ثار جدل في مصر بعدما كشفت صحيفة مصرية بنود عقد الحكومة المصرية مع سمو الأمير الوليد بن طلال لبيع 100 ألف فدان في مشروع وادي توشكي جنوب مصر، والذي يشير- حسب الصحيفة- إلى أن الأمير الوليد حصل على مزايا وتسهيلات غير مسبوقة، لا تتناسب مع حجم الإنفاق الكبير للدولة على "البنية القومية" للمشروع البالغة أكثر من 6 مليارات جنيه، في الوقت الذي كان مردود ما أنجزته شركة "المملكة" في مجال الاستصلاح ضعيفاً. وكانت صحيفة "المصري اليوم" قد كشفت بداية فبراير عن بنود العقد، الذي تم توقيعه بين الحكومة المصرية وشركة المملكة القابضة والتي يرأسها سمو الأمير الوليد بن طلال، بعد موافقة مجلس الوزراء في 12 مايو 1997، أثناء تولي الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الحكومة، وقامت اليوم الأربعاء بنشر نصوص العقد كاملة. وقالت الصحيفة: تتضمن المادة الثالثة من العقد بيع100 ألف فدان لصالح شركة المملكة، بواقع 50 جنيهاً مصرياً لكل فدان من المساحة المزمع تطويرها، على أن يدفع الوليد 20% من قيمة الشراء الإجمالي عند التوقيع، والباقي يتم دفعه حسب اتفاق الطرفين، وعند سداد كامل ثمن الأرض يمنح الطرف "الثاني"، وهو شركة الوليد، حق الامتلاك المطلق لكامل المنطقة الواقعة فيما بين الإحداثيات المذكورة في المادة الثانية من العقد، وتسجيلها باسمه، على أن تلتزم الحكومة بتقديم ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة الأرض المذكورة. وتتضمن الفقرة نفسها أن الأرض "لن تكون خاضعة لأي أعباء حكومية أو أتعاب أو رسوم، ولن تكون خاضعة لأي أنظمة تخطيط أو إنشاء في المنطقة، كما لن تخضع لأنظمة التقسيم إلى مناطق في الحاضر أو المستقبل". وطبقاً لبنود العقد تلتزم الحكومة المصرية بتوفير المياه لأراضى الوليد، وتشييد الفرع رقم 1 على نفقتها وبمعدلات قصوى للتدفق يتم تحديدها بمعرفة شركة المملكة، بالإضافة إلى التزامها بإقامة محطات رفع المياه لري هذه المساحات، كما ورد في المادة الرابعة من العقد. وينص العقد أيضاً- طبقاًً للصحيفة- على التزام الحكومة من الناحية المالية والنواحي الأخرى بتشغيل وصيانة قناة الشيخ زايد والفرع رقم 1، مع التزام شركة المملكة بدفع 5 قروش عن كل متر مكعب من المياه، بينما تنص المادة الخامسة من العقد على أن تضمن الحكومة المصرية للشركة القيام بإمدادها بالمياه الكافية لري صافي المنطقة المزروعة. وتنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة على أن تقوم مصر بمنح شركة الوليد الحق المطلق وغير المقيد في الوصول إلى المياه من الفرع رقم 1 وذلك على مدار 24 ساعة يومياً، ولمدة 365 يوماً في العام، و"ينبغي عدم إيقاف أو قطع هذا الإمداد للمياه في أي وقت ولأي سبب مهما يكن، إلا في حال وجود موافقة خطية من الشركة، يتم الحصول عليها على الأقل قبل شهرين من حدوث واقعة الانقطاع أو الإيقاف عن إمداد المياه". ويحق للوليد، طبقاً لبنود العقد، وضع جدول تنفيذ المشروع، كما يحق له استخدام جميع المياه الجوفية والسطحية المتوفرة في أراضي المشروع. وتضيف الصحيفة: أن البند الوحيد، الذي تلوح الحكومة باستخدامه لمنع الوليد من بيع الأراضي المخصصة له لآخرين، هو المادة التاسعة التي تنص على أنه لا يسمح للطرف الثاني، وهو شركة المملكة الزراعية، التصرف في هذه الأراضي أو في أي جزء منها دون الحصول على موافقة الدولة. وحسب الصحيفة: اعتبرت مصادر رفيعة المستوى بوزارة الزراعة أن المادة الثالثة عشرة من بنود العقد، تشكل انتهاكاً لمكانة الدولة على أراضيها، وذلك لموافقتها على اللجوء إلى التحكيم الدولي طبقاً لقوانين المصالحة والتحكيم الخاصة بالغرفة التجارية الدولية وبواسطة 3 محكمين باللغة العربية، إذا لم يتم حل الخلافات بين الطرفين بالطرق الودية خلال شهر. وتضمن الملحق الوحيد للعقد منح شركة الوليد بن طلال إعفاء كاملاً من جميع الضرائب والأتعاب والرسوم لمدة 20 عاماً بعد بدء إنتاج10 آلاف فدان من الأراضي المخصصة للشركة، بالإضافة إلى حقها في دفع أقل المعدلات المدفوعة من المستخدمين المصريين للكهرباء التي تستخدمها الشركة في أعمالها بالمشروع. وتضمن ملحق العقد كذلك حق شركة المملكة في اختيار أنواع المحاصيل وتشكيلاتها المتنوعة وبرامج المحاصيل بدون موافقة رسمية مسبقة من مصر، فضلاً عن حقه في عدم الخضوع لأي قيود تتعلق بالحجر الصحي، كما أن له حقاً غير مقيد في استيراد أي من فصائل أو أنواع النباتات والبذور أو الحيوانات، أو أي مدخلات أخرى مطلوبة دون موافقة رسمية مسبقة، بالإضافة إلى الاستخدام المجاني لشبكة الطرق المصرية. وتقول الصحيفة: إن العقد يكشف عن حصول الأمير الوليد على مزايا وتسهيلات غير مسبوقة، لا تتناسب مع حجم الإنفاق الكبير للدولة على "البنية القومية" للمشروع البالغة أكثر من 6 مليارات جنيه، في الوقت الذي كان مردود ما أنجزته شركة "المملكة" في مجال الاستصلاح ضعيفاً. وحسب الصحيفة: اعتبر خبراء مصريون في الزراعة والقانون- رفضوا ذكر أسمائهم- أن عقد التخصيص الصادر لصالح شركة "المملكة للتنمية الزراعية- مصر"، هو عقد "إذعان" تسبب في "إضعاف هيبة الدولة" على أراضيها طبقاً للنصوص التي تم الاتفاق عليها بين الحكومة والشركة، ويمثل "أخطر العقود التي أبرمتها الدولة مع أطراف أجنبية منذ امتياز حفر قناة السويس". وأضافت الصحيفة: رأت مصادر رسمية بوزارة الزراعة أن نصوص الإذعان في العقد وراء مماطلة الوليد في استصلاح المساحات المخصصة له، على الرغم من أنه يتمتع بجميع المزايا المشجعة على الاستثمار الزراعي، من خلال تخصيص أفضل المساحات ضمن أراضي المشروع البالغة 540 ألف فدان بمختلف الفروع.