج من هذا وذاك. هذه القناعة ترسّخت لديَّ من خلال تدريسي للإعلام في الجامعة وعملي لسنوات طويلة في مؤسسات إعلامية، فالطالب الذي يتخصص إعلام دون أن يكون لديه عشق للصحافة ودون أن يمتلك الصفات الشخصية التي تحتاج إليها المهنة مثل الإصرار والفضول وقوة الشخصية، فالأغلب أنه لن يُكتب له أن يكون صحفياً جيداً. جميع هذه الصفات الشخصية من ناحية أخرى لن تكون كافية لتأهيل ذلك الشخص ليكون صحفياً اليوم خاصة بعد التغييرات الكبيرة التي أحدثتها تكنولوجيا الإعلام الجديد وأصبح معها لزاماً على الصحفي أن يكون ملماً بكثير من المهارات الفنية الجديدة إضافة للمهارات الأساسية كمعالجة الصور والفيديو، والبحث عن المعلومة وإخبارها بدقة وفي الوقت المحدد".
وينهي كاتب محدداً علة الإعلام في المملكة حين يقول "أعتقد أننا في المملكة نمتلك اليوم ترسانة ضخمة من الوسائل الإعلامية الصادرة من داخل الوطن وخارجه.. جزء كبير من هذه الترسانة - مع الأسف - شبه مُعطَّل نتيجة لضعف المهنية وغلبة الفكر التقليدي القديم والافتقار لوجود رؤية شاملة تضع حداً أدنى من الأسس المشتركة التي تجعل تلك الترسانة تعمل من ناحية كمحرك واحد فائق القوة، وتترك لمكوناته من ناحية أخرى حرية العمل لتحقيق أهدافها الخاصة".